الأحياء

ما هي الطفرة؟

الكثير منا يسمع عن الطفرات التي يمكن أن تَحدُث للإنسان، لكن للأسف الكثير منا يجهل كيفية حدوث تلك الطفرات وما الذي يؤدي إلى حدوثها!

 

أولًا وقبل أي شيء يجب التنويه إلى أن الجنس البشري بأكمله هو نوع واحد له نفس الجينات باختلاف ترتيبها وتكوينها، ولكن عندما يتم خلق إصدارات مختلفة قليلًا من نفس الجينات المُكوِّنة للجنس البشري والتي تُدعَى “alleles” يُطلَق على هذه العملية بالطفرة، وهذه الاختلافات الصغيرة في تسلسل الحمض النووي تجعل كل فرد فريد ومتميز عن غيره في لون الشعر والبشرة والطول والشكل والمظهر الجسدي والسلوك والقابلية للإصابة بالأمراض سواء أكان من نفس النوع أو من الأنواع الأخرى.

 

كما أن التباين الوراثي بين البشر مفيد لأنه يساعد على التغيير بمرور الزمن؛ فهذه التباينات التي تساعد الكائن الحي على البقاء والتكاثر تنتقل من جيل لآخر، والتباينات التي تعيق البقاء والتكاثر لدى الأفراد يتم القضاء عليها من خلال عملية تُسمَّى “الانتقاء الطبيعي”، التي يمكن أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في مظهر الأفراد أو سلوكياتهم أو فسيولوجيتهم وذلك في غضون بضعة أجيال فقط؛ وبمجرد أن تنشأ الآليلات الجديدة؛ فإن الانقسام الاختزالي والتكاثر الجنسي يجمعان الآليلات المختلفة بطرق جديدة لزيادة التباين الوراثي.

 

وبالمقارنة بين الطفرة والتباين، فمن المفيد أن نفكر في الطفرة كعملية تُحدِث اختلافات جينية، ومن المهم أيضًا أن نعرف أن فقدان وظيفة الجين لا يؤثر دائمًا على الصحة، فعلى سبيل المثال: لدى معظم الثدييات مئات الجينات التي ترمز إلى المستقبلات الشمية وهي بروتينات تساعدنا على الشم، ففقدان أحد هذه الجينات ربما لا يُحدِث اختلافًا كبيرًا، ولكن في بعض الأحيان تؤثر الطفرات على العمليات الحيوية المهمة لحياة الإنسان، فمثلًا عندما تُحدِث الطفرات تغييرات في أجزاء من البروتينات التي تشفر البروتينات يكون بإمكانها أن تؤثر على البروتين نفسه، لكنها في المقابل يمكنها في بعض الأحيان أن تُحدِث تغييرات في “المفاتيح” التي تتحكم في متى وأين يكون البروتين نشطًا وكمية البروتين أيضًا.

 

أيضًا من أمثلة الطفرات الجينية “اللاكتيز”، وهو إنزيم يساعد الرُضَّع على تكسير “اللاكتوز”، ويكون الجين الذي يرمز إلى “اللاكتيز” نشطًا عادةً في الرُضَّع ثم ينطفئ عند عمر الرابعة تقريبًا، لكن بعض الناس لديهم اختلاف في التحول الجيني الذي يحافظ على جين “اللاكتيز” نشطًا، ويُطلَق على هذا التباين “استمرارية اللاكتيز” فيمكن للأشخاص الذين يمتلكونه الاحتفاظ باللبن في حميتهم الغذائية حتى كبالغين.

 

هناك عوامل أخرى لحدوث الطفرات والعوامل البيئية هي واحدة منها فالإشعاع والمواد الكيميائية والمنتجات الثانوية للاستقلاب الخلوي والجذور الحرة والأشعة فوق البنفسجية من الشمس، تضر الآلاف من النيوكليوتيدات في كل من خلايانا كل يوم؛ فهي تؤثر على النيوكليوتيدات نفسها سواء عند تحويل قاعدة واحدة إلى أخرى، أو ضرب قاعدة من العمود الفقري لها، أو حتى التسبب في كسر في الحمض النووي.

 

وأخيرًا تعمل أجهزة إصلاح الحمض النووي (DNA) بشكل مستمر في خلايانا من خلال تثبيت النيوكليوتيدات غير المتطابقة وتوصيل خيوط الحمض النووي المكسورة معًا مرة أخرى، لكن لا تزال تغييرات الحمض النووي قائمة، فإذا تضرر الحمض النووي بحيث لا يمكن إصلاح آلية إصلاحه؛ فإنه إما أن يتوقف عن الانقسام، أو أنه يدمر نفسه، وإذا حدث أي خطأ من هذه العمليات فيمكن أن تصبح الخلية سرطانية.

فنحن عندما نضع كريم الحماية من الشمس؛ فإننا بذلك نحمي أنفسنا من الطفرات في الخلايا الجسدية وهي الخلايا التي تشكل الجسم ولا تشارك في التكاثر، لكن فقط عندما يتم إجراء تغييرات الحمض النووي في خلايا البيض والحيوانات المنوية يتم تمريرها إلى الجيل التالي.

 

دعنا أن نتخيل الحياة بدون أي تمايز، أو اختلاف، أو طفرات فلن يكون هناك أي تباين، وبالتالي لن يكون هناك أي تطور.

المصدر

 

كتابة: مريم

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: محمد بركات

تحرير: إسلام حمدي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى