الفلسفة

ما وراء السلوك الأخلاقي

ما هو السبب الحقيقي والجوهري الذي يجعل معظم الناس يميلون للتصرف بشكل أخلاقي؟ ما الذي يدفع البعض لفعل الخير؟
تتعدد الأسباب والتفسيرات حول ميل البشر للتصرف وفق مبدأ أخلاقي معين، أو منظومة أخلاقية لا ينفكون عنها، فإن أرجعنا الرغبة في التصرف بشكل خيري وأخلاقي لوجود عقيدة تحث الإنسان على فعل الخير وترك الشر فماذا إذًا عن بعض الملحدين الذين قد يتصرفون بشكل أخلاقي، أو يتبعون منظومة مبادئ قائمة على الخير والفضيلة؟ ففي حالة عدم وجود عقيدة تمثل مصدر للإلزام الخُلقي لصاحبها، ما هو المحرك والدافع الرئيسي والأساسي لسلوك الإنسان الأخلاقي؟

يمكننا حصر الأسباب التي تجعل البشر يسلكون الفضيلة والخير في (العقيدة أو القانون أو الضمير الشخصي)، لكن بخصوص الضمير لا يعقل أن نتصور أن العالم متروك لضمائرنا لإن الأمر نسبي ولا ضمان لالتزام البشر بما تمليه عليهم ضمائرهم، ولا ضمان لأخلاقية ما تمليه عليهم ضمائرهم، لذلك كان لابد من عقيدة أو قانون كي يمكننا التحكم في قوى الشر وكبح جماحها ولو جزئيًا.

هذا عن الدوافع التي قد تحرك الإنسان نحو الفضيلة والخير، لكن ما الذي يجعل الإنسان يحدد أن هذا السلوك خيِر أم شرير، حسنٌ أم قبيح، مقبولٌ أم مرفوض؟ ما المعايير التي يضعها الإنسان أمامه لتفضيل الخير عن الشر؟
يحدد الإنسان السلوك الجيد/الخيّر من خلال ست معايير تعتبر مراحل للسلوك الأخلاقي هم كالتالي:

1- تجنب العقاب: هنا يكون معيار الإنسان للاختيار بين الخير والشر هو “العقوبة” والمقصود هنا هو العقاب القانوني، فالإنسان في هذه المرحلة يتجنب الخطأ لعلمه بوجود عقوبة ما، فهل تساءلت يوما لماذا لم تقم بسرقة شيء ما على الإطلاق طوال حياتك؟ هل لإنه حرام أم لإنك تخاف على سمعتك لو سُجنت؟ على كل حال تعتبر هذه المرحلة “تجنب الخطأ خوفًا من العقاب” مرحلة طفولية إلى حد كبير.
2- العائد من وراء الأخلاق: يفكر الإنسان وفقًا لمعيار المنفعة فيتصرف بشكل أخلاقي من أجل عائد ما (مدح، ثناء، استحسان، شهرة بين الناس).
3- نظرة المجتمع: عادة ما تسمى هذه المرحلة بمرحلة “Good boy/Girl” والمرء هنا يتصرف لما تمليه القواعد والمعايير الاجتماعية العامة، فأحيانًا المجتمع قد يحدد الصواب من الخطأ ولكن ليس كل ما يمليه أو يقرره المجتمع خاطيء وليس كله صحيح فعليك مراجعة نفسك ومصارحتها بما يحركك نحو الفضيلة.
4- حاجة المجتمع وميله للتحفظ: ما يجعل الإنسان محكوم بتحفظات المجتمع هو خوفه من النبذ والكراهية لذلك قد يتصرف المرء بشكل فاضل وأخلاقي رغبةً في مزيد من الاستحسان والتقدير من قبل المجتمع.
5- قوانين مسنونة للخير الأعظم: فكرة العقد الاجتماعي هي قبول الفرد وطاعته لقوانين المجتمع مقابل ما يحصل عليه من أمان أو حماية أو سُلطة، فهذا يدفع الإنسان دائما للتصرف بشكل أخلاقي.
6- مبادئ مُطلقة: أن تكون لدى الإنسان مبادئ وقناعات شخصية تدفعه لفعل الخير، والإيمان بالعدل والحق والفضيلة، وهنا هو ليس لديه أي عناء أو مشقة في اتباع القانون سواء الوضعي أو الشرعي.

في النهاية نقول أن فكرة الخير والشر فطرية لدى الإنسان وهو حر تماما في اختيار ما يفعله وما يتجنبه وفقا لما تمليه عليه إرادته، ومهما تعددت المعايير التي يتبعها الإنسان في فعله للخير أو ميله للفضيلة، سيظل “الضمير” هو أفضل معيار أخلاقي وأنبل مصادر الإلزام الخُلقي.

المصدر 

 

كتابة: آيات أحمد

تصميم: نهى عبدالمحسن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى