الأحياء

دراسة “جينقا” للجينوم تكشف عن تحالفات جينية غير متوقعة في الخلية!

هل تعرف لعبة “جينقا” المشهورة؟ هل لعبتها من قبل مع أحد أصدقائك؟
إن لم تلعبها من قبل فسأعلمها لك اليوم، لكي تلعب “الجينقا” عليك أن ترتب مجموعة قوالب خشبية فوق بعضها حتى يصبح لديك برج خشبي طويل، ثم تبدأ في إزالة تلك القوالب واحدًا تلو الآخر حتى يسقط البرج ويقع.
وعلى أساس هذه الفكرة قام علماء بأكبر دراسة من نوعها وهي كيفية عمل الجينات معًا للحفاظ على سلامة الخلايا؛ مما يمهد الطريق للتنبؤ بخطر الإصابة بالمرض.
لفهم كيفية عمل الخلية، يقوم علماء الأحياء بفصلها وإزالة الجينات منها في مجموعات متنوعة، واكتشف الباحثون كيف تعمل الجينات المختلفة معًا للحفاظ على الخلايا حية، والبحث سيساعد العلماء على فهم كيفية دمج الأعطال في جينات متعددة تؤدي إلى أمراض شائعة مثل: السرطان أو أمراض القلب.

إن التفاعلات بين الجينات يمكن أن تسبب القابلية للإصابة بأمراض وراثية، ولهذا السبب علينا فهم المبادئ العامة لهذه التفاعلات الجينية، فهي تشبه إلى حد كبير لعبة “جينقا” العملاقة مع آلاف من كتل الجينات التي يمكن إزالتها، في حين أن معظم الكتل الفردية يمكن أن تُزال دون المساس بالهيكل، فعندما تتم إزالة المجموعات الحرجة من الكتل، ينهار النظام.
وبالمثل، يمكن أن تتحد الجينات ذات الوظائف المختلفة للحفاظ على الخلية حية، ويأمل العلماء في الكشف عن أدلة حول أُسس الصحة الشخصية عن طريق رفض هذه التحالفات الجينية.

ومن خلال دراسات تسلسل الجينوم يتضح أن كل شخص يحمل آلاف المتغيرات الجينية (الاختلافات في تسلسل DNA) التي يمكن أن تتحد لتؤثر على صحتنا.
ومع ذلك، فإن هذه الدراسات لا تملك القدرة الإحصائية للتنبؤ بخطر الإصابة بالمرض من خلال تركيبة فريدة من المتغيرات الجينية، وهذا يشكل عقبة رئيسية أمام الطب الشخصي الذي يسعى إلى استخدام معلومات الجينوم للتنبؤ بخطر المرض وتخصيص العلاج.
للكشف عن وظيفة الجينات التجميعية، قام فريق البحث بالتحقق من كيفية عمل الجينات في أزواج من خلايا الخميرة، والخميرة هي واحدة من نماذج الخلايا المفضلة لدى البيولوجيين بسبب جينومها الصغير نسبيًا الذي يضم 6000 جين ووجود ثروة حقيقية من البيانات به.

وبعد أن أزال الفريق جميع أزواج الجينات الممكنة (18 مليون منهم) من الخميرة، قاموا بفحص ما يَحدُث عند إزالة مجموعة جزئية من 36 مليار تركيبة ثلاثية ممكنة.
ووجد الباحثون تشابهًا بين التفاعلات الثنائية (بين 2 جين) وبين التفاعلات الثلاثية التي تَحدُث بشكل رئيسي بين الجينات التي ترتبط وظيفيًا، فهي ترمز إلى أجزاء تنتمي إلى نفس الجهاز الجزيئي أو موجودة في نفس الجزء من الخلية، ولكن مع التفاعلات الثلاثية بدأ الباحثون أيضًا في رؤية شراكات أكثر إثارة للدهشة بين جينات ليس لها وظائف مرتبطة، وتشارك في عمليات بيولوجية مختلفة في الخلية.

وباستخدام النماذج الرياضية، يُقدِّر الباحثون إن جميع الجينات الموجودة في الخلية لها دور تلعبه عندما تُؤخَذ التفاعلات الثلاثية في الحسبان، وهذا أخيرًا يمكن أن يفسر لماذا فقط عشر جينات الخميرة ضرورية لبقاء الخلية!
وبفضل التطورات الحديثة في تعديل الجينات، أصبح من الممكن الآن إزالة مجموعات من الجينات من الخلايا البشرية لتعيين العلاقات بين جينات المرض.
تقول الأستاذة الجامعية “Brenda Andrews” ومديرة مركز “Donnelly” لأبحاث الخلية والجزيئية الحيوية: «يوضح عملنا على الخميرة كيف إن الطفرات في جينات متعددة تتحد ويكون لها آثار غير متوقعة وتوفر خريطة لفهم التفاعلات الوراثية في الخلايا والكائنات الأكثر تعقيدًا بما في ذلك البشر، كما أن تحديد مجموعات الجينات التي تعمل مع بعضها البعض لدعم النظم البيولوجية القوية مهمة لفك رموز الخطأ الذي يَحدُث فيتسبب في انهيارها إلى حالة مرضية».

المصدر 

 

كتابة: أية أحمد 

مراجعة: ميار محسن

تصميم: أمنية عبدالفتاح

تحرير: إسلام حمدي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى