الفلسفة

لماذا وُجد العالم؟

لماذا وُجد العالم؟ أو بتعبير أدق لماذا يوجد عالم؟
يتساءل كارلو فيليس مؤلف وأستاذ الفلسفة بـ Suny geneseo لماذا يكترث الإله بخلق العالم وإيجاده؟ لماذا اهتم الإله بخلق الكون؟ أو ما السبب الذي يجعل خلق العالم ووجوده أمر على هذه الدرجة من الأهمية بالنسبة “للإله”؟
حتى وإن كان هذا العالم مجرد “حلم، زيف، وهم، أو حتى خيال” فهو في جميع الأحوال لازال شيئًا موجودًا بالفعل، ولكن يدعي الفيلسوف والعالم الألماني “ليبنز” أن العالم عبارة عن “لا شيء”، حسنا يمكننا أن نذهب مع هذا القول لكننا سنسأل من جديد إن كان العالم لا شيء حقًا فلماذا وُجد؟ ولماذا وجُدت فيه كائنات بشرية واعية ومدركة ومتسائلة؟

يقول كارلو أن العلم لا يعطينا إجابة شافية عن هذه التساؤلات -أعتقد أنه يعني أن العلم معني بتفسير الظواهر الكونية وغير معني بتحديد سبب وجود العالم- ويرى كارلو أيضًا أن الأديان ربما لا تمتلك إجابة عن هذه التساؤلات أو لديها أنصاف الإجابات.

وُضعت عدة افتراضات بغض النظر عن مبالغتها أو غرابتها إلا أننا نود ذكرها لإنها متتالية مترابطة:
أول هذه الادعاءات تقول أن الإله خلق العالم “كمزحة أو لعبة” فجعل به شخصيات و كائنات لها وعي وكائنات غير واعية، وأراد أن تكون كل الكائنات و الموجودات تحت سيطرته، فعالم له إله فكرة أكثر متعة وتشويق من إله بلا عالم.
بالطبع لو ذهبنا مع هذا الرأي فسنصل لفكرة إن كان الإله يريد المتعة والمرح فقط فكان من الأفضل ألا يخلق شيئًا من الأساس، وألا يوجِد عالم لا يدري أحد حتى الآن كيف يدار أليس كذلك؟ ولا يخلق كون لا يدري أحد كيف تتم السيطرة على كل شيء فيه بلا استثناء وبشكل متزامن، وكيف يتبع تلك القوانين الصارمة بانضباط ونظام شديد الحكمة؟ هل هذا صنيع يراد من ورائه المرح واللعب؟
إذن فالعالم غير مخلوق من قبيل الرفاهية الإلهية أو للمتعة والتسلية كما يدعي البعض، ثمَة مشكلات كونية وعالمية لا تمت للرفاهية بشيء، أليس من الأحرى بذلك الإله الذي يتصوروه أن ينهي كل هذا العبث بمجرد أن ظهرت تلك المشكلات وتعقدت؟ فعلى حد زعمهم هو خلق العالم للرفاهية وبما أن الواقع لا يوحي بأي رفاهية إذن فلتنتهي اللعبة فورًا، لماذا يستمر كل شيء في التجدد والصيرورة؟ لماذا تبدو بعض الموجودات مسيرة ومبرمجة ومسلوبة الإرادة وأوتوماتيكية الحركة؟ لماذا لا ينتهي كل هذا حالًا؟ إذا هناك هدف ما لاستمرار الوجود والعالم قد يصعب على أصحاب هذا الرأي تقبله بسهولة.

إذًا الأمر تجاوز فكرة الرفاهية والمتعة فقد خُلقنا بشكل مُحكم، لقد أراد الله أن يكون هناك عالم وبه مخلوقات (واعية وغير واعية، حرة وغير حرة)، أهم هذه المخلوقات “حاليًا” هو الإنسان لما يملك من وعي وإرادة حرة، فجعل الله لكل مخلوق شخصيته وحياته وروحه الداخلية والخاصة، ثم جعل الإنسان قادرًا على الإدراك (فميز بين الخير والشر) وجلعه قادرًا على الشعور (فيشعر بالأذى وبالظلم وبالحب وبالكره)، وجلعه حرًا مُريدًا فمن ثم هو مسؤل، وألزم الله نفسه أخلاقيًا بمكفاءة المحسن ومعاقبة المسيء، لذا ستكون هناك حياة أخرى لتتكافئ الفرص وتتساوى كل الأعمال.
ورغم وضوح الهدف من فكرة الخلق وعقلانية السبب وراء وجود الكون، إلا أن البعض لازال يتساءل ويشعر بالغموض تجاه حكمة وجود العالم.

المصدر

 

كتابة: آيات أحمد 

تصميم: نهى عبدالمحسن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى