البيئة والطاقة

ذوبان القطب الشمالي وإطلاق أطنان من الزئبق السام!

كشفت دراسة جديدة أجراها العلماء عن تهديدٍ خَفيٍّ آخر مدفون في جليد الشمال. أطنان هائلة من معدن الزئبق السام أكبر بعشرات المرات من جميع الزئبق الذي أطلقه الإنسان نتيجة الأنشطة الصناعية! بعض أشكاله يُمكن أن تتراكم في الأسماك وبقية حيوانات الشبكة الغذائية، كما يسبب مشاكل صحية للإنسان. يقول بول شوستر “”Paul Schuster: “إن القطب الشمالي يُعدّ مصدرًا طبيعيًا للزئبق، لكن بعضه سيُطلق بسبب ما نقوم به من أنشطة تُسبب في تغير المناخ، لكن الأمر غير الواضح حتى الآن، هو مقدار ما قد يتم إطلاقه من الزئبق السام، ومتى؟”

 

الزئبق مثل ما ذكرنا سابقًا ينتج من أنشطة الإنسان المضرة للبيئة والمضرة بصحة الإنسان، ولكن مشاكل الزئبق لا تتوقف عند الأماكن الصناعية والملوثة فقط؛ فبسبب الغلاف الجوي والمحيطات تزداد الرياح الحاملة للزئبق عند خطوط العرض الشمالية العلوية، ويتراكم في الطيور والأسماك والدببة القطبية وبعض الحيتان، رغم بُعدها عن مصادر التلوث. نضيف أن نتيجة هذا التلوث الذي طال أمده، أصبح لدى السكان الأصليين في جميع أنحاء المنطقة القطبية الشمالية مستويات عالية من الزئبق في دمائهم، هذه الرياح التي ترسل الزئبق استمرت لعشرات آلاف السنين ترسل الزئبق بتركيزاتٍ عالية عبر القطب الشمالي وتُودِعُه هناك، ورغم أنه محاصر في الأرض المتجمدة لآلاف السنين، إلا أنه أصبح تهديدًا الآن نتيجة تغير المناخ.

 

دراسة كمية الزئبق الموجودة في القطب الشمالي استمرت لعقود، وكان يُعتقَد أنه لا يوجد الكثير منه هناك، لكن بين عاميّ 2004 و2012، جمع شوستر وفريقه أكثر من 13 عينة جليد من أنحاء ألاسكا والأراضي دائمة التجمد في أنحاء القطب الشمالي، وأظهرت النتائج أن الأرض المتجمدة تحتوي على حوالي 15 مليون جالون من الزئبق على الأقل، أيّ ضعف الكمية الموجودة في المحيطات والغلاف الجوي وكل الأراضي مجتمعة. يقول (شوستر): “كانت التركيزات أعلى بكثيرٍ مما توقعنا، لقد كانت النتيجة مفاجأةً كبيرة!”

 

والسؤال الآن ما مصير هذا الزئبق؟ من غير المحتمل أن تظل كل هذه العناصر محصورة في الأرض دائمة التجمد، وبمجرد أن يبدأ الجليد في الذوبان، ستنمو النباتات فيها، وتستهلك الزئبق وستُطلِق الميكروبات التي تحلل النباتات كمية من ميثيل الزئبق -وهو شكل أكثر سُمية- لينتشر جزء منه خلال الماء أو الهواء في النظام البيئي وفي النهاية إلى الحيوانات.

 

تحديد مدى شدة المخاطر التي سيسببها الزئبق يعتمد على مقدار الزيادة في درجة الحرارة، وعلى عدم قدرة الإنسان على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، كلاهما سيحددان مقدار ذوبان الجليد، وبالتالي كمية الزئبق التي سيتم إطلاقها. ولكن يبقى هذا جزء من المشكلة، فحسب قول (شوستر): “إن تدفق الزئبق في البداية سيثير مخاطر متزايدة على سكان القطب الشمالي والحياة البرية هناك. وليس هذا فقط، فما يحدث في القطب الشمالي لا يبقى في القطب الشمالي، ففي نهاية المطاف سينتشر الزئبق في جميع أنحاء الأرض.”

 

فالذي نستنتجه في النهاية هو أنه بالتأكيد هناك بعض التأثيرات على البشر، ووفق قول شايفر”Schaefer”: “نعرف أن جليد القطب الشمالي سيذوب، ونعلم أن جزءًا من الزئبق سيتم إطلاقه، ولكن لا توجد لدينا تقديرات محددة حول مقدار الوقت الذي سيتم فيه ذلك، وهذا ما سنحاول أن نعرفه في المرحلة التالية من بحثنا”.

 

المصدر

 

كتابة: كاميليا

مراجعة: داليا الشريف

تصميم: أمنية عبدالفتاح

تحرير: هدير رمضان

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى