اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا الحروب الكيميائية
29 من أبريل من كل عام، يومٌ خُصِّص لإحياء ذكرى جميع ضحايا الحروب الكيميائية، حيث تم تحديد هذا اليوم عام 2005 -غيّرت الأمم المتحدة الاحتفال بيوم الذكرى إلى 30 نوفمبر-.
يوم 29 أبريل تاريخ مهم للغاية، حيث يتم خلاله الاحتفال باليوم الذي دخلت فيه اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1997 حيز التنفيذ. الهدف من هذا اليوم السنوي هو الإشادة بضحايا الحروب الكيميائية، والتأكد من التزام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “OPCW” بالقضاء على تهديدات الأسلحة الكيميائية وخطرها على حياة البشر، وبالتالي تعزيز أهداف الأمن والسلام العالميين.
الحروب الكيميائية، هي تلك الحروب التي يتم خلالها استخدام الأسلحة الكيميائية ضد العدو، ولكن تُرَى ما هو السلاح الكيميائي؟
السلاح الكيميائي: مركبات كيميائية عديدة، عادةً ما تكون مواد سامّة تهدف إلى قتل أو إصابة أفراد العدو. السلاح الكيميائي مثله مثل الأسلحة النووية والبيولوجية، غالبًا ما يُصنّف على أنه من أسلحة الدمار الشامل.
تاريخ تلك الأسلحة ليس بالقصير، ففي الحروب الحديثة، تم استخدام الأسلحة الكيميائية لأول مرة في الحرب العالمية الأولى (ما بين عامي 1918 – 1914)، تسببت فيها حرب الغاز -على الأغلب غاز الكلور- بأكثر من مليون ضحية للمقاتلين في ذلك الصراع، وقتلت ما يقدر بنحو 90 ألف شخص. في السنوات التي تلت ذلك، تم استخدام الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، وأبرزها في الحرب الإيرانية العراقية (1980 – 1988) والحرب الأهلية السورية. كذلك الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال عقود من المواجهة في ما يسمى بالحرب الباردة (1945 – 1991).
أنواع الأسلحة الكيميائية كثيرة
تشترك جميعها في أنها كيميائية المصدر، كما أنها سواء كانت غازية أو سائلة أو صلبة، تشترك أيضًا في خصائصها السامة على البشر، والكائنات الحية الأخرى كالحيوانات والنباتات. وتُحدِث أضرارًا عند استنشاقها أو امتصاصها عبر الجلد أو تناولها في الطعام أو الشراب.
ويمكننا أن نسمي المواد الكيميائية الخطيرة بالأسلحة عندما يتم وضعها في قذائف المدافع أو ألغام أرضية، قنابل جوية أو يدوية، أو أي وسيلة أخرى لإيصال تلك المواد إلى أهداف معينة. كما أننا لا نعتبر جميع المواد السامة مناسبة للتسليح أو استخدامها كأسلحة كيميائية، يجب أن تمتلك مجموعة من الخواص، منها أن تكون مواد شديدة السمية، ويسهل التعامل معها، وقادرة أيضًا على تحمُّل الحرارة؛ فلا تفسد أثناء اندفاع القذائف مثلًا، أو أثناء انفجار العبوات الناسفة وخلافه، كما يجب أن تكون مقاومة للماء ولأكسجين الهواء الجوي؛ حتى نضمن فعاليتها أثناء الانتشار.
كما ذكرنا، فالسلاح الكيميائي نظرًا لخطورته البالغة، فهو يُعَد من أسلحة الدمار الشامل؛ حيث أنه خلال الحرب العالمية الأولى وحدها، قتلت الأسلحة الكيميائية من 90 – 100 ألف شخص. كما نتج عن الأسلحة الكيميائية خلال الحرب حوالي مليون إصابة.
كل هذا قد جعل استخدام الأسلحة الكيميائية ضد القانون، لذا؛ كان على العالم أن يقف وقفة، وقد كان.
سعى بروتوكول جنيف، الموقع في عام 1925 إلى حظر استخدام الأسلحة الكيميائية، حيث لم تنضم الولايات المتحدة إليه حتى عام 1975.
وفي 29 أبريل 1997، عُقدت اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ووقّعت عليها 193 دولة، وخلال الاتفاقية، تم تشكيل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “the Organization for the Prohibition of Chemical Weapons”، ويتم اختصار اسم المنظمة لـ(OPCW).
أهداف تلك المنظمة واضحة، فهي تسعى إلى التحقق من امتلاك الأسلحة الكيميائية وتدميرها، كما تقوم بتفتيش المنشآت التي كانت تنتج أسلحة كيميائية في السابق. تحظُر استخدام الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع، وتحظُر تطويرها وإنتاجها وتخزينها ونقلها. تسمح فقط بإنتاج محدود للغاية من الأسلحة الكيميائية لأغراض البحث.
في عام 2013، حصلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على جائزة نوبل للسلام. واعتبارًا من عام 2017، تم تدمير 68 ألف طن من مخزونات الأسلحة الكيميائية. بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير 90 منشأة للأسلحة الكيميائية، أو تحويلها إلى مؤسسات أخرى.
في 11 نوفمبر 2005، اعترفت الأمم المتحدة رسميًا بيوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية؛ ليكون في يوم 29 أبريل، أي أنه تاريخ عقد اليوم الدولي لتأسيس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
من الجدير بالذكر أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تجدي نفعًا إذا أظهرت الدول التي تعهدت بدعمها جهلًا صارخًا بأحكامها؛ ففي أوائل أبريل 2018، انتشرت تقارير تفيد باستخدام الرئيس الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سوريا في مصادر إعلامية مختلفة. أفادت الأنباء أن أكثر من 85 شخصًا لقوا حتفهم في الهجوم الكيميائي الذي وقع في مدينة دوما “Douma” التي يسيطر عليها المتمردون. من المفترض أن 98% من دول العالم تعيش تحت حماية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية -منها سوريا – لذا؛ نأمل من تلك المنظمة الموكل إليها تنفيذ شروط اتفاقية حظر مثل تلك الأسلحة أن تقوم بعملها كما ينبغي أن يكون، ليحل السلام.
كيف يتم الاحتفال بيوم الذكرى؟
إنه يوم بدون عطلات رسمية، فقط تَعقِد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “OPCW” كل عام احتفالًا خاصًا لتذكُّر ضحايا الحروب الكيميائية. يتألف الحفل من وضع إكليل من الزهور، ووقت من الصمت.
كيف تشارك أنت في الاحتفال بهذا اليوم؟
1- أشعل شمعة لتتذكر جميع ضحايا الحرب الكيميائية.
2- تعرف على مدى ضرر الأسلحة الكيميائية لعالمنا ومجتمعاتنا.
3- شاهد أفلامًا عن الحرب العالمية الأولى، بما في ذلك:
The Big Parade أو The End of St. Petersburg أو All Quiet on the Western Front.
4- نشر الوعي لهذا اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام هاشتاج:
DayOfRemembranceForAllVictimsOfChemicalWarfare
وختامًا، لما نحتفل من الأساس بالأيام الدولية؟
الأيام الدولية مناسبات لتثقيف عامة الناس حول القضايا ذات الأهمية من أجل معالجة المشاكل العالمية، والاحتفال بالإنجازات الإنسانية وتعزيزها. ورغم أن الاحتفالات ببعض الأيام الدولية قد جاءت قبل إنشاء الأمم المتحدة، إلا أن الأمم المتحدة تبنّت هذه الاحتفالات كأداة ووسيلة قوية لنشر الوعي.
كتابة: مصطفى أحمد
تدقيق: إسراء وصفي