الطبالفيزياء والفلك

الأشعة السينية وثوراتها المستمرة في مجال الطب

إذا تعرضت لكسرٍ ما في العظام ثم قمت بالاطلاع على صور الأشعة السينية لهذا الكسر، فستظهر لك بكلا اللونين الأبيض والأسود فقط. ولذلك كان هذان اللونان فقط الألوان المتاحة التي بإمكان الأطباء استخدامها لتشخيص الإصابات الداخلية منذ عقود. وحتى بعد اكتشاف تقنيات جديدة مثل: التصوير المقطعي والتصوير بالرنين المغناطيسي، لم تُوفر سوى لمحة محدودة فقط عن حالة الأنسجة والهياكل. أي أن هذه الأنواع التقليدية يعمل فيها الماسح الضوئي عن طريق تسليط حزمة من الأشعة السينية على الموضع المراد الكشف عنه، ومن ثمَّ فحص الجسيمات التي تمر عبر الفيلم الحساس للضوء أو جهاز الاستشعار.

 

وبما أن الأشعة السينية المُسلطة تمر عبر مواد أقل كثافةً (مثل: السوائل والدهون) بسهولةٍ أكبر وتفقد طاقة أقل في القيام بذلك، فإن الصورة التي يتم إنشاؤها على الجانب الآخر تشبه إلى حد كبير الهياكل الثقيلة في جسمك، مما يخلق صورًا غير واضحة بعض الشيء، وبناءً على هذا اُعتبرت المستشعرات وأفلام السينما القديمة ليست جيدة للغاية في تمييز مستويات الطاقة للجسيمات التي ترتطم بها، مما يُؤدي إلى صورة منخفضة الدقة تفشل في التقاط الأنواع العديدة من الأنسجة الكثيفة المشابهة والتغيرات الدقيقة والعناصر المسبِبَة للأمراض.

 

أما التطوير المذكور في مجال الأشعة السنينة ثلاثية الأبعاد والذي أثار ضجةً كبيرةً في عالم الطب هو ابتكار الماسح الضوئي “medipix3″، والذي يخلق صورًا ثلاثية الأبعاد عالية الدقة، ويعمل عن طريق تسليط حزمة من الأشعة الكهرومغناطيسية مُستهدفةً الموضع المراد الكشف عنه، بشرط أن يكون للأشعة الكهرومغناطيسية نفس تردد الأشعة السينية، ومن ثمَّ يبدأ فحص وعد وتمييز كل جسيم أو فوتون يضرب جهاز الاستشعار الخاص به على الجانب الآخر، وهو يُشبه إلى حد ما الكاميرا الرقمية النموذجية. بعد ذلك، تقوم أنظمة الحلول الحسابية الخاصة بالجهاز بتفسير المعلومات الطيفية وتحويلها إلى صور. ويتميز الجهاز بحساسية عالية ودقة تسمح بتصوير جميع المواد المختلفة داخل جسم الإنسان، مثل: الدهون، السوائل والمعادن المختلفة حتى لو كنت مرتديًا ساعة في إحدى يديك سيلتقطها الماسح الضوئي أيضًا وتظهر في الصورة! بالإضافة إلى إمكانية مراقبة التغييرات في شبكة الكالسيوم في عظام الأشخاص الذين يعانون من مرض هشاشة العظام، ودراسة كيفية دمج الغرز الطبية مع الأنسجة المحيطة بها.

 

هذا وتقوم الشركة التي تُدعى شركة بلترز “Butlers’ company” والتابعة لجامعتي كانتربري وأوتاغو “Canterbury and Otago Universities” بتطوير الابتكارات المتنوعة من العقول الرائدة في السوق التجاري، مما يُتيح الفرصة للمستشفيات والعيادات البدء في استخدامها، وقامت الشركة بكل هذا بالتعاون مع مركز الأبحاث النووية وأكثر من 20 مؤسسة بحثية أُخرى. كما استخدمت العديد من المجموعات البحثية بالفعل نُسخة صغيرة من الماسح الضوئي في التحقيقات حول مجموعة متنوعة من الحالات الصحية، لتحقيق نجاح كبير.

 

كما ذكر انتونى بتلر في بيان له أن النتائج المبكرة الواعدة في جميع الدراسات تُشير إلى أنه عندما يتم استخدام التصوير الطيفي بشكل روتيني في العيادات، فإن ذلك سيُمكن الأطباء من تشخيص ووصف العلاج بشكلٍ أكثر دقةً. وعلى الرغم من أن الاستخدام بشكلٍ واسعٍ النطاق ربما لا يزال أمرًا يبعدنا بسنوات، إلا أن المطورين متحمسون جدًا حول نشر كل هذه التطبيقات الحديثة في العلوم.

المصدر

 

كتابة: سارة صلاح

مراجعة: عبدالله سمير

تصميم: أحمد سرور

تحرير: هدير رمضان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى