الأحياء

كم نحن قريبون لعلاج السرطان باستخدام كريسبر!

في الآونة الأخيرة انتشر مصطلح “كريسبر”، والمعروف عنه أنه شكل من أشكال الهندسة الوراثية الذي مكن العلماء من إجراء تعديلات على الجينوم، أي تغيير مجموعة ما من الجينات التي تقع بين عشرات الآلاف من الجينات المحمولة على الحمض النووي الخاص بالكائن الحي، وباستخدام “كريسبر” قد يكون لدى العلماء القدرة على إزالة أو تصحيح الجينات المُسبِّبة للأمراض أو إدخال جينات جديدة يمكن علاجها نظريًا، بما في ذلك السرطان.

وتم نشر دراستان لكريسبر، الدراسة الأولى قد كشفت عن طريقة جديدة وأكثر فعالية لإجراء تغييرات في الجينوم باستخدام كريسبر والتي يتم فيها استخدام المجالات الكهربية، ولاقت هذه الدراسة ثناءً كبيرًا من مؤسسة الأبحاث الطبية الحيوية، والدراسة الثانية تشير إلى أن تعديل الجينات باستخدام “كريسبر” ستكون أكثر ضررًا مما يعتقد العلماء.

تُعَد “CRISPR” أداة من بين العديد من الأدوات التي اُستخدِمت في مجال الهندسة الوراثية الذي مضى عليه 40 عامًا، حيث بدأ استخدامها منذ عام 2012 م.

وتقدم هذه التقنية دقة غير مسبوقة في تعديل الجينوم، والتي بها يتم فتح سلسلة من الحمض النووي وتصحيح خطأ بالشفرة الوراثية.

وعلى الرغم من أن “كريسبر” ليست الطريقة الأولى لتعديل الجينات لكنها الأداة الأكثر دقة حتى الآن.

ولكي نوضح الآلية التي تعمل بها “كريسبر” فعليك أولا معرفة أن “كريسبر” (CRISPRs) اختصار ـ”clustered regularly interspaced short palindromic repeats”
وهي عبارة عن تتابعات من الـ”DNA” موجودة في البكتيريا والميكروبات الأخرى، وتظهر كأنها نظام دفاعي لها، إذ أن الميكروبات تستخدم “كريسبر” والبروتينات الأخرى مثل بروتين “Cas9” لإيجاد وإزالة الحمض النووى الفيروسي، ثم تصحح الأمور بعد ذلك.

والآن فإن العلماء يقومون بأبحاث يستطيعون من خلالها دراسة وعلاج الأمراض البشرية باستخدام “كريسبر”.

ولكي تعمل تقنية الكريسبر، فإنها تحتاج إلى إدخال السلاسل القصيرة إلى نواة الخلية، حيث يُوجَد الـ”DNA”. ولنقل “CRISPRs” هناك، يستخدم العلماء فيروسات معدلة، إذ تقوم هذه الفيروسات بغزو الخلية، ولكن للحصول على فيروسات معدلة بأعداد كبيرة يمكن أن تستغرق شهورًا أو سنوات، وعادة لا يكون لدى المرضى ذوي الحالات الحرجة مقاومة تمكنهم من الانتظار.
لذلك لجأ العلماء لاستخدام التحفيز الكهربائي، وليس الفيروسات، لنقل المواد الجينية إلى نواة الخلية. ويُسمَّى هذا التحفيز بـ”electroporation” وبالتالي تقل مدة العملية إلى بضعة أسابيع.

بالرغم من النجاح المتوقع لهذه التقنية إلا أن هناك مجموعة من الباحثين الذين يحذرون وبشدة من استخدام تقنية كريسبر، ويشيرون إلى إنها محفوفة بالمخاطر، إذ إنها ستؤثر بشكل سلبي على أجزاء الـ”DNA” البعيدة عن المناطق المستهدفة، فمن الممكن عن طريق الخطأ أن يزيل العلماء أجزاءً من الـ”DNA” غير المستهدفة أثناء التخلص من السرطان.

وأكد أحد الباحثين أنه لا يجب استخدام التقنية على البشر بمجرد أن تم تجربتها على الفئران، فلا يصح مقارنتهم ببعض.

وهناك نوعان من المخاوف المتعلقة بالسلامة: أولًا: التأكد من أن التغيير الجيني قد تم بشكل صحيح، دون قص المناطق الأخرى.
وثانيًا: ضمان أن التغيير الجيني آمن وأن التغيير أو الإزالة ليس لها أي عواقب غير متوقعة.

ومن المثير للاهتمام أن “كريسبر” لديه القدرة على إحداث ثورة في علاج السرطان، ولا سيما في مجال العلاج المناعي. ففي العلاج المناعي للسرطان، يقوم المهندسون بتهجين خلايا مناعية جينيًا معروفة باسم “T cells” للعثور على الخلايا السرطانية وقتلها.

وفي عام 2017، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على عقارين لنوع من العلاج المناعي يُسمَّى chimeric antigen receptor(CAR-T).

إذا كنت مريضًا بالسرطان، فإن أول ما تحتاج إلى إدراكه هو أنك لا تريد بالضرورة أن تكون بحاجة إلى العلاجات التجريبية. إذا كنت بحاجة إلى واحد، فإن ذلك يعني أن العلاجات التقليدية، مثل: العلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحي قد فشلت.
الشيء الثاني الذي يجب على مرضى السرطان فهمه هو أن العلاجات التجريبية من “CRISPR” جيدة، ولكنها تجريبية وغير متوفرة للكثيرين. يتم تقديم هذه العلاجات في المقام الأول في المستشفيات البحثية، وأنها لا تعمل مع غالبية المرضى. يحاول الأطباء في هذه الأماكن معرفة ما إذا كانت هذه العلاجات تعمل وكيف تعمل، لذا يحتاج الأطباء إلى توظيف متطوعين مصابين لديهم أنواع محددة من السرطان.

والسؤال الرئيسي: ما مدى قربنا من علاج السرطان بكريسبر؟

بالطبع لا يمكن لأي خبير أن يقول بثقة، ويؤكد أحد الباحثين أن تقنية “كريسبر” ستجلب المزيد من العلاجات إلى مجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك أنواعًا معينة من السرطان، في السنوات القليلة المقبلة.
وأشار الدكتور “ألكسندر مارسون” من “UCSF”، مؤلف كبير في دراسة “electroporation”، أننا قد نحصل على إجابة عن تطبيقات سرطان “كريسبر” في وقت قريب بدلا من ذلك. ويأمل فريقه في علاج الذين يعانون من أمراض مناعية ذاتية نادرة لدرجة أنها تفتقر إلى الاسم.

وقد تم بالفعل تصحيح هذه الخلايا “T-cell” لدى المرضى باستخدام طريقة استهداف الجين غير الفيروسي في المختبر. وكان الهدف هو نقل الخلايا المصححة مرة أخرى إلى الأطفال لعلاج مرضهم.

ولا يزال العمل المهم ينتظر تطوير خلايا مصححة واختبار سلامتها والحصول على موافقة الجهات التنظيمية.

كما يمكن هندسة الخلايا لعلاج مجموعة متنوعة من السرطانات، حيث يمكن الآن إعادة برمجة الخلايا المناعية بوساطة “كريسبر” بشكل فعال دون الاعتماد على الفيروسات، والذي من شأنه أن يسرع استخدام “كريسبر” في علاج السرطان.

المصدر

كتابة: آلاء عمارة

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: أمنية عبدالفتاح

تحرير: إسلام حمدى

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى