الأحياء

الحرباء وبشرتها الذكية

للحرباء قدرة فائقة على تغيير لون جلدها بحيث تمتزج في بيئتها المحيطة وذلك للاختباء أو للدفاع عن نفسها.
وهذه الخدعة تبدو سهلة، حيث تتم عملية التخفي بواسطة بللورات ضوئية في جلد الحرباء، ومع ذلك بذل العلماء قصارى جهدهم من أجل صنع جلد ذكي بلوري ضوئي، يتغير لونه استجابة للبيئة.
نشرت مجلة «ACS Nano» أبحاثًا لكيميائيين في جامعة إيموري «Emory’s Department» والتي وجدت حلًا للمشكلة، إذ طوروا بشرة ذكية مرنة تتفاعل مع الحرارة وأشعة الشمس مع الحفاظ على حجم ثابت تقريبًا.

يقول المؤلف ييشياو دونغ «Yixiao Dong»، وهو مرشح للدكتوراه في قسم الكيمياء في إيموري: “إن تغيير الحرباء لألوان جلدها قدم لي فكرة عن التقدم”. “لقد طورنا مفهومًا جديدًا للجلد الذكي الذي يتغير لونه، وذلك اعتمادًا على رصد ومراقبة كيفية قيام الطبيعة بذلك”.
ويضيف خالد ساليتا «Khalid Salaita»، أن العلماء يعملون في مجال البللورات الضوئية لفترة طويلة لمحاولة إنشاء أشكال ذكية متغيرة الألوان لمجموعة من التطبيقات المحتملة، مثل التمويه والاستشعار الكيميائي وعلامات مكافحة التزوير الورقي.
إلى جانب الحرباء، فهناك العديد من الكائنات الأخرى لها القدرة على تغيير اللون، على سبيل المثال، تتحول الخطوط الموجودة على سمكة رباعية النيون «tetra neon» من النيلي الغامق إلى الأخضر المزرق وذلك عندما تسبح في ضوء الشمس.
لا تعتمد هذه الكائنات على الأصباغ، ولكن على جزيئات صغيرة تظهر كنمط متكرر، تُعرف باسم البللورات الضوئية.
تؤدي الحركة في هذه الجزيئات إلى تداخل المادة مع أطوال موجات الضوء، وعلى الرغم من أن الجسيمات نفسها عديمة اللون، فإن التباعد الدقيق بينها يسمح لموجات ضوئية معينة بالمرور عبرها بينما ترفض الموجات الأخرى، وتتغير الألوان المرئية الناتجة اعتمادًا على عوامل مثل ظروف الإضاءة أو التغير في المسافة بين الجزيئات، ويعد التغير اللوني لبعض أجنحة الفراشة وريش الطاووس من بين العديد من الأمثلة الأخرى للبلورات الضوئية في الطبيعة.

يوضح دونغ «Dong» أنه إذا وضعت الفراولة في خلاط، فإن السائل الناتج سيكون أحمر لأن لون الفراولة يأتي من صبغة، ولكن إذا قمنا بطحن أجنحة الفراشة الملونة، فإن النتيجة ستكون مسحوقًا باهتًا لأن ألوان الفراشة لم تكن مبنية على أصباغ، ولكن مبنية على ما يعرف باسم اللون الهيكلي، والذي يقوم بتدمير شكل الصفوف البللورية الضوئية عندما تكون أجنحة الفراشة على الأرض.

وتقليدًا للحرباء، ومحاولة إنشاء بشرة ذكية اصطناعية، قام العلماء بدمج صفوف بللورية ضوئية في بوليمرات مرنة أو تحتوي على الماء أو مادة الهيدروجيل حيث يؤدي تمديد أو تقليص الهيدروجيل إلى تغيير التباعد بين هذه الصفوف، فيؤدي إلى تغيير اللون، ومع ذلك، فإن المشكلة تكمن في أن الشكل الذي يشبه الأكورديون اللازم لإحداث تغيير مرئي في الصبغة يؤدي إلى نمو مادة الهيدروجيل أو تقليص حجمها بشكل كبير، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار الهيكلي وحدوث تغير في شكل المادة.

كان دونغ يفكر في المشكلة أثناء مشاهدة مقاطع فيديو على اليوتيوب للحرباء. يقول: “أردت أن أفهم لماذا لا تصبح الحرباء أكبر أو أصغر مع تغير لونها، لكن يبقى حجمها الأصلي!”.

كما لاحظ دونغ في مشاهدة صورها عن قرب، أن صفوف البللورات الضوئية لا تغطي الجلد بالكامل ولكنها انتشرت داخل صفوف داكنة وبينما أظهرت البللورات الضوئية ألوانًا مختلفة، ظلت بقع الألوان هذه على بعد المسافة ذاتها، وافترض دونغ أن خلايا الجلد التي تشكل الصفوف المظلمة مضبوطة بطريقة ما للتعويض عن التغيرات الحادثة في البللورات الضوئية.

استخدم الباحثون المغناطيس لترتيب أنماط من البللورات الضوئية التي تحتوي على أكسيد الحديد داخل الهيدروجيل، ثم قاموا بتضمين هذه الصفوف في هيدروجيل ثانٍ لا يتغير لونه، والثاني يكون هيدروجيل نابض، مطابق ميكانيكيًا لأول هيدروجيل وذلك للتعويض عن التغيرات الحادثة في المسافات بين البللورات الضوئية، وعند تسخينه، يتغير لون هذا الجلد الذكي ولكنه يحافظ على حجم شبه ثابت.

كما اختبر دونغ المادة في ضوء الشمس، وصنع أفلام في شكل سمكة وذلك تكريمًا لسمكة رباعية النيون، وكذلك أفلام في شكل ورقة، عندما تتعرض لأشعة الشمس الطبيعية لمدة 10 دقائق، تتحول الأفلام من اللون البرتقالي إلى الأخضر، دون تغيير في الحجم.

يقول دونغ: “لقد قدمنا ​​إطارًا عامًا لتوجيه التصميم المستقبلي للجلود الذكية الاصطناعية ولا يزال الطريق طويلًا للتطبيقات الواقعية”.

 

المصدر

 

كتابة: دينا عادل

مراجعة: نرمين خالد

تحرير: زينب أحمد

تصميم: أحمد محمد

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى