فيروس كورونا وأثر ارتداء الكمامة من الناحية النفسية
ليست الأحداث التي نعيشها هي التي تصنع استجابتنا تجاه شيء معين، ولكن طريقة تفكيرنا هي التي تصنع هذه الاستجابة، هذا ما ورد في بالي عندما سمعت سيدة توبخ ابنتها لعدم ارتدائها الكمامة.
ولكن البنت كانت تصر على رأيها وبدأت في البكاء، وشكَت من أنها تشعر بالاختناق وضيق بالتنفس عند ارتداء الكمامة، فهدأت الأم وقالت لها أنه لا يوجد لديها أي مشكلة مرضية تعيق ارتدائها، وأن ما تشعر به مجرد شعور نفسي بحت، ولكن البنت لم تقتنع ورفضت ارتدائها رفضًا قاطعًا.
لذا؛ في هذا المقال، سنحاول أن نستكشف معًا لماذا يرفض البعض ارتداء الكمامة من الناحية النفسية.
لماذا نرتدي الكمامة؟
لا يخفى علينا جميعًا الوقت العصيب الذي نعيشه بسبب فيروس كورونا المستجد (covid-19)، لذا؛ وضعت الحكومات بعض القواعد مثل ارتداء الكمامة؛ كمحاولة للحد من انتشاره، بل وصل الأمر في بعض الدول إلى فرض غرامة مالية في حالة عدم ارتدائها؛ مما أدى إلى حدوث انقسام في الآراء حول ارتدائها كما يلي:
• مجموعة من الأشخاص تحافظ على ارتدائها ولا تخرج للأماكن العامة بدونها.
• مجموعة أخرى ترفض ارتدائها رفضًا قاطعًا.
أسباب رفض ارتداء الكمامة
يرفض بعض الأشخاص ارتداء الكمامة بسبب معاناتهم من بعض المشاكل الجسدية أو النفسية والعقلية مثل:
• القلق الشديد ونوبات الهلع.
• جنون العظمة والهلوسة السمعية.
• الانفصام أو الشيزوفرينيا.
• أفكار عن إيذاء الذات أو الانتحار.
ولكن يشعر هؤلاء الأشخاص بالخجل الشديد من الحكم عليهم لعدم ارتدائهم للكمامة؛ لأن مرضهم غير مرئي للجميع.
في حين أن هناك مجموعة أخرى ترفض ارتداء الكمامة ولا تعاني من أي مشاكل عقلية أو جسدية.
أسباب رفض ارتداء الكمامة من الناحية النفسية
توجد العديد من الأسباب وراء رفض البعض ارتداء الكمامة من الناحية النفسية حيث يعتقد البعض أنها من الممكن أن:
• تحجب تعبيرات الوجه
يرى البعض أن ارتداء الكمامة يحجب تعبيرات الوجه، التي تُعد طريقة قوية وطبيعية ومباشرة لتوصيل المشاعر في التعاملات الاجتماعية اليومية.
• تُشعرهم بالقلق والذعر
حيث يجد البعض أن تغطية الفم والأنف تؤثر على التنفس؛ مما يعطي شعورًا بالقلق والذعر قد يصل إلى أعراض أشد مثل الدوخة والاختناق.
• تضارب التوجيهات والتصريحات
كان في بداية انتشار الفيروس ارتداء الأشخاص الأصحاء للكمامة ليس ضروريًا، ولكن بعد ثلاثة أشهر، أصدرت منظمة الصحة العالمية قرارًا بضرورة ارتدائها للحد من انتشار الفيروس، وخاصة في الأماكن العامة؛ وذلك بسبب اكتشاف الباحثون احتمالية انتقال المرض بدون أعراض.
• تسلبهم حريتهم
يقول ستيفن تايلور عالم نفس ومؤلف كتاب “علم النفس والأوبئة” أن الناس يتمردوا عند إخبارهم ما يجب عليهم فعله، حتى لو كانت هذه التدابير لحمايتهم. كما ينظرون لذلك علي أنه سلب لحريتهم.
• عدم إظهار ضعفهم
يعتقد البعض أن ارتداء الكمامة يعني اعترافهم بالخوف من الإصابة بفيروس كورونا ويُظهرهم ضعفاء؛ فيرفضون ارتدائها كمحاولة لإظهار القوة، وهذا ما أكده الطبيب النفسي ديفيد أبرامز.
• صعوبة التأقلم مع النسيج المصنوع منه الكمامة
يوجد لدى بعض الأشخاص حساسية تجاه النسيح الذي تُصنع منه الكمامة، كما يجدون صعوبة في ملامستها لبشرتهم والتأقلم معها.
• تكوين بخار على النظارات
ينتج عنه صعوبة في الرؤية مما يزيد الشعور بالارتباك.
• يرى البعض أنها تذكير مرئي بالفيروس،
لذا؛ يرفضون ارتدائها لأنها تجعلهم على حافة الهاوية، وأنهم غير قادرين على الاسترخاء. ويصل الأمر بشعورهم بأن الخطر أصبح في كل مكان.
• الخوف وعدم الراحة بسبب رؤية البعض يرتدونها
بعض الأشخاص يرى أن من يرتديها مصابًا ويشكل خطرًا عليه.
كل ما سبق طرق تفكير خاطئة لدى الشخص الذي يرفض ارتداء الكمامة.
المبالغة في ارتداء الكمامة من الناحية النفسية
يرحب الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي والخجل الشديد بارتداء الكمامة؛ لأنهم يفضلون إخفاء حالتهم العاطفية عن العالم الخارجي طوال الوقت.
بينما يعاني البعض الآخر من القلق والهلع تجاه أي شخص لا يرتدي الكمامة، فيتجنبونه ويتعاملون معه على أنه شخص مريض.
كيفية التأقلم مع ارتداء الكمامة
إذا كنت تشعر بالهلع وصعوبة في التنفس عند ارتدائها:
• احصل على هواء نقي ومنعش قبل وبعد ارتدائها.
• أجري بعض التمارين التي تساعدك على الاسترخاء مثل تمارين التنفس العميق.
إذا كنت تشعر بعدم الراحة بسبب ملمس نسيج الكمامة لجلدك:
• جرب أنواع مختلفة من القماش.
• جرب طرق مختلفة لربط الكمامة حول وجهك سواء الكمامات التي توضع حول الأذنين أو تربط خلف الرأس.
للتخلص من تكون البخار على النظارات:
• اغسل العدسات بماء يحتوي على صابون ثم لمعها بمنديل ورقي، حيث تجعل المادة الصابونية صعوبة في تكون البخار عليها.
وأخيرًا، اعتدل يا عزيزي ولا تبالغ أو تستهزئ بارتداء الكمامة، وخاصة في الأماكن العامة، فارتدائها ليس اختيارًا شخصيًا؛ فالكمامة ليست مثل حزام الأمان، فهي تحمي الآخرين أكثر مما تحميك.
واعلم أن ضرورة ارتدائها ليس الهدف منها سلب حريتك أو فرض وجهة نظر معينة، ولكن كمحاولة للحفاظ على أروح الجميع والسيطرة على انتشار المرض.
كتابة: رباب جبل
مراجعة: محمد ضياء
تحرير: إسراء وصفي