الأحياء

الآلية التي يتواصل بها النحل تكمن في رؤوسنا!

أتعلم أن النحل يتواصل كما تتواصل خلاياك العصبية ؟ ولتفهم الكيفية أريدك أن تتخيل ذلك الحوار بين هاتين النحلتين ثم سأخبرك.
“نحلة 1: هل قمتى بجمع الرحيق من هذه الزهرة؟
نحلة 2: أجل، كل شيءٍ على ما يرام.
نحلة 1: إذن هيا بنا، فلنعد للخلية.”
نعم، ذلك حوار بين نحلتين، إنهما يتواصلان معًا كتواصلك مع صديقك، ولكن ليس التواصل باللسان مثلنا، وإنما يكون بإشاراتٍ ما سنتعرف عليها الآن.

 

إن أدمغة النحل مثيرة بشكلٍ لا يصدق، إذ أن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن أفراد جماعة النحل الواحدة يتصرفون بشكلٍ مدهش مثل الخلايا العصبية في الدماغ البشري، فكل نحلة تساوي خلية عصبية في العمل. والمثير أن التفاعل بين أدمغة هذه الكائنات، يمكن أن يخبرنا بشيءٍ أو اثنين عن كيفية اتخاذ أذهاننا للقرارات.
فقد قام فريق من الباحثين من جامعة شيفيلد “Sheffield” في المملكة المتحدة بتطبيق نموذج نظري يستخدم لدراسة علم النفس البشري على سلوك مستعمرات النحل، مع أنه من غير المعتاد أن يقوم العلماء بالعمل على معرفة ما إذا كانت الحيوانات تتبع أنواع من القوانين النفسية التي تحكم أدمغتنا البشرية، ولكن قد قاموا بفعل ذلك هذه المرة. فعلى سبيل المثال، في مجال علم النفس الفيزيائي، هناك قاعدة تسمى قانون ويبر “Weber’s law” والتي توضح العلاقة بين حجم التحفيز والزيادات الملحوظة في حجمه.

 

ولتبسيط القاعدة سوف أعطيك مثالًا، تخيل أنك تحمل في حقيبتك تفاحة، ثم قمت بحمل ثلاثة، هل ستشعر بالفرق؟ بالطبع نعم، لكن إذا قام شخص ما بوضع عدد قليل من التفاح سراً في حقيبتك فوق طاقتك، فمن المستبعد أن تكتشف الفرق. وقد لوحظت هذه القاعدة العامة حول التحفيز والإدراك في جميع أنواع الحيوانات من الثدييات إلى الطيور إلى الأسماك. ولوحظت أيضًا هذه القاعدة في الأميبا غير الدماغية مثل “slime mould” ولكن لم يتم دراستها بعد في مجموعات كاملة من العقول الصغيرة مثل خلية الحشرات.

 

وللتحقق من دور هذه القاعدة في عمليات صنع القرار في نحل العسل الأوروبي “Apis mellifera”، شاهد الباحثون خلايا النحل مفرقة عن بعضها، وبينما كان النحل يبحث عن منازلٍ جديدة، قاموا بملاحظة مدى سرعة اتخاذ المستعمرات للقرارات بين الأماكن المختلفة وقاموا بربط البيانات بعدة قوانين نفسية فيزيائية لمعرفة مدى كفاءتها. وهناك أيضًا قوانين أخرى متعلقة بعملية اتخاذ القرار مثل قانون بيرون “Pieron” والذي ينص على أننا نتخذ القرارات بشكل أسرع عندما يكون هناك خياران عاليان الجودة، وقاعدة تسمى قانون هيك “Hick” تنص على أن الأدمغة تأخذ المزيد من الوقت للاختيار عند ارتفاع عدد الخيارات.

 

إن عملية صنع القرار في أدمغة الإنسان عندما تطلق الأعصاب المفردة موجات من الإشارات الكهروكيميائية. وفي النحل عندما يقوم النحل باختيار الخلية، فإنه تتم عملية اختيار النحل للخلية، وذلك عن طريق النحل الكشاف الذي يعبر عن اكتشافاته عن طريق عرض مرئي لذبذبات الجسم أو كما تسمى رقصة النحل “Waggle dance”.

 

ومن خلال نتائج الدراسة، فقد توصل العلماء إلى أن قيام النحل بفعل الذبذبات الجسدية، واتخاذ القرار يتبعان نفس القوانين العامة وراء اتخاذ القرار. كما أن هذه الدراسة أيضا تشير إلى أن مستعمرات النحل هذه تعمل وكأنها كائن حى واحد، أو أفضل من ذلك، حيث أنها كائنات حية متفرعة، تتكون من عدد كبير من الأفراد الذين يتمتعون بكامل طاقتهم والذين يتمتعون بالإستقلال الذاتي ويتفاعلون مع بعضهم البعض لتحقيق استجابة جماعية. ويمكن أن يساعدنا تحديد الروابط بين هذه الأنظمة المختلفة مثل أنظمة الأدمغة وخلايا النحل في فهم كيفية حدوث هذه الأفعال البسيطة من الأنظمة المعقدة.

 

تعتبر هذه الدراسة بداية جيدة، لكن الباحثين يرون أنها لا تزال مجرد نموذج حاسوبي يعتمد على مجموعة من الملاحظات ليس إلا. وأنه إذا كانت أغلب البيانات مؤيدة لها فإنها ستخبرنا المزيد عن كيفية نشأة علم النفس من موجات من المواد الكيميائية في الخلايا العصبية. فالبحث عن أوجه التشابه بين سلوك جماعات نحل العسل والخلايا العصبية في الدماغ مفيد؛ لأن سلوك النحل في اختيار العش يكون أبسط من دراسة الخلايا العصبية في الدماغ التي تتخذ القرارات.

 

المصدر

 

كتابة: ألاء عمارة

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: نهى عبدالمحسن

تحرير: إسراء وصفي

 

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى