ميكروبات السُحب
اندهشت عند قراءتي لهذا العنوان، أهناك حقًا ميكروبات باستطاعتها النمو والتعايش بالسحاب؟ ثم أجبت نفسي.. لمَ لا؟!
ما يحتاجه الميكروب هو درجة حرارة مناسبة لطبيعته ومصدر للغذاء المناسب.
لكن السؤال الأهم.. ما أنواع تلك الميكروبات؟ وهل هي بكتيريا؟ أم فطريات؟ أم أي نوع؟ وما العملية التي تتبعها لتكوين الثلوج أو السحب؟ وهل يمكن الاستفادة من تلك العملية؟ وهل لها أضرار بالإضافة إلى منافعها؟
هذا ما ستعرفه في هذا المقال.
- متى اكتُشفت ميكروبات السحب؟
في عام 2017، اكتشف العلماء بعينات السحاب الموجودة فوق جبل بفرنسا نحو 28000 نوع من البكتيريا، كما يوجد بعض الأنواع نشطة التمثيل الغذائي في بيئتها الضبابية.
- علامَ تتغذى تلك الأنواع؟
كمثال للتغذية، يوجد منها “Pseudomonas syringae” وهو نوع عصَوي الشكل “Bacillus” يتغذى على السكريات الموجودة بالغلاف الجوي كمكون له للحماية من الأشعة فوق البنفسجية ودرجات الحرارة، أو من المواد العضوية المحمولة في الغبار.
- تأثير ميكروبات السحب على الطقس
يُقال أن لها دورًا في التأثير عليه، بالإضافة إلى دورها في دورتي الكربون والنيتروجين.
- مسئولة عن هطول الأمطار
تمتص بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي في الجو الدافئ لتكوّن السحب، ولا يحدث تكوين بللورات الجليد أو السحب إلا في وجود سطح سائل أو صلب مثل الغبار وعوادم الطائرات، وحتى البكتيريا وبالتالي مسئولة عن تكوين الأمطار والثلوج.
- نوى للتكثيف السحابي”cloud condensation nuclei (CCN)”
ذلك السطح السحابي المتكون من النوى البيولوجية (البكتيريا أو الجزيئات الأخرى ذات الأصل الحيوي)، والمتكون عليه الثلوج أو الأمطار، وأُطلقت عليه تلك التسمية من علماء الغلاف الجوي.
ويشير العلماء لأهمية تلك النوى البيولوجية لقدرتها أكثر من جزيئات الغبار على جمع الثلوج والأمطار؛ حيث أن الأولى تستطيع جمعها، لكن في درجات حرارة قليلة جدًا (-10 درجات مئوية).
وتكون من العوامل الممرضة النباتية التي تسبب أمراضًا للنباتات وتحملها الرياح الشديدة لمسافات بعيدة إلى مناطق أخرى أو إلى أعلى الغلاف الجوي، كما تنزل مرة أخرى مع هطول الأمطار.
- كيف تتكوّن الثلوج بواسطة تلك النوى البيولوجية؟
وجد العلماء بروتينات تنتجها تلك الأنواع الميكروبية تعمل على توجيه الماء بشكل ثلاثي الأبعاد يشبه الشبكة الجليدية وبالتالي تسرع عملية التنوي.
تتشكل السحب في الغلاف الجوي عند درجة حرارة منخفضة (14 درجة مئوية) كافية للتكثيف والتبريد والتشبع فيتكون الجليد.
- معظمها أنواع ممرضة للنباتات
حيث تستغل قدرتها على التجمد عند درجات الحرارة الأكثر دفئًا وتخترق جدران الخلايا النباتية.
بعد انتهاء دورتها في القضاء على النبات، تعود مرة أخرى إلى الغلاف الجوي لتنزل مع الأمطار، وتبدأ دورة جديدة من الهجوم وهذا سر بقاء أنواعها.
يوجد بعض الأنواع المسببة للأمراض الحيوانية ولكنها ليست شائعة مثل الأنواع الممرضة النباتية.
ويعزو بعض العلماء انتشار مرض الحمى القلاعية عام 2001 إلى هبوب عاصفة عملاقة بالأسبوع السابق في شمال إفريقيا.
أمّا فوق منطقة البحر الكاريبي، وساحل كاليفورنيا، وكذلك الولايات المتحدة القاريّة فتمكن العلماء من جمع الآلاف من الكائنات الحية الدقيقة؛ حيث أحصوا 5100 خلية بكتيرية لكل متر مكعب من الهواء.
وعلى الرغم من اكتشافهم لبعض الأنواع الفطرية لكن الأنواع البكتيرية كانت غالبة على العينات بدرجتين.
- مثال لبكتيريا السحاب (Pseudomonas syringae)
واحدة من أهم البكتيريا الممرضة للنباتات الموجودة بالغلاف الجوي وقيد الدراسة، تستقر على سطح النبات حتى تنتقل إلى داخله، عن طريق الجروح أو الفتحات الطبيعية مثل الثغور.
تُعد من أهم النماذج البكتيرية لفهم تكيف البكتيريا مع العائل، والتطور الميكروبي، وكذلك البيئة.
- استخدام تلك الأنواع من البكتيريا في تكوين الثلج الاصطناعي
حيث استخدم فريق دولي من الباحثين منتجًا صناعيًا يسمّى (snowmax)، وهو مسحوق لصنع ثلج اصطناعي يحتوي على “P. syringae” الميتة التي تمتلك البروتين المسئول عن صنع الجليد والموجود على جدران الخلية الخارجية.
ويقوم البروتين بترتيب الجزيئات حولها ووضعها في قالب لتشكيل بللورات الجليد.
تعمل أيضًا كالثلاجة فتنتزع الحرارة من الماء.
بعد قراءة المقال.. هل ستتغير رؤيتك للسحاب والثلوج أنها عبارة عن مجموعة من البكتيريا؟
وما يدعو للدهشة هو وجود مخلوقات لا تُرى بالعين المجردة قد تغير الطقس، بل وأحداث العالم أجمع بنقلها لمرضٍ ما في أثناء انتقالها مع ذرات الغبار من مكان لآخر وسقوطها مرة أخرى مع الأمطار!
كتابة: ندى عبد الرحيم
مراجعة: مصطفى أحمد
تدقيق لغوي: محمد لطفي