الأحياء

كيف تساهم البكتيريا في الحفاظ على صحة الأمعاء؟

غالبًا عندما يأتي لمسامعنا كلمة “بكتيريا”، نتذكر تلك المسببة للأمراض، وهناك الكثير من العامة لا يعلمون أنه مثلما هناك أنواع ضارة من البكتيريا، فهناك أيضًا أنواع مفيدة للغاية، مثل تلك الموجودة في أمعائنا، والتي لها فضل كبير في سلامة صحتنا، وهذه البكتيريا تتفاعل مع كل من الخلايا الطلائية “epithelial cells” المبطِنة للأمعاء وخلايا الجهاز المناعي، وبذلك فهي تساهم في موازنة الاستجابات المناعية وحماية الأمعاء من الالتهابات غير المرغوبة، فهذه البكتيريا ُتُشكل جهاز المناعة، وتساعده على القيام بعمله. فالميكروبات المسببة للأمراض مثل السالمونيلا “Salmonella”، عندما تدخل جسم الإنسان فإن الجهاز المناعي ينتبه لها، وتكون الاستجابة المناعية للالتهاب الذي تسببه قوية، ويقوم بالقضاء عليها، لكن الاستجابة المناعية الالتهابية -خاصة في الأمعاء- يمكن أن تكون ضارة للنسيج السليم.

 

ويكشف بحث جديد عن آلية خلوية يمكن من خلالها للبكتيريا الجيدة أن تساعد الأمعاء على البقاء في صحة جيدة. وتشير الدراسة إلى أن التلاعب في الجراثيم للحد من الاستجابات المناعية في الأمعاء، يمكن أن يكون له فوائد علاجية محتملة لظروف مثل مرض التهاب الأمعاء. حيث حدد العلماء دور الميكروبات في تعديل الاستجابة المناعية بطريقة تقلل من الالتهاب، وتحد من الأضرار التي يمكن أن تسببها للأمعاء.

 

ومن أجل استجابة مناعية فعالة، تقوم الخلايا المناعية التي تسمى “antigen-presenting cells” بتوجيه الخلايا المناعية الأخرى، والتي تسمى “T-cells”؛ لتكوين استجابة مناعية التهابية مناسبة لمحاربة الميكروبات الغازية. كما أنها توجه الـ”T-cells” المضادة للالتهاب، والمعروفة أيضًا باسم T-cells التنظيمية؛ للحد من الاستجابات المناعية الالتهابية ضد أشياء مثل الطعام الذي نأكله، وإيقاف هذه الاستجابات المناعية الالتهابية. وتساعد هذه الميكروبات على تنظيم الاستجابة الالتهابية من خلال توجيه الـ”antigen-presenting cells” إلى إفراز الـ “cytokine IL-10″، وهو جزيء مهم مضاد للالتهاب. يعمل “IL-10″على تثبيط استجابات ال”T cell” الالتهابية، ويحفز استجابات الـ”T cell” التنظيمية التي تحافظ على التوازن. وكانت النتيجة هي استجابة متوازنة، قادرة على محاربة عدوى مثل السالمونيلا، لكنها في نفس الوقت تمنع تلف الأنسجة المعوية الصحية، وبذلك استطعنا معرفة كيف يمكن لهذه الميكروبات أن تحفز هذا النوع من الاستجابات.

 

وقد وجد العلماء أنه عند إعطاء الحيوانات المضادات الحيوية، فإن الـ”antigen-presenting cells” لا تكوِّن “IL-10″، لكن عند وضع تلك البكتيريا في أمعاء هذه الحيوانات، فإن البكتيريا التي تمسك في الخلايا الطلائية المعوية، تسبب قيام الـ”antigen-presenting cells” بإنتاج “IL-10″، مما يساهم فى تثبيط الاستجابة الالتهابية. وهذا أمر غير منطقي إلى حد ما؛ لأنه من الطبيعي أن الميكروبات التي يمكن أن ترتبط بالخلايا الطلائية المعوية، من الممكن أن تسبب المرض، لكن في هذه الحالة وجدنا أن ارتباط البكتيريا بالخلايا الطلائية لا يسبب المرض، بل كان ضروريًا لتنظيم استجابات الـ”T-cells” مما ساعد في حماية القناة الهضمية.

 

والآن يعمل الباحثون لإيجاد آليات أخرى يمكن للميكروبات من خلالها توفير بيئة معوية متوازنة، ويخططون لفحص مسارات الإشارة التي يتم تنشيطها عندما ترتبط الميكروبات بالخلايا الطلائية لتحديد مسارات جديدة لكي تتكون استجابة مناعية متوازنة. ولذلك علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن وجود تلك الميكروبات الصحية أمرٌ ضروري ليس فقط لحمايتنا من العدوى بل للسماح باستجابة متوازنة، وأيضًا للحد من الضرر المحتمل للأنسجة، حيث يحاول الجهاز المناعي القضاء على مسببات الأمراض.

المصدر

 

كتابة: آلاء عمارة

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: أميرة فيصل

تحرير: علاء الدين محمود

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى