الأحياء

تطوير “كريسبر”؛ لجعلها عملية شاملة لنقل واستبدال الجينات وليس فقط حذفها

كثيرًا ما سمعنا عن تقنية “CRISPR” والتي أحدثت ضجة علمية في الآونة الأخيرة والتي تستخدم في تعديل الجينات الوراثية، في كثير من الأحيان ما يكون استخدام تقنية “كريسبر” في قص الحمض النووي تشبه إلى حد كبير استخدام المقص لقص مقال صحفي إذ يمكنك قص الكلمات، لكن من الصعب إزالة الحروف الفردية فقد يؤدي ذلك إلى التأثير على معنى النص.
يومًا ما، سيمكن استخدام “كريسبر” لقص الطفرات الجينية المُسبِّبة للأمراض، لكن مثل هذا الطب الدقيق أمر مستحيل ما دامت “CRISPR” لا تزال أداة ضعيفة.

وسعيًا لتطوير تقنية “CRISPR” قام الباحثون بتطوير نوع جديد من منصة “كريسبر” يُسمَّى “MAGESTIC”. أُخذ اسمها من “multiplexed accurate genom editing with short, trackable, integrated cellular barcodes” وقد لُوحِظ أن هذه التقنية المتطورة من “كريسبر” تجعلها معالجًا جيدًا للنصوص أكثر من كونها أداة قطع حادة، ومن مميزاتها أنها تتيح عمليتي “البحث والاستبدال” إذ يمكن البحث عن الجين المطلوب واستبداله بالجين المراد تعديله، وقد تم الإعلان في مجلة “Nature Biotechnology” أن هناك زيادة بسبعة أضعاف في بقاء الخلية أثناء عملية تعديل الجينوم.

وقد أشار مُطوِّر تقنية الـ”MAGESTIC” وهو العالم “كيفين روي” أن قدرة الـ”MAGESTIC” على البحث والاستبدال من أهم المميزات التي تتيح لنا رؤية الخلية بطريقة دقيقة للغاية؛ مما يسهل معرفة كيفية تأثير التغيير على وظيفة الخلية، بعد ذلك يمكننا مقارنة التأثيرات الفعلية لكل متغير مع التأثيرات الحسابية المتوقعة، وفي النهاية تحسين النماذج للتنبؤ بالكيفية التي تؤثر بها المتغيرات الجينية على الصحة والمرض.
إن القدرة على تحرير الجينوم بدقة باستخدام “كريسبر” تتطلب فهمًا واسعًا لكيفية إصلاح الخلايا للقطع في مواقع مختلفة عبر الجينوم؛ حتى يمكنك التحكم في العملية حسب الحاجة. في الوقت الحالي يمكن أن تَحدُث طفرات عشوائية في مواقع قطع في الحمض النووي للخلية، وذلك في كثير من الأحيان؛ لأن خيوط الحمض النووي تعود مرة أخرى بطرق غير متوقعة.

والأكثر من ذلك أن الكثير من الخلايا لا تنجو من عملية التحرير على الإطلاق، وبناءً على ذلك فإن بناء توقعات دقيقة لتعديل الجينات لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا.
ما يريده الباحثون هو طريقة موثوقة لبرمجة آلية “CRISPR” لقطع المواقع المرغوبة في جميع أنحاء الجينوم، ثم توجيه الخلايا لإدخال تعديلات مُصمَّمة في مواقع قطع “DNA”. ويمكن القيام بذلك عن طريق تزويد الخلية بحمض “مانح” يمكن أن تستخدمه آلية إصلاح الحمض النووي للخلية كقالب لاستبدال التسلسل الأصلي في موقع القطع. وهذا لا يختلف عن ما يفعله المُحرِّرون في كثير من الأحيان لمراجعة النص، حيث يبحثون أولًا عن كلمة أو سلسلة معينة من الكلمات ثم يستبدلونها بشيء آخر. ومع ذلك، فإن نظام إصلاح الحمض النووي داخل الخلية معقد ولا يتصرف دائمًا بشكل متوقع مثل معالج الكلمات.

تشكل العملية التي تقوم بها الخلية بالبحث عن “DNA” متبرع مناسب لإصلاح موقع قطع تحديًا هائلًا للخلية، حيث يجب أن تقوم آلية إصلاح الحمض النووي بالبحث بين الملايين إلى مليارات من أزواج القواعد لتسلسل “DNA” للعثور على الحمض النووي “المانح” الصحيح.
تقدم “MAGESTIC” تقدمًا كبيرًا في تقنية تعديل الجينات، حيث ساعدت الخلية في هذا البحث عن طريق توجيه الحمض النووي للجهات المانحة بشكل مباشر إلى موقع القطع، وهذا قد تسبب في زيادة بقاء الخلية للسبع أضعاف وهو التغيير الذي فاجأ فريق البحث بكفاءته وفعاليته.

آخر واحد من الميزات الرئيسية للـ”MAGESTIC” هو نوع جديد من شفرة التعرف الخلوي، حيث استخدم الباحثون أجزاء صغيرة من الحمض النووي الدائري والمعروف باسم البلازميدات كدليل على الـ”RNAs” وأيضًا لحفظ شفرة التعرف لتتبع الطفرات المُصمَّمة في كل خلية.
يتضاعف البلازميدات مع نمو الخلية ويورثها لكلتا الخليتين بعد انقسام الخلية. وشفرة التعرف البلازميدية يمكن أن تتفاوت في العدد، حيث يظهر في كل مكان من 10 إلى 40 في كل خلية. وذلك يمكن أن يعطي قياسًا غير دقيق في توازن الخلية. في “MAGESTIC”، يتم دمج شفرة التعرف في الكروموسومات وهذا يجعلها مستقرة وسهلة العثور عليها وإحصائها لاحقًا.

على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرز في تسلسلات الحمض النووي وتعديله على مدى العقدين الماضيين، إلا أن الفهم العام لوظيفة التسلسل الجيني لا يزال ضئيلًا. لا يعرف العلماء سوى القليل جدًا عن وظيفة 0.1 في المائة من الشفرات التي تتفاوت بين الأفراد وهي مسؤولة عن الاختلافات في القابلية المرض.
سيساعد “MAGESTIC” على معالجة هذه الفجوة في فهم التباين الوراثي الطبيعي بتمكين كل متغير جيني من التعديل بدقة ومقارنته مع المتغيرات الجينية الأخرى واحدة تلو الأخرى. هذا يساعد على كشف الاختلافات الجينية التي لها تأثير على الوظيفة الخلوية. يقوم “MAGESTIC” أيضًا بإجراء جميع التعديلات دفعة واحدة في أنبوب اختبار واحد، حيث يحدث كل تعديل في أي واحدة من ملايين الخلايا المماثلة، هذا أكثر كفاءة من التطورات السابقة التي تتطلب التعديل لكل متغير في تجارب منفصلة.

“لارس شتاينمتس” أستاذ علم الوراثة بجامعة ستانفورد من “JIMB” قال: «لقد وصلنا إلى حالة لم نحقق فيها فقط القدرة على ترتيب أزواج القواعد في الجينوم، ولكن يمكننا أيضًا إجراء تغييرات عليها. وما زلنا بحاجة إلى فهم أفضل لعواقب تعديلاتنا»، «مع “MAGESTIC” يشبه أن تكون قادرًا على إجراء تعديلات صغيرة على الأحرف الفردية في كتاب، وأن تكون قادراً على رؤية تأثيرها على معنى النص. كما أن طريقة تعيين المانحين لدينا تسمح أيضًا بوضع المعلومات الجديدة في الصفحة اليمنى التي حدث فيها القطع».

المصدر 

 

كتابة: آلاء عمارة 

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: محمد بركات 

تحرير: إسلام حمدي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى