الأحياء

لماذا لا يتعفن حرير العنكبوت بسهولة؟

حرير العنكبوت عبارة عن ألياف قائمة على البروتين، يتم دمجها في شبكات ذات مزيج فريد من المتانة الميكانيكية العالية. وشبكات حرير العنكبوت هذه لا تتعفن بسهولة، بالرغم من كونها مادة عضوية من كائن حي ويجب أن تتعفن بسرعة، ولكن اكتشف العلماء السبب وراء عدم التعفن!

حسب دراسة جديدة، تُعد شبكات العنكبوت هالة من الوجود الأبدي في البيوت المهجورة، وحتى في أنحاء الغابات الغامضة المظلمة. ففي الواقع، يمكن للخيوط الحريرية من العنكبوت أن تستمر من ساعات إلى أسابيع دون تعفن؛ وذلك لأن البكتيريا التي تساعد على تحلل ذلك الحرير -وبالتالي تعفنه- لا يُمكنها الوصول إلى نيتروجين الحرير (وهو عنصر غذائي مهم للميكروبات من أجل النمو والتكاثر ثم حدوث التعفن).

لقد أوضحت الأبحاث السابقة أن شبكات العنكبوت قد يكون لها خصائص مضادة للميكروبات (تقتل البكتيريا بشكل مباشر). ولكن، اُكتشف أن العناكب لها أيضًا استراتيجية مقاومة، بدلًا من اخضاع شبكات الحرير -لثلاثة أنواع من العناكب- إلى أربعة أنواع من البكتيريا، وذلك وفقًا لما ذكره الباحثون في 23 أكتوبر، في مجلة “البيولوجية التجريبية”.

يقول “جيفري يارجر – Jeffery Yarger”، عالم الكيمياء الحيوية بجامعة (أريزونا) في مدينة “تيمبي – Tempe”، بولاية أريزونا في الولايات المتحدة، والذي لم يشارك في تلك الأبحاث: “إن العلماء يتَحَدُّون شيئًا ما تم تجاهله بشكل كبير، وهو أن الحرير يمتلك نوعًا من خصائص مضادات الميكروبات القياسية”.

تقوم العناكب بلف خيوط من الحرير لصيد الطعام، وتغليف بيضها، ولفه بطريقة مضاعفة لضمان عدم سقوطه. كما يمكن لشبكاتهم الحريرية أن تخزن بقايا أوراق الأشجار في منتصف ظلال الأشجار، أو الحشرات الميتة الباقية للتمويه، أو لتناول وجبة أخرى لاحقًا. وتغري هذه الفتات والقطع الصغيرة العشوائية المتناثرة البكتيريا والفطريات المشاركة في التحلل بشبكة الحرير، مما يعرض حرير العنكبوت الغني بالبروتين للميكروبات.

يقول “داكوتا بيوركوفسكي – Dakota Piorkowski”، عالم الأحياء بجامعة (تونغهاي) في مدينة (تايتشونغ)، في تايوان بشرق الصين: “لا يبدو أن للميكروبات تأثير على حرير العنكبوت”. وللتحقق مما إذا كان الحرير قاتلًا للبكتيريا أم لا، قام فريق “بيوركوفسكي” بتجربة مهمة، حيث وضعوا خيوطًا من ثلاثة أنواع من العناكب، وهم: العنكبوت الغازل لكرة الحرير الذهبية العملاقة (Nephila pilipes)، العنكبوت الذئب (Hippasa holmerae)، وعنكبوت الخيمة (Cyrtophora moluccensis) في أطباق (بتري) بها أنواع من البكتيريا، بما في ذلك بكتيريا (E. coli)، في خطوط عمودية عبر الحرير.

وكان الغرض من التجربة هو أنه إذا كان للحرير خصائص مضادة للجراثيم والبكتيريا، فلن ترى أي نمو بين قطعة الحرير والبكتيريا. ووجد الباحثون أيضًا أنه لا يوجد دليل على أن هذه المنطقة الصافية خالية من البكتيريا الميتة في العينات؛ حيث كانت البكتيريا على اتصال مباشر مع الحرير. ثم اختبر الفريق إذا كان الحرير يُبقي البكتيريا الجائعة في ركن ما، عن طريق منعها من النيتروجين الاحتياطي. وعند ترطيب الخيوط الحريرية بمجموعة متنوعة من المحاليل الغذائية، اتضح أن البكتيريا نمت بسهولة على الأنواع الثلاثة من حرير العنكبوت؛ حيث كان النيتروجين الإضافي متاحًا، ويشير ذلك إلى أن البكتيريا قادرة على النمو على الحرير، ومن الممكن أن تجعله يتحلل ثم يتعفن، طالما أن الخيوط الحريرية نفسها ليست هي المصدر الوحيد للنيتروجين.

كما يفترض الباحثون أن الغلاف الخارجي للدهون أو البروتين المعقد على الحرير قد يمنع وصول البكتيريا إلى النيتروجين. ولكن حذر “راندي لويس – Randy Lewis”، عالم الأحياء المتخصص في دراسة حرير العنكبوت، في جامعة ولاية (يوتا) في مدينة (لوغان) بالولايات المتحدة، من استبعاد السمات المضادة للجراثيم في جميع أنواع حرير العنكبوت المختلفة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تواجه شبكات حرير عنكبوت الرتيلاء (tarantulas)، وهو عنكبوت كبير الحجم للغاية ويتميز بشعيرات كثيفة، البيئات التي تنتشر فيها الكائنات الحية الدقيقة مقارنة مع تلك التي تعاني منها العناكب الدوارة الهوائية على شبكتها، ولذلك قد تحتاج إلى حماية إضافية.

 

 

المصدر

 

كتابة: ميار محسن

مراجعة: مصطفى أحمد

تحرير: زياد محمد

تصميم: أحمد محمد

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى