الفيزياء والفلك

استخدام جسيم ميون في تصوير الاكتشافات القديمة

إذا ذهبت إلى الطبيب ولديك كسر في العظام، فإن الطبيب لن يلجأ للحفر في الجسم كي يرى الكسر، ولكن سيقوم بتصوير العظام باستخدام الأشعة السينية، واتضح كذلك أن علماء الآثار لديهم أداة مشابهة يمكنهم استخدامها للبحث داخل الهياكل الحساسة دون إزعاجهم، تلك الأداة هي عبارة عن جسيم أولي يُسمى بالميون.

ربما لم تسمع بالميون من قبل، ولكن البعض يُمر من خلالك كل ثانية. ويصلون إلى كوكبنا عن طريق الأشعة الكونية، وهي عبارة عن جسيمات عالية الطاقة تُمطر على الأرض باستمرار، وتنتج الميونات عندما تصطدم مع الغلاف الجوي. ولكن إذا كانت الميونات جديدةً عليك فبالتأكيد قد سمعت بالإلكترون من قبل، إذن يمكنك تخيل الميونات كإلكترونات عابرة كبيرة، حيث يزن الميون 200 مرة من كتلة الإلكترون، ولا يتواجد إلا لمليوني جزء من الثانية قبل أن يتحلل.

ولكن بالنسبة لعلماء الآثار، الميونات لديها قوة خارقة في متناول أيديهم، حيث يمكنهم اختراق مسافات هائلة خلال بعض المواد الكثيفة، أبعد بكثير من الأشعة السينية. وبينما يخترقون تلك المواد كالصخر على سبيل المثال يقومون ببعثرة الذرات طاردين إلكترونًا منها تاركًا خلفه درب من الشحنات. وباستخدام أجهزة الكشف المناسبة، يستطيع علماء الآثار شم هذا الدرب. وإذا كانت بنية تلك المواد ذات كثافة مختلفة، مثل غرفة مفتوحة في هرم أو مدينة قديمة مدفونة في أحد التلال، فستترك خلفها الظل الميوني، والذي بدوره سيشكل صورة لهيكلها الداخلي.

إن الفائدة الكبيرة من التصوير المقطعي بالميون كما يُطلق عليه، هي حقيقة أن علماء الآثار لا يحتاجون إلى الحفر في هياكل دقيقة لرؤية ما بداخلها. كما أن هذه التقنية لا تحتاج حتى لنقل الميونات، بل تقوم فقط بكشف الميونات التي كانت تُمطر بالفعل في الغلاف الجوي. وهذا يعني عدم وجود إشعاعات إضافية، مما يجعل استخدامها في تطبيقات مثل: الكشف عن الأشخاص المدفونين تحت الأنقاض بعد الكوارث أمرًا سليمًا.

ولكن التصوير المقطعي بالميون ليس بالضبط مثل: مواصفات الأشعة السينية. والعقبة هنا هو أنه لا توجد العديد من الميونات التي يمكنها أخذ كامل الطريق خلال كل مادة. ونتيجة لذلك، قد يستغرق الأمر عدة أشهر من انتظار “عدد الميونات” الكافي لاختراق وتشكيل صورة كاملة للهيكل. ولكن لاتزال تستحق ذلك الوقت من الانتظار كونها قادرة على تمكيننا من الرؤية خلال المواد الصلبة.

المصدر 

 

كتابة: زهرة صابر

مراجعة: محمد عبدالمعين

تصميم: أمنية عبدالفتاح

تحرير: هدير رمضان 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى