علم النفس

آل كابوني | زعيم مافيا ولكن مصدر إلهام!

“بالمسدس تُحل جميل المشاكل”، كانت هذه أشهر مقولة لألفونس جبرائيل كابوني، أشهر زعماء المافيا في العالم، والذي وضع تعريفًا جديدًا لرجال العصابات وتصدرت أخباره الصحف.

ولد كابوني في يناير عام 1899 لأسرة ايطالية الأصل متوسطة الحال. وكان والده قد قرر الهجرة لأمريكا مثله مثل الكثير من الإيطاليين الذين كانوا يهاجرون بهدف الكفاح والعمل، فقد كان عاملًا بمحل “حلاقة”، وكانت أمه خياطة تساعده في تدبير أمور المنزل. وعلى عكس توقع الكثيرين لم يكن لعائلة كابوني أي دور في بناء شخيصته، حيث لم ترق هذه الحياة البسيطة له، وكان دائمًا ما يميل للعنف وحياة العصابات التي كانت منتشرة في أمريكا آنذاك.

 

كان كابوني مشهور بلقب الوجه ذو الندبة “ScarFace”، حيث كانت على وجهه ندبة مشهورة، كان قد تلاقاها أثناء شجاره مع أحد أفراد العصابة سابقًا. وعندما كان آل كابوني في أوائل العشرينات من عمره، تم تجنيده للانتقال إلى شيكاغو، حيث وضع نفسه في موقف ليكون الذراع الأيمن لرأس العصابة. فعندما أُطلق الرصاص على رئيسه جوني توريو عدة مرات، قرر توريو التقاعد بعدها، وكان قد جاء وقت كابوني ليكون رئيسًا العصابة. عندما استحوذ آل كابوني على العصابة، ارتفعت أعمال التهرب والشغب، وازداد مُعدّل الجريمة بشكل صعب، فقد كان لديه اتفاق عام مع المهربين الآخرين لتقسيم التوزيع؛ لتجنب بعض العنف ولجني المال.

 

حقق كابوني ما يصل إلى 105 مليون دولار في السنة (ما يُعادل أكثر من 1.3 مليار دولار اليوم)، وأنفق ثلثها تقريبًا على الرشاوى والعصابات – رجال العصابات والقضاة والسياسيين والمراسلين ونصف رجال الشرطة في شيكاغو الذين كانوا مكتظين يعملون لحسابه. وحتى يومنا هذا، يدرس طلاب كلية هارفارد لإدارة الأعمال استراتيجيات آل كابوني؛ للتأمل في أفضل وأسوأ الرأسمالية الأمريكية. حيث قال كابوني إنه كان يعمل حوالي نصف أفراد الشرطة في شيكاغو لحسابه. فكان يقوم بتزوير الانتخابات للحصول على الأشخاص الذي يريدهم. وكان يدير مدينة شيكاغو إلى حد كبير، فلم يسبق أن يفعل أي شخص ذلك في الولايات المتحدة.

 

كان كابوني لا يمكن المساس به خلال الفترة التي قضاها في القمة، كان ذلك القائد الذي يحبه الجميع، من قبل الأغنياء، والفقراء والشرطة والحكومة، وحتي العصابات التي كانت تعمل في المدن والولايات المجاورة كانت تكنّ له كل الاحترام. فتختلف الآراء حول كابوني اختلافًا كبيرًا من شخص لآخر، ومن مجموعة إلى أخرى. حيث في أعين المهاجرين الإيطاليين في العشرينات من القرن الماضي، كان كابوني قائدًا محليًا الذي بدأ برنامجًا يقدم فيه الغذاء واللبن لأطفال مدرسة شيكاغو، من أجل محاربة الكساح (وهو مرض يلين العظام) كان منتشرًا بشدة في ذلك الوقت، كما فتح العديد من مطابخ الحساء للفقراء والمشردين خلال فترة الكساد الكبير التي أصابت أمريكا.

 

بالرغم من ارتكابه وعصابته العديد من الجرائم الشنيعة في عالم المافيا، لكن لم تتمكن الحكومة الفيدرالية من تثبيت أي تهمة عليه، فلم يتم إدانته إلا بتهمة التهرب من الضرائب فقط! وعلى أثر ذلك تم نقله لسجن في ولاية أتلاتنا، لكنه سرعان ما تمكن من رشوة سجانيه، فحظى بمعاملة خاصة استطاع من خلالها أن يستكمل عمله رئيساً للعصابة من داخل السجن. لكن لم يستمر الأمر طويلًا ليتم نقله بعد ذلك لسجن من أشد السجون قسوة في أمريكا وهو سجن “ألكاتراز” والذي يُعرف أيضاً باسم “سجن الصخرة”.

قضى كابوني أيامه الأخيرة بعيدًا عن رجاله، حيث تقلصت سلطته بحد كبير جدًا، كما تدهورت حالته الصحية نتيجة اصابته بالزهري في شبابه، فقضى السنة الأخيرة من مدة العقوبة في مستشفى السجن، مضطرب ومشوش ليتعرض بعدها إلى نوبة قلبية مميتة في يوم 24 يناير 1947 تؤدي بحياته.

 

 

 

 

هل أخذ كابوني أكثر مما يستحق من الشهرة؟

يُعتبر الشعب الأمريكي من أكثر الشعوب في العالم التي تؤمن بأن القادة والقيادة مهمون جدًا ويمنحهم المزيد من الحقوق والواجبات أكثر مما يستحقون بسبب النجاحات والفشل، فليست كل الثقافات تتمحور حول القيادة مثل الولايات المتحدة الأمريكية. فحسب دراسة تمت في الولايات المتحدة وتركيا، قام العلماء بإنشاء سيناريوهات لشركات خاصة، البعض منها نجح والأخر فشل، وطلبوا من الطلاب أن يقرروا مدى النجاح أو الفشل الذي كان راجعاً إلى القائد. فأعطى الطلاب الأمريكيون الفضل للقائد أكثر بكثير من الطلاب الأتراك، أمّا الطلاب الأتراك رأوا النتيجة على أنها “عمل جماعي”.

 

زعيم مافيا ولكن مصدر إلهام!

بالرغم من منصبه والجرائم التي قام بها، لكن شجاعته ودوره القيادي جعل منه مصدر إلهام للعديد من الكتاب والأعمال الفنية والأدبية. نذكر منها بعض الأفلام مثل “The Untouchables” و “”ScarFace: The Shame of Nation التي تتحدث عن قصة حياته، وأيضًا بعض الكتب مثل “The Dillinger Days” للمؤلف جون تولاند. كما شكّل أل كابوني جزءًا رئيسيًا من دراسة صدرت عن جامعة ميتشغين في أمريكا في عام 1962 تحت عنوان “Organized Crime In America”.

 

يمكنكم مشاهدة فيلم The Untouchables من هنا

المصادر: 1 2 3 4

 

كتابة: محمود علام

تصميم: ميار محمد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى