مستقبل التكافل بين البقوليات والبكتيريا المثبتة للنيتروجين
تستطيع النباتات البقولية أن تنمو في تربة فقيرة بالنيتروجين؛ وذلك بسبب قدرتها على التكافل مع البكتيريا المثبتة للنيتروجين، ويسعى الباحثون لاستخدام هذا التكافل ونقله إلى النباتات غير التكافلية. وقد توصل فريق بحث دولي إلى خطوة لفهم هذه العملية البيولوجية المعقدة، حيث توصلوا إلى أن الميكروبات تلعب دورًا مُهمًا سواء كانت مفيدة أو ضارة في جميع الكائنات الحية -بما في ذلك النباتات-، لذلك فإن القدرة على التحكم في الميكروبات المحيطة مهمة للغاية لبقاء النباتات. فعلى سبيل المثال، جذور النبات المزروعة في التربة تكون محاطة ببيئة غنية بالميكروبات، ولذلك فقد طورت تلك النباتات آليات للتحكم بالميكروبات.
كما أن البقوليات مثل الفاصوليا والبازلاء والعدس قادرة على النمو في تربة فقيرة بالنيتروجين بمساعدة الميكروبات، وذلك بعكس النباتات الأخرى، وتُسمى تلك العملية التكافلية بين البقوليات والبكتيريا المثبتة للنيتروجين “تكافل العقدة الجذرية”؛ حيث تُشكل البقوليات عضوًا جديدًا يُسمى العقدة وهذه العقدة تستضيف بكتيريا معينة من التربة تُسمى الريزوبيا “rhizobia” (وهي بكتيريا من فصيلة المستجذرات وتتواجد بشكل تعايشي مع النباتات البقولية، وتقوم بتثبيت النيتروجين الجوي وتزويده للنبات مقابل الحصول على الكربوهيدرات كمصدر لبقائها ونشاطها). وداخل العقيدات تقوم الريزوبيا بتحويل النيتروجين الجوي إلى أمونيوم ويتم توفيره لنمو النبات، وتقوم البقوليات بتزويد البكتيريا بالكربون مما يمكنها من عملية تثبيت النيتروجين التي تتطلب جهدًا كبيرًا.
ويكون التفاعل بين النباتات البقوليات وبكتيريا الريزوبيا انتقائيًا للغاية، وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن النباتات قادرة على تحديد إشارات جزيئية تنتجها بكتيريا الريزوبيا التكافلية، ويُطلق على نظام التعرف ذلك “the Nod factor signaling”، والذي يُعد عاملًا حاسمًا في العلاقة بين البقوليات والريزوبيا. ولإتمام عملية التكافل تستخدم البقوليات بروتينات مستقبلة، والتي يمكنها التعرف على جزيئات الـ “Nod factor” التي تنتجها البكتيريا، وهناك اثنان من مستقبلات ذلك العامل معروفان جيدًا، وهما “NFR1″ و”NFR5”. وهما ينتميان إلى عائلة كبيرة تُسمى “LysM receptor kinase proteins”، وهذا يدل على أن هناك مستقبلات أخرى مشابهة قد يكون لها دور في إشارات الـ “Nod factor” أيضًا.
حدد فريق بحث دولي من الباحثين من الدنمارك وإيطاليا وفرنسا واليابان دور مستقبل كيناز آخر “LysM” يُسمى “NRFe” من خلال دراسة نوع من البقوليات، وهو الـ”Lotus japonicus”، وأظهرت النتائج أن “NFRe” و”NRFe” يتشاركان في خصائص كيميائية وجزيئية متشابهة ومميزة. ويتم التعبير عن “NRFe” في الخلايا الموجودة في منطقة معينة على سطح الجذور. وبالمقارنة مع “NFR1” و”NFRe”، فقد وجدوا أن الـ “NRFe” لديه سعة محدودة من الإشارات مقيدة بطبقة الخلايا الجذرية الخارجية، وعندما تم تحوير “NRFe” تم تنشيط إشارات أقل “Nod factor” داخل الجذر وشكلت عقيدات أقل.
تم العثور على مستقبلات “NFR1” في نوع من النباتات من خارج عائلة البقوليات، والتي لا تشكل علاقة تكافلية مع البكتيريا الريزوبية! وبذلك فإنه يمكن أن يوفر تحديد المستقبلات المهمة للإشارة بعامل “Nod” أساسًا لأهداف التكنولوجيا الحيوية الجديدة في المحاصيل غير التكافلية، لتحسين نموها في الظروف السيئة للمغذيات.
كتابة: آلاء عمارة
مراجعة: سلفيا أمير
تصميم: أحمد سرور
تحرير: علاء الديم محمود