الأحياء

كيف تتسبّب الجينات القفّازة في الإصابة بالأمراض؟

تتكون نصف تسلسلات الـ”DNA” الخاصة بنا من الجينات القفّازة، والمُعروفة أيضًا باسم اليَنْقُوْلات “transposons”. وهي عبارة عن جينات تقفز حول جينوم الحيوانات المنوية وخلايا البويضة النامية ووجودها مهم للغاية. لكنها يمكن أن تسبّب طفرات جديدة تؤدي إلى أمراض، مثل: الهيموفيليا (وهو مرض السيولة في الدم)، والسرطان. ولا يزال هناك بعض الغموض حول زمان ومكان حدوث حركاتها فى الخلايا التناسلية النامية، والتي تضمن انتشارها في الأجيال القادمة، ولكن يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات جينية لدى المُضِيفين.

ولمعالجة هذه المشكلة، قام فريق بحثي بتطوير تقنيات جديدة لتتبع هذه الجينات القفّازة. ووجدوا أنه خلال فترة مُعينة من نمو البويضات، تقوم مجموعة من جينات القفز تُسمَّى “retrotransposons” باختطاف خلايا خاصة تُسمَّى الخلايا المُمرضة التي تُغذي البويضات النامية.

وتستخدم هذه الجينات القفازة خلايا ممرّضة لإنتاج مادة غازية، ثم تنتقل إلى البيضة القريبة ثم تتدفق خلال الحمض النووى للبيضة.

 

لقد طوّرت الحيوانات بالصدفة نظامًا قويًا لتثبيط نشاط الجينات القفازة، إذ أن هذا النظام يستخدم جزيء “RNA” صغيرًا، لا يحمل شفرة وراثية، يُسمَّى “piRNAs”، والذي يتعرف على الجينات القفّازة ويوقف نشاطها.

لكن هذه الجينات القفّازة، تستطيع في بعض الأحيان أن تستخدم وسيلة ماكرة ما زال هناك بعض الغموض للتعرف عليها للهروب من سيطرة الـ”piRNA”، وهو ما يفسر حركة الجينات القفّازة بالرغم من مُهاجمة الـ”piRNA” لها.

 

قام فريق “كارنيجي” (Carnegie) بتطوير طرقًا لتتبع تحركات جينات القفز باستخدام ذبابة الفاكهة “دروسوفيلا ميلانجستر” (Drosophila melanogaster). ولتسهيل مهمتهم، قاموا بتعطيل الـ”piRNA” لزيادة نشاط هذه الجينات القفّازة ثم قاموا بمراقبة حركاتهم أثناء عملية نمو البيض، وقد أدى هذا إلى اكتشافهم للطريقة التي تسمح لتلك الجينات بالقفز.

 

وأوضح “تشاو زانج” (Zhao Zhang) المؤلف المشارك في “كارنيجي”: «لقد فوجئنا بشدة بأن هذه الجينات القفازة بالكاد تحركت في الخلايا الجذعية التي تنتج خلايا بويضة نامية، ربما لأن الخلايا الجذعية تحتوي على نسختين فقط من الجينوم لتستخدم هذه الجينات القفّازة».

 

وقد استخدمت هذه الجينات المتحركة الخلايا الممرضة، والتي يمكن أن توفر آلاف النسخ من الجينوم في كل خلية، كما أنها تعمل كمصانع لتصنيع جزيئات تشبه الفيروسات قادرة على التداخل بشكل كبير ومع ذلك، فإنها لم تندمج في الخلايا الممرضة التي تم إنتاجها وانتظروا بينما كانوا ينقلون إلى خلية بيضة مترابطة، ثم أضافوا مئات، إن لم يكن آلاف، من نسخ جديدة من أنفسهم إلى الحمض النووي للبيضة، ويظهر بحثنا كيف يمكن للعناصر الوراثية الطفيلية أن تتابع نشاطها وتميز بين أنواع الخلايا المختلفة، لتنتشر بقوة وتحفز التغيير التطوري وتسبب المرض.

 

وقد قال “ألان سبرادلينج” (Allan Spradling) وهو باحث رائد في دراسة تطور البويضات في ذبابة الفاكهة والثدييات وعالم قديم في قسم علم الأجنة في جامعة “كارنيجي”: «وجدت مجموعتي أن نمو البيضة في الثدييات يستخدم العديد من الآليات نفسها كما في ذبابة الفاكهة، مثل إطعام البويضة النامية باستخدام الخلايا الممرضة، لذلك من المُرجح أن تكون نتائج مجموعة تشانغ مهمة لفهم تطور الثدييات والأمراض أيضًا».

 

قال “تشانغ” (Zheng) مدير قسم علم الأجنة بجامعة “كارنيجي”: «منذ أن قدمت “باربارا مكلينتوك” من “كارنيجي” المساهمة الأساسية في اكتشاف الجينات القفّازة منذ أكثر من ستة عقود، لم نتمكن من فهم كيفية تحركها عندما تجهز الحيوانات لجيلها القادم. والآن قد خطت المجموعة البحثية الصغيرة التي يقودها “تشاو” خطوة مهمة نحو حل هذا اللغز الذي طال أمده».

المصدر

 

كتابة: آلاء عمارة

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: أميرة فيصل

تحرير: إسلام حمدي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى