الكيمياء

السيروتونين.. بين السعادة والمرض

داخل جدران الغرفة، وتحت أسقف أحد أبنية شوارع روما القديمة في عام 1935، يكتشف عالم الأدوية ڤيتوريو إرسامبر (Vittorio Erspamer) أحد أهم المركبات، ويأتي خلفه العلماء الأمريكيون ليأكدوا نتائجه؛ ليعرف العالم ما هو السيروتونين (serotonin)، ليس هذا فحسب، بل استطاع كل من: عالمي الكيمياء الحيوية ماريوس ريوت (Maurice M. Rapport) وأردا غرين (Arda Green) وإيرفاين بيج (Irvine Page) عالم وظائف الأعضاء، عزل هذا المركب بعد اكتشافه بثلاثة عشر عامًا؛ لتتسنى لنا الفرصة لدراسة هذا المركب أكثر وعن قرب.

لكن، ما هو السيرتونين؟

هو أحد النواقل العصبية، وهو مادة كيميائية (هرمون) تُفرزها خلايا عصبية في الجهاز العصبي وخلايا الجهاز الهضمي، وهنا توجد الغالبية منه، وكذلك يوجد في الصفائح الدموية. ولهذا الهرمون تأثير شامل على الجسم، فهو يسمح بتواصل خلايا الجهاز العصبي والمخ مع بعضها البعض، كذلك يساعد في النوم والهضم.
ولكن إذا كان معظم الإنتاج من السيروتونين يوجد بالجهاز الهضمي وأحد أشهر اضطرابات الجهاز الهضمي هو متلازمة القولون العصبي (Irritable bowel syndrome)، إذًا، هل هناك علاقة بينهما؟!

  • السيروتونين والقولون العصبي

نعم، هناك علاقة بينهما، وتتمثل عندما يحدث تغير في الإشارات الموجهة لإفراز السيروتونين، فينتج عنه تأثير مباشر أو غير مباشر على الحركة المعوية، ووظيفة الإفراز، وتحدث الاضطرابات كالإمساك أو الإسهال، وهذه هي الأعراض المعوية الخاصة بالقولون العصبي، لذلك، ربما العلاجات التي تستهدف الإشارات الخاصة بالسيرتونين ستوفر علاجات فعالة لمرضى القولون العصبي.

  • كيف يمكن أن نحسن من مستوى السيروتونين؟

هرمون على تلك الأهمية بالنسبة للصحة سواء النفسية أو الجسدية من المهم المحافظة على مستواه، بل وأيضًا نحسنه، لأن نقصه في الجسم عن المعدل الطبيعي يؤدي لأعراض منها:
– الإحساس بالكآبة والإحباط والتوتر.
– الشعور بالإنزعاج والعدوانية.
– اضطراب في النوم والشعور بالإرهاق.
– الإحساس بالإندفاع والتهور.
– مشاكل بالهضم والشعور بالغثيان.
– اشتهاء الحلويات والأطعمة الغنية بالكربوهيدرات.

لذلك، هناك عدة طرق للتحسين من مستوى السيروتونين ومنها:
– تناول الأطعمة التي تحتوي على الأحماض الأمينية كالتريبتوفان (Tryptophan) الموجود في السمك المدخن والديك الرومي.

ولكن، لماذا التريبتوفان؟!

لأن السيروتونين لا يوجد بشكل مباشر في الأطعمة، لذلك تناول الأطعمة التي تحتوي على التريبتوفان يساعد؛ حيث أنه يكون المركب الرئيسي للسيروتونين.
ولكن، خذ حذرك، يمكن أن تتناول تلك الأطعمة، ومع ذلك لا يستفيد منها الجسم؛ لأنه غير قادر على امتصاصها، لذلك يجب تناول نشويات مثل الخبز والأرز بجانب تلك الأطعمة، والسؤال هنا، ما علاقة النشويات (الكربوهيدرات) بالتريبتوفان؟
النشويات أو الكربوهيدرات بعد دخولها لجسم الإنسان لتمر بمراحل تحللها وامتصاصها ينتج عنها زيادة في مستوى الأنسولين في الدم، والذي بدوره يساعد على زيادة كمية التريبتوفان التي يستفيد منها الجسم لتصل إلى العقل.
كذلك ممارسة الرياضة كالسباحة وركوب الدراجات والمشي السريع والركض، وإمضاء بعض الوقت تحت أشعة الشمس، لأن الضوء يؤثر على مستوى السيروتونين، ويفضل قضاء هذا الوقت في الصباح، والمساج.

  • متلازمة السيروتونين

لا يسعنا التحدث عن السيروتونين بدون ذكر تلك المتلازمة، وهي تحدث عندما يزداد معدل السيروتونين نتيجة تناول الأدوية التي تحتويه، أو بسبب تفاعل الأدوية مع بعضها، لذلك، يجب عليك إخبار الطبيب عن الأدوية التي تتناولها، بجانب علاجك مسبقًا وتاريخك المرضي، ولكن هل الزيادة بالأمر السيء؟
بالطبع لا، وهنا لا نتحدث عن زيادة طبيعية، بل إلى زيادة مرضية تؤدي لأعراض خطيرة.

  • أعراض متلازمة السيروتونين وخطرها

ومن أعراضها:
– الحيرة والأرق.
– زيادة معدل ضربات القلب.
– إسهال وغثيان ورعشة.
– فقدان السيطرة على العضلات.
– التعرق الشديد.
– اتساع حدقة العين وارتفاع ضغط الدم.

ولا تمثل هذه المتلازمة خطرًا عندما يعود مستوى السيروتونين إلى المعدل الطبيعي، لكن الإهمال دون علاج قد يسبب خطرًا، ويؤدي للوفاة.
ومن أعراض اقتراب الخطر:
– حمى شديدة.
– نوبات مرضية.
– عدم انتظام ضربات القلب.
– فقدان الوعي.

لذلك، لا يجب عليك إهمال صحتك بأي شكل من الأشكال، بعض الأمراض يكون علاجها سهلًا، ولكن مع الإهمال، تتفاقم المشكلة ويتعسر على الأطباء التدخل.
دمتم سالمين.

المصادر: 1, 2, 3

كتابة: رؤى غريب

مراجعة: نرمين خالد

تدقيق لغوي: إسراء وصفي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى