متلازمة أهلرز-دانولز (Ehlers-Danols syndrome)
في أحد أفلام الكارتون كان البطل يتميز بقدرة جلده على التمدد ومفاصله على التحرك في اتجاهات مختلفة، ولكن في واقعنا هل يوجد ذلك البطل؟
لن نكذب عليكم ونخبركم أنه يوجد بنفس النمط أو البطولة، ولكن يوجد بعض الأفراد وهم قلة ممن يعانون من متلازمة تجعل صاحبها ذا جلد قابل للتمدد، ومفاصل قابلة للحركة، وأولئك هم أصحاب متلازمة أهلرز دانولز!
متلازمة أهلرز هي حالة يصاب فيها النسيج الضام للأفراد ببعض الخلل، يظهر بشكل أولىّ في الجلد، المفاصل وجدران الأوعية الدموية. والنسيج الضام هو خليط من مجموعة من البروتينات مع بعض الأشياء الأخرى التي توفر القوة والليونة والمرونة للمكونات التحتية في الجسم، وهذا بدوره يُنتِج جلدًا قابلًا للتمدد بشكل كبير ومفاصل متحركة وجلد ضعيف إذا ما أصيب بجرح واجه صعوبة في الإلتئام وصعوبة في إجراء خياطة لضم الجلد لبعضه. ويُوجَد نوعٌ آخر من متلازمة أهلرز دانولز، وهو نوع وعائي ويعد أخطر من نظيره الضامي؛ لأنه يؤثر على جدران الأوعية الدموية، الأمعاء والمثانة مسببًا انفجارها، كما أنه يتسبب في مشاكل خطرة في حالة حدوث حمل.
ولهذه المتلازمة عدة أعراض، فالنوع الأول -وهو الذي يصيب النسيج الضام- له ثلاثة أعراض مميزة وهي:
١-ثني المفاصل بدرجة فائقة، فنظرًا لضعف النسيج الضام المسئول عن ربط المفاصل ببعضها البعض؛ يعطي لها ذلك الفرصة للحركة في مسارات أبعد من المعتاد للحركة، وقد يصاب الفرد بخلع وألم في المفصل.
٢-جلد متمدد، وتمدد الجلد بشكل مفرط هو أحد أشهر الأعراض، فصاحب هذه المتلازمة له القدرة على الإمساك بمساحة شاسعة من جلده بعيدًا عن اللحم، ولا تلبث أن تعود إلى مكانها عند تركها كما أنه قد يصبح مخملي الملمس.
٣-جلد هش، فيصبح من السهل أن يجرح ومن الصعب أن يلتئم. هذا هو ما عليه صاحب متلازمة أهلرز دانولز، فهو سهل الإصابة بالجروح؛ نظرًا لجلده الضعيف، كما أن إمكانية الخياطة لضم الجرح تبوء بالفشل؛ فهو يتقطع وينفصل جراء الخياطة تاركًا خلفه ندبة دائمة.
إن هذه الأعراض تختلف من شخص لآخر، فلاينفك أن يصاب أحدهم بسهولة انثناء المفاصل ولكن لا يصاب جميعهم بالأعراض المتعلقة بالجلد.
أما النوع الآخر وهو الوعائي، وأصحاب هذا النوع يتشاركون بعض معالم الوجه المميزة؛ فهم يمتلكون أنوفًا رفيعة، شفاهً علوية رفيعة وعيونًا جاحظة، كما أن جلدهم يتميز بأنه قابل لتمرير الضوء، وبعضهم يمكن رؤية الأوعية الدموية له بشكل واضح، وأيضا سهل الإصابة بالكدمات. وهذا لا يعد شيئًا مقارنةً بما يحدثه للأوعية الدموية، فهو قادر على إضعاف أكبر الأوعية الدموية (الأورطى)، كما هو الحال للشرايين الأخرى التي تغذى مختلف أعضاء الجسم، وانفجار أى من هذه الأوعية الدموية الكبيرة قد يكون قاتلًا، وغير ذلك فهو أيضًا يؤثر على جدران الأمعاء والمثانة مسببًا في بعض الأحيان انفجارها، كما أنه قد يؤثر على جدار الرحم في حالة حدوث حمل.
وبعد التعرف على الأعراض، نتعرف الآن على أسباب هذه الحالة. فالأنواع المختلفة من متلازمة أهلرز دانولز مرتبطة بمجموعة مختلفة من العوامل الجينية بعضها ينتقل من الأباء للأبناء ويُورَّث، في حال امتلاك٥٠٪ أو أكثر من هذه العوامل ففرصة أن ينتقل إلى الأبناء تزيد. وتختلف المشاكل الناتجة عنها باختلاف الأعراض، فأصحاب المفاصل عالية الانثناء أكثر عرضة للخلع والتهاب المفاصل المبكر، وأصحاب الجلد الهش أكثر عرضة للحصول على ندبات واضحة، أما أصحاب النوع الوعائي فهولاء في خوف دائم من التعرض لانفجار أيٍ من الأوعية الدموية الكبيرة أو الأمعاء أو المثانة والرحم في أي وقت.
إن أصحاب هذه المتلازمة في حاجة ماسة لاستشارة أخصائيين في الجينات والوراثة، وذلك في حالة رغبتهم في تكوين أسرة؛ لتحديد الأسس التي عليهم اتباعها لتجنب انتقال الظاهرة للجيل القادم. أما بالنسبة للمصابين فحتى هذه اللحظة لايوجد علاج بالمعنى الفعلي لمتلازمة أهلرز دانولز (Ehleras Danols syndrome )، ولكن كل ما يمكن فعله هو علاج الأعراض والوقاية من المشاكل المصاحبة للمرض. فإن متلازمة أهلرز دانولز (Ehleras-Danols syndrome) هي ظاهرة تحتاج أن يتكيف صاحبها معها ويتقبلها، ويعمل على معرفة الكثير عنها؛ لتجنب مشاكلها والاستفادة من الفرص المتاحة أمامه للوصول لأعلى درجة من الأمان فيها.
كتابة: نهاد عادل
مراجعة: عبدالله طاهر
تصميم: أميرة فيصل
تحرير: زينب