اكتشاف علماء الأعصاب منطقة خفية في دماغ الإنسان
يُمثل الدماغ البشري لغزًا كبيرًا للعلماء، ورحلة استكشافه لم تنتهي بعد، فمُؤخرًا كشف العلماء عن بنية دماغية لم تكن معروفة من قبل، مما دفع العلماء لإعادة تصوير الدماغ البشري من أجل إعداد أطلس جديد عن تشريح الدماغ البشري.
قام العلماء بتسمية هذا الاكتشاف “endorestiform”، وينقسم الاسم لمقطعين: (endo) بمعنى داخل، و(restiform) الذي يعني السُويقة المُخيخية السُفلية، وقد وُجِد في قاعدة الدماغ، بالقرب من المكان الذي يلتقي فيه الدماغ بالحبل الشوكي.
تُشارك هذه المنطقة في تَلقي المعلومات الحسية والحركية من أجسادنا لتحسين أوضاع أجسامنا وتوازنها وحركاتها، فهذه المنطقة مثل النهر الذي يحمل المعلومات من الحبل الشوكي وجذع الدماغ إلى المُخيخ.
وتُعتبر الـ “endorestiform” مُجرد مجموعة من الخلايا العصبية، لكن أهميتها الحقيقية غير معروفة بعد، وقد تمَّ التأكُد من وجودها أثناء استخدام تقنية جديدة تمَّ تطويرها لجعل صور أنسجة الدماغ أكثر وضوحًا، وذلك باستخدام صبغات لإعداد أحدث أطلس للأعصاب.
تقوم هذه الصبغات باستهداف مواد كيميائية في الدماغ مثل الناقلات العصبية، والتي تُعطي خريطة بأنسجة المخ، وهذا يُساعد على تمييز الخلايا العصبية من خلال وظيفتها، بدلًا من فصلها على أساس شكل الخلايا، وهذا يكشف عن ما يُعرف باسم العمود الكيميائي للدماغ، وتظهر نواة الـ “endorestiform” بوضوح شديد من خلال إنزيم الأستيل كولينستراز “acetylcholinesterase” المصبوغ بشدة؛ لأنَّ المناطق المُحيطة بها سالبة.
وقد تمَّ الكشف عن هذه النواة عن طريق عملية تُسمَّى “therapeutic anterolateral cordotomy”، وهي عملية جراحية لتحقيق الراحة من الألم الشديد وغير القابل للشفاء عن طريق قطع مسارات العمود الفقري، وقد لُوحِظ أنَّ الألياف الطويلة من العمود الفقري بدت وكأنَّها تنتهي حول المكان الذي تمَّ العثور فيه على النواة العصبية الشكل.
إنَّ موقع هذه القطعة الدماغية قد يقود إلى الشك في أنَّه قد يكون له دور في التحكم في الحركة، كما أنَّ هذه البنية لم يتم تحديدها بعد في الحيوانات الأخرى، بما في ذلك النسناس أو القرد ريسوس.
فأدمغة البشر لها على الأقل ضعف حجم الشمبانزي (1300 جرام مقابل 600 جرام، أو 2.9 رطل مقابل 1.3 رطل)، ونسبة أكبر من مسارات الخلايا العصبية في الدماغ التي تُحقق الإشارة للحركة عن طريق الاتصال المُباشر مع الخلايا العصبية الحركية بنسبة 20% مقارنة مع الـ 5% الموجودة في الرئيسيات الأخرى، ولذلك قد تكون الـ “endorestiform “ميزة فريدة أخرى في نظامنا العصبي.
قد تُؤدي مُقارنة العقول الطبيعية التي تمت دراستها للأطلس مع تلك الموجودة في الأشخاص الذين يُعانون من تشوهات معروفة إلى بعض الأفكار، فالتشريح العصبي أمر بالغ الأهمية ليكون بمثابة الأساس الذي نبني عليه معرفة بالوظيفة العادية وغير العادية على حد سواء، لكن في هذا الوقت من المُستحيل معرفة الآثار التي قد ينجُم عنها هذا الاكتشاف لمرض عصبي أو نفسي، وستكون التحقيقات في وظائف هذه النواة في السنوات القادمة أساسية في الإجابة على هذه الأسئلة.
لم يتم فحص هذا الاكتشاف من قبل من قِبَل النظراء، لكن التفاصيل عن منطقة الدماغ الجديدة يُمكن العثور عليها في الأطلس الأخير لباكسينوس “Paxinos”.
كتابة: آلاء عمارة
مراجعة: ميار محسن
تحرير: أسماء بحر
تصميم: نهى عبد المحسن