الأحياء

اكتشاف جسم مضاد قد يكون العلاج الأمثل لفيروسات الإنفلونزا كافة

الإنفلونزا عدوى فيروسية تصيب الجهاز التنفسي، الأنف والحنجرة والقصبات، وتصيب الرئتين أحيانًا.
الإنفلونزا من أشهر الأمراض وأكثرها انتشارًا بين البشر، فمَن مِنّا لم يُصَب بنزلة برد سواء كانت حادة أو مرت مرور الكرام؟
بالنسبة لمعظم الأشخاص، تزول الإنفلونزا وأعراضها من تلقاء نفسها. لكن أحيانًا يمكن أن تكون مضاعفاتها قاتلة! فإذا علِمنا بإمكانية وجود علاج لفيروسات الإنفلونزا جميعًا إذًا فالأمر يستحق الإنتباه.

عثر فريق من الباحثين على جسم مضاد يحمي الفئران من مجموعة كبيرة من فيروسات الإنفلونزا القاتلة؛ مما يعزز الجهود المبذولة لتصميم لقاح عالمي يمكن أن يعالج البشر أو يحميهم من جميع سلالات الفيروس.

تشير الدراسة التي أجرتها مؤسسة سكريبس “Scripps” للأبحاث بالاشتراك مع كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس وكلية إيكان”Icahn” بنيويورك، إلى الاقتراب من حل جديد لمعالجة الحالات الشديدة من الإنفلونزا، بما في ذلك الأوبئة.

إليكم التفاصيل..
يقول إيان ويلسون “Ian Wilson” من شركة سكريبس للأبحاث، وهو أحد ثلاثة باحثين مشاركين كبار في هذا البحث، إن الجسم المضاد في مركز الدراسة يرتبط ببروتين يسمى نيورامينيداز “neuraminidase” وهو أمر ضروري لتكاثر فيروس الإنفلونزا في الجسم.

يمكِّن هذا البروتين الموجود على سطح الفيروس الخلايا المضيفة المصابة من إطلاق الفيروس حتى ينتشر في خلايا أخرى. عقار تاميفلو “Tamiflu”، هو الدواء الأكثر استخدامًا على نطاق واسع للإصابة بالإنفلونزا الحادة، يعمل عن طريق تعطيل نشاط النورامينيداز. ومع ذلك، توجد العديد من أشكال النورامينيداز، اعتمادًا على سلالة الإنفلونزا، وهذه العقاقير ليست فعالة دائمًا، خاصة مع تطور مقاومة الفيروسات للأدوية.

يقول “علي الليبيدي Ali Ellebedy” -أستاذ مساعد في علم الأمراض وعلم المناعة في جامعة واشنطن وأستاذ مساعد في علم الأحياء الدقيقة الجزيئية-: “هناك سلالات كثيرة من فيروس الإنفلونزا تنتقل بالعدوى، لذا يتعين علينا كل عام تصميم وإنتاج مصل أو لقاح جديد لمواكبة أكثر السلالات شيوعًا في ذلك العام”. “تخيل الآن ما إذا كان بإمكاننا الحصول على لقاح واحد يحمي من جميع سلالات الإنفلونزا، بما في ذلك فيروسات الإنفلونزا البشرية وإنفلونزا الخنازير وغيرها من فيروسات إنفلونزا الطيور القاتلة والخطيرة للغاية. ويمكن أن يكون هذا الجسم المضاد هو مفتاح تصميم مصل عالمي حقًا.”

اكتشف الليبيدي الجسم المضاد -وهو جزيء مناعي يتعرف على أي جسم غريب يدخل الجسم ويرتبط به- في دم لمريض مصاب بالإنفلونزا تم إدخاله مستشفى بارنز اليهودي “Barnes-Jewish Hospital” في سانت لويس في شتاء عام 2017.

كان الليبيدي يعمل على دراسة لتحليل الاستجابة المناعية لعدوى الإنفلونزا لدى البشر بالتعاون مع مركز الأبحاث والرعاية في حالات الطواريء بجامعة واشنطن، والذي كان يرسل له عينات دم من مرضى مصابين بالإنفلونزا. سرعان ما لاحظ عينة دم معينة كانت غير عادية، احتوت تلك العينة على أجسام مضادة ضد الهيماغلوتينين “hemagglutinin” وهو البروتين الرئيسي على سطح الفيروس، بالإضافة إلى ذلك فقد احتوى على أجسام مضادة أخرى كانت تستهدف بوضوح شيئًا آخر.

يقول الليبيدي: “في الوقت الذي بدأنا فيه للتو، وكنت أقوم بإعداد مختبري، لذا فلم تتوفر لدينا الأدوات اللازمة للنظر في الأشياء والمستجدات الأخرى التي يمكن أن تستهدفها تلك الأجسام المضادة”.

أرسل ثلاثة من الأجسام المضادة إلى الباحث الكبير فلوريان كرامر “Florian Krammer” المشارك في هذا البحث، أستاذ علم الأحياء المجهرية في كلية إيكان للطب. و خبير في “neuraminidase”، اختبر كرامر الأجسام المضادة على مجموعة كبيرة من بروتينات النيورمينيداز. قام واحد على الأقل من الأجسام المضادة الثلاثة بتثبيط نشاط النورامينيداز في جميع أنواع النورامينيداز المعروفة في فيروسات الإنفلونزا، والتي تمثل مجموعة متنوعة من السلالات التي تصيب البشر وغير البشر.

يقول كرامر “اتساع نطاق الأجسام المضادة كان مفاجأة لنا”. “الأجسام المضادة (المضادة للنورامينيداز) عادةً ما يتسع نطاقها خلال نوع فرعي واحد، مثل H1N1 -أحد أنواع فيروس A-، ولكن جسم مضاد ذو نشاط قوي على الأنواع الفرعية لم يسمع به من قبل. في البداية، لم نصدق نتائجنا التي توصلنا إليها. خصوصًا قدرة الأجسام المضادة على العبور بين فيروس الإنفلونزا A وفيروس الإنفلونزا B فقد كان ذلك مذهلًا حقًا، إنه لأمر مدهش ما يمكن لجهاز المناعة البشري أن يكون عليه إذا تم تزويده بالمضدات الصحيحة.”

لمعرفة ما إذا كان يمكن استخدام الأجسام المضادة لعلاج حالات الإصابة الشديدة بالإنفلونزا، قام كرامر وزملاؤه باختبارها في الفئران التي أعطيت جرعة مميتة من فيروس الإنفلونزا. كانت جميع الأجسام المضادة الثلاثة فعالة ضد العديد من سلالات الإنفلوانزا، وقد تمت حماية الفئران بجسم مضاد واحد يسمى “1G01″، من جميع السلالات الإثنتي عشرة التي تم اختبارها، والتي شملت المجموعات الثلاث من فيروس إنفلونزا الإنسان بالإضافة إلى سلالات أخرى تصيب الطيور وكذلك أنواع غير البشرية.

يقول الليبيدي: “لقد نجا كل الفئران، حتى لو تم إعطاؤهم الجسم المضاد بعد 72 ساعة من الإصابة”، “لقد أصيبوا بالتأكيد بالمرض وفقدوا الوزن، لكننا ما زلنا ننقذهم. لقد كان ذلك رائعًا. فقد جعلنا ذلك نعتقد أنك قد تكون قادر على استخدام هذا الجسم المضاد في سيناريو عناية مركزة عندما يكون لديك شخص مريض بالإنفلونزا وقد فات الأوان على استخدامه التاميفلو.”

إذًا لن يقتصر دور العلاج على القضاء على أنواع فيروسات الإنفلوانزا جمعاء فحسب، بل يمتد إلى الحالات الميئوس منها!
لذا نأمل أن يكون في متناول أيدي البشر في أقرب وقت.

 

المصدر

 

كتابة: نرمين خالد

مراجعة: مصطفى احمد

تحرير: اسراء وصفى

تصميم: عاصم عبدالمجيد

اظهر المزيد

نرمين خالد

كاتبة بقسم الأحياء والكيمياء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى