الأحياء

مشروع الجينوم المصري

من الغريب أن يعود سبب الاختلاف الهائل بين البشر إلى أربعة عناصر فقط. يمكنك أن تظن أن للأمر علاقة بخوارزميات معقدة وشفرات لا منتهية، ولكن كل ما في الأمر هو ترتيب بعض القواعد على سلم الحمض النووي.

ودراسة ذلك الترتيب، وسر الاختلاف، ولماذا يحمل منا صفات تتباين بيننا، سيفتح المجالات للوصول إلى حلول لمشاكل ظُن أن حلها بعيد، بل ومستحيل.

انطلاقًا من هذا، وفي عام 1988م، قررت لجنة خاصة من الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم وضع أسس لمشروع الجينوم البشري (Human Genome Project)، والذي يستهدف الوصول إلى معرفة وفك شفرة الجينوم البشري بأكمله، وتم تبني الفكرة لاحقًا من المعاهد الوطنية للصحة (National Institutes of Health) ووزارة الطاقة.

  • ولكن.. ما هو الجينوم (Genome)؟

إن سرق أحدهم الجينوم الخاص بك، فإنه سيُلم حقًا بكل تفاصيلك، الجينوم أو ما يسمى بالمجموع الوراثي، هو كامل تسلسل القواعد على جزيء الحمض النووي (DNA)، حيث تحتوي كل خلية تقريبًا على كامل تسلسل القواعد، أي أن الخلية الواحدة تحمل نسخة كاملة من المادة الوراثية.

ويرجع اختلاف الخلايا لاختلاف أي من القواعد تُترجم وكيف ومتى! وهذه النسخة الكاملة تحتوي على ما يقارب ثلاثة مليار قاعدة مزدوجة، أو يمكن أن نسميه حرفًا من مجموع أربعة أحرف في لغة المادة الوراثية، وكل أربعة أحرف تشارك في جين يترجم إلى بروتين معين مسؤول عن وظيفة ما في الجسم ويوجد ما بين ألفي إلى ألفي وخمسمائة جين في كل خلية.

  • انطلاق وأهمية مشروع الجينوم البشري (Human Genome Project).

بدأ الانطلاق الرسمي في مشروع الجينوم البشري (Human Genome Project) عام 1990م، واكتمل في أبريل 2003م، وهو جهد دولي يهدف لتحديد تسلسل الحمض النووي البشري بأكمله.

فهم هذا التسلسل الرائع سيساعد في فهم الأساس الحيوي لكثير من الاضطرابات المعقدة في الجسم، مثل مرض السكر وأمراض القلب والسرطان والأمراض النفسية وأيضًا إدمان الكحول.

بل وأيضًا سيساهم بشكل كبير في تعزيز الطب الشخصي (Personalized Medicine)، وهو باختصار أن يُخصص الطبيب الدواء اعتمادًا على معلومات المريض الوراثية، فهناك اختلاف ملحوظ في تأثر كل منا بدواء معين لاختلاف الجينات. وبناء على ذلك الجين الفريد يتم إرشاد المريض لأفضل علاج لحالته.

ولأن التركيبة الجينية تختلف بشكل جزئي من مكان لآخر، بدأ انتشار المشروع بين دول العالم كأوروبا وأمريكا وآسيا؛ لهدف واحد وهو التوصل إلى التسلسل الكامل من اللغز الكبير، لذلك كان من المهم أن ينطلق هذا المشروع في أحد دول منطقة الشمال الإفريقي، وحدث بالفعل وكان في مصر.

  • إطلاق مشروع الجينوم البشري في مصر

أعلن مجلس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر بدء تنفيذ مشروع “الجينوم البشري المرجعي للمصريين” ضمن الخطة التنفيذية للأكاديمية لعام 2020/2021م.

اعتمد المشروع على تحليل 110 عينة من الحمض النووي لمصريين أصحاء باستخدام تقنيات متطورة؛ لتحديد الجينات المميزة للمصريين، وبفحص النتائج ومقارنتها مع غيرها في أفريقيا وأوروبا تبين الاختلاف في بعض القواعد الوراثية.

  • بداية مشروع الجينوم البشري المصري

بدأ الأمر بمجموعتين بحثيتين:
إحداهما قادها البروفيسور المصري صالح إبراهيم من جامعة لوبيك بألمانيا، والتي كانت تهدف إلى دراسة بعض الجينات المصرية المسببة لأمراض الجلدية.

والأخرى قادها محمد سلامة، مدير مركز البحوث الطبية التجريبية بجامعة المنصورة، والأستاذ المشارك في معهد الصحة العالمية والبيئة البشرية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكانت تهدف لدراسة الجينات المسببة للأمراض العصبية.

إلى وصولنا أن بعض الجينات المسببة للأمراض في مصر تختلف عن ذات الجنيات المسببة للأمراض خارجها.

  • ماذا بعد انطلاق مشروع الجينوم البشري؟

نأمل من خلال هذا المشروع في الوصول إلى:

1- جينوم مرجعي للمصريين يحتوي على التغيرات الجينية المرتبطة بالأمراض الأكثر شيوعًا.
2- مقارنة الجينات المصرية بغيرها، ورصد الاختلافات في توليفة المتغيرات الجينية التي تُسهم في حدوث الأمراض.
3- المثير وهو دراسة الجينوم البشري للقدماء المصريين.

بالإضافة إلى الأهداف العامة من مشروع الجينوم.

ما زال العمل في البداية، ويجب الإشادة بهذه الخطوة المميزة في البحث العلمي، التي ستفتح المجال أمامنا لاكتشاف وفهم الكثير، وربما الوصول إلى علاجات جديدة لأمراض مستعصية مثل السرطان.

المصادر 1 2 3 4

كتابة: رؤى غريب

مراجعة: محمود علام

تحرير: شيماء بكري

تصميم: عمر علي

اظهر المزيد

رؤى غريب

بيو: طالبة في كلية الصيدلة مهتمه بتبسيط العلوم ونشرها باللغة العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى