السابوتا السوداء، فاكهة النوتيلا الرّبّانية!
لقد اخترع البشر -منذ القدم- أصنافًا من الوجبات الشهية والأطعمة الشيطانة من أجل الاستمتاع بالمذاق اللذيذ. ولكن إذا تأملنا الطبيعة بعمق، سنجدها زاخرة بألوان الفاكهة شديدة اللذة، والتي لم يُخَيّل لنا وجودها من الأساس لكثرة مزاياها. من بين تلك الأنواع فاكهة استوائية بطعم بودنج الشيكولاتة تسمى السابوتا السوداء “Black Sapote”! ما هي صفات هذه الثمرة؟ وأين تتواجد؟ وهل لها فوائد صحية أم أنها مجرد طعم لذيذ؟ هذا ما سنتعرف عليه تِبَاعًا في هذه المقالة.
ماهي فاكهة السابوتا؟
فاكهة السابوتا السوداء أو الداكنة “Black Sapote” هي فاكهة استوائية من نوع البرسيمون “Persimmon” غنية بسائل بني غامق كثيف شبيه بحلوى بودينج الشيكولاتة (pudding). تحوي العديد من العناصر الغذائية والمواد الفعالة، كما اكُتشِف أن لها العديد من الاستخدامات الطبية. فاكهة الشيكولا شبيهة بثمرة الطماطم أو الكاكا من الخارج، حيث تُحاط بقشرة خضراء داكنة سميكة. وتحتوي بداخلها على السائل الداكن الكثيف، والشبيه من حيث اللون واللزوجة والطعم بالشكولاته، لذلك سميت بهذا الاسم (فاكهة بودنيج الشيكولاته) -يوجد أنواع أخرى من السابوتا تعرف باسم السابوت الأصفر والأبيض-.
ما يميّز السابوتا عن البودينج بشريّ الصُنع؛ أنها طبيعية مفيدة لا تضر، ولا تتسبب بزيادة الوزن نظرًا لانخفاض سعراتها الحرارية. ويا لها من مميزات، فهي ليست مجرد فاكهة مفيدة ولذيذة فحسب، هي أيضًا تشبه أحد أشهر وأحب أنواع الحلوى في العالم: بودينج الشيكولاته -التي يعود تاريخها لعام 1730- حتى إنها قد خُصص لها يوم وطني في الولايات المتحدة! يسمى اليوم الوطني لبودنج الشوكولاتة، ويتم الاحتفال به في 26 يونيو من كل عام.
لثمار السابوتا الداكنة أسماء عديد متعارف عليها، مثل البرسيمون الأسود، وفواكه الشوكولاتة، وفاكهة بودنغ الشوكولاتة. واسمها العلمي: “Diospyros nigra” من الفصيلة الأبنوسية.
ماهي مواصفات الثمرة؟
فاكهة مستديرة، قطرها 5-12 سم، بغلاف خارجي سميك أخضر داكن عندما تنضج. طرية ولُببية -بداخلها لب أو بذور- وطعمها غير حامضي لاذع، بل حُلو لذيذ ولا نكهة له. عندما تنضج يصبح جلدها الناعم الرقيق أخضرًا زيتونيًا، ثم أخضر موحل أو بني. ثمرة بها بذور (1-10 بذرة) مسطحة وناعمة بنية اللون -يمكن أن تجد بعض الحبات بدون بذور.
أما عن وصف شجرتها، فهي شجرة دائمة الخضرة، يصل ارتفاعها إلى حوالي 8 أمتار، بأوراق مدببة من كلا الطرفين، سطحها جلديّ الملمس مصقول ولامع. وزهورها متباعدة أنبوبية الشكل ذات لون أبيض.
ما هو موطن شجرة السابوتا السوداء؟
موطنها شرق المكسيك وأمريكا الوسطى وغواتيمالا وكولومبيا، ولكنها تُزرع حاليًا أيضًا في فلوريدا وأستراليا والفلبين -يُقال أن الأسبان نقلوا السابوتا السوداء إلى الفلبين عام 1776 تقريبًا- وجمهورية الدومينيكان -منطقة البحر الكاريبي- وكوبا وهاواي.
إذًا، ما هي الظروف البيئية التي تنمو فيها شجرتها؟ وهل يمكننا استزراعها في بلادنا؟
الإجابة نعم، تحتاج مناخ استوائي يسهل توفيره في البلاد العربية، وبالفعل تم استزراعها في إحداها. للحصول على أفضل النتائج عرّض الشجرة لأشعة الشمس بالكامل. استخدم تربة تأصيص جيدة. ضع سمادًا عضويًا سائلًا من نوع جيد أثناء نمو النبات في الربيع وحتى أوائل الصيف. وبعد كل حصاد، قم بقطع الفروع العلوية.
ابحث عن النباتات المطعّمة إذا أمكن لأنها تميل إلى الإزهار وتثبيت الثمار في وقت أسرع من النباتات المزروعة بالبذور -يمكنك زراعة شجرتها بسهولة أيضًا، حيث تزهر الشجرة المزروعة بالبذور في غضون خمس أو ست سنوات- يرغب زارعو هذه الشجرة في إعادة هيكلة وضعها كل عامين أو ثلاثة أعوام، بإعادة وضعها في إناء أو إصيص آخر. لا يمكنها تحمل الجفاف لفترات طويلة، لذا؛ قم بريّها بانتظام ولا بأس من إبقاء التربة رطبة قليلًا في جميع الأوقات. فعند الريّ، تأكد من سكب كمية كافية من الماء بحيث تتسرب من فتحة التصريف في قاع الإناء.
بمجرد استزراعها بضع سنوات، ستتفاجأ بعدد الثمار التي تنتجها الشجرة الواحدة. وعند جمع الثمار، قم بقطف الثمرة بعد أن تصبح سوداء داكنة. ولاختبار ما إذا كانت الثمرة ناضجة ستترك أثرًا على غلافها الخارجي إذا ضغطت عليها بأصابعك برفق. قم بتقطيع الفاكهة الناضجة إلى نصفين، ضع عليها القليل من صوص الشكولا واستمتع بالطعم الفريد والرائع، والمفيد أيضًا، حيث تعد فاكهة قليلة الدسم ومصدرًا ممتازًا لفيتامين ج “C”، حيث تحتوي على حوالي أربعة أضعاف فيتامين ج الموجود في البرتقال!
وفي النهاية، أحب أن أنهي المقال بالقليل من الفوائد الصحية لهذه الثمار الرائعة:
1- تعزز المناعة؛ نظرًا لأن السابوتا السوداء مصدر غني بفيتامين ج، فهو يساعد في بناء جهاز المناعة بالجسم، كما يساعد على تعزيز المقاومة ضد البكتيريا والفيروسات.
2- تساعد في عملية الهضم؛ وذلك كونها مصدرًا ممتازًا للألياف الغذائية، لذا؛ فهي مناسبة تمامًا لمن يعانون الإمساك وتعمل كبديل ممتاز للمليّنات.
3- تُحسّن الرؤية؛ فهي مصدر جيد لفيتامين أ بالإضافة إلى قدرتها في تعزيز نمو الخلايا.
4- توفر المعادن الأساسية كالبوتاسيوم، وهو معدن أساسي يمكن أن يسبب نقصه مشاكل في الكلى و في ضغط الدم، وفقدان الكتلة العضلية. بالإضافة إلى أنه مصدر لمعادن أساسية أخرى كالكالسيوم والفوسفور والحديد.
5- تساعد في إنقاص الوزن حيث تحتوي على الكاروتينات ومضادات الأكسدة التي تحفز إطلاق الدهون من الخلايا الدهنية، كما تساعد الكبد على تحويل الدهون إلى الطاقة. بالإضافة إلى أنها مصدر منخفض للغاية بالدهون، ولكنها تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات.
6- وأخيرًا، تحتوي على مواد مضادة للأكسدة فتتخلص من الشقوق الحرة “free radicals” وهي مسببات للسرطان. أي تقي من السرطان وأمراض القلب والسكتة الدماغية وغيرها من الأمراض. الثمرة تعزز امتصاص الحديد غير الهيم وتعزز الشفاء. كما أنه يساعد في الحفاظ على الكولاجين والأنسجة الضامة في الجسم. كما تحتوي على فيتامين E أكثر من الفواكه الاستوائية الأخرى كالفراولة، يقوم فيتامين E بدور وقائي من تطور الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.
الفاكهة مفيدة ومميزة من جميع النواحي، ولكنها باهظة بعض الشيء، لذا؛ نأمل أن تتفشى زراعتها في مختلف الأقطار عما قريب.
كتابة: نرمين خالد
مراجعة: مصطفى أحمد مصطفى
تحرير: إسراء وصفي