الأحياءالطب

تمامًا كبصمات الأصابع، لا يوجد شخصان لهما نفس التشريح الدماغي.

أظهرت دراسة من قبل الباحثين من جامعة زيوريخ أن هذا التفرّد التشريحي هو نتيجة لمجموعة من العوامل الوراثية وتجارب الفرد الحياتية. إن بصمات الأصابع فريدةٌ من نوعها، وحيث أنه لا يوجد اثنان لهما نفس البصمة، فقد أصبحت الطريقة المستخدمة للتعرف على الهوية من قبل الشرطة، سلطات الهجرة، ومنتجين الهواتف الذكية على حدٍ سواء.

 

ولكن ماذا عن لوحة التحكم المركزية في رؤوسنا! هل من الممكن معرفة ما إذا كان هذا الدماغ ينتمي لأحدهم بمجرد معرفة بعض الصفات التشريحية؟ هذا هو السؤال الذي طُرح بواسطة مجموعة من الباحثين يعملون مع “Lutz Jäncke”، وهو أستاذ في علم النفس العصبي. لوتز في وقت سابق من الدراسات كان قادرًا على إثبات أن الفرد نتيجة لظروف تجاربه الحياتية قد يتأثر التشريح الدماغي له!

 

الموسيقيون المحترفون، لاعبو الغولف، أو لاعبو الشطرنج على سبيل المثال، كلٌ لديه الصفات المميزة في مناطق معينة من أدمغتهم والتي يستخدمونها بشكل أكبر من أجل نشاطهم وهوايتهم. وعلى ذلك فإن أحداثًا قصيرة المدة يمكن أن تترك وراءها آثارًا في الدماغ، على سبيل المثال: ذراعك اليمنى مُنعت من الحركة لمدة أسبوعين، سنلاحظ أن سُمك قشرة المخ في المنطقة المسؤولة عن تحريك الذراع الأيمن قد قلّ! وقد فسّر لوتز قائلًا :”نحن نعتقد أن هذه التجارب لها تأثير على تفاعل الدماغ مع العوامل الوراثية، حيث أنه على مدار مجموعة من السنوات يطوّر كل شخص التركيب التشريحي لدماغه”.

 

وللتحقق من فرضيتهم، قام “Jäncke” وفريقه من الباحثين دراسة أدمغة ما يُقارب 200 أشخاص أصحاء من كبار السن بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي ثلاث مرات على مدار عامين. وقد تم تقييم أكثر من 450 تركيب تشريحي للدماغ، بما في ذلك تركيبات تشريحية عامة مثل الحجم الكلي للدماغ، سُمك قشرة الدماغ، وحجم المواد الرمادية والبيضاء في الدماغ، وكان الباحثون قادرين على تحديد مجموعة من التراكيب التشريحية المميز للدماغ لكلٍ من 191 فرد، والتي كانت نسبة دقتها -حتى بالنسبة للصفات التشريحية العامة- أعلى من 90 بالمئة! ويقول لوتز محدثًا عن النتائج:”لقد استطعنا من خلال دراستنا أن نؤكد أن التركيب التشريحي لدماغ الفرد فريدٌ جدًا”، ويقول:”إن مجموعة التأثيرات الجينية وغير الجينية لا تؤثر فقط على وظيفة الدماغ، بل تؤثر أيضًا على شكله التشريحي”.

 

من الجوانب المهمة لنتائج دراسة “Jäncke” أنها تعكس التطورات العظيمة التي حدثت في هذا المجال في السنوات الأخيرة. فقبل 30 عامًا فقط، اعتقدنا أن دماغ الإنسان لا يمتلك إلا القليل من الخصائص الفردية، أو أنها منعدمة، وأنه لا يمكن تخيل هوية الشخص من خلال الخصائص التشريحية للدماغ. في الوقت نفسه أصبح التصوير بالرنين المغناطيسي أفضل بكثير، كما هو الحال بالنسبة للبرامج المستخدمَة في إجراء مسح رقمي للدماغ، ويقول “Jäncke” أن هذا بفضل هذا التقدم الذي نعرفه الآن بشكلٍ أفضل.

المصدر

 

كتابة: سارة ياسر

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: عمر حسن

تحرير: يمنى جودي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى