الطب

التهاب الجيوب الأنفية

بدأت معاناة الكثير من الأشخاص بسبب الكحة وسيلان الأنف واحِتقانها منذ بداية فصل الخريف، وتزداد حدة وضراوة هذه الأعراض في فصل الشتاء؛ فيظن البعض أن هذه الأعراض أعراض نزلة برد متكررة، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ؛ لأن هذه الأعراض تندرج أيضًا تحت قائمة أعراض التهاب الجيوب الأنفية.

لذا؛ سنتعرف معًا -في هذا المقال- إلى التهاب الجيوب الأنفية، وأسبابه، وطُرق علاجه، وكيف نفرق بينه وبين نزلات البرد، خاصة لدى الأطفال.

ما هو التهاب الجيوب الأنفية (Sinusitis)؟

هو حالة مرضية شائعة يعاني فيها المريض التهاب وتورم الأنسجة المبطنة للجيوب الأنفية بسبب انسداد الأنف، والذي يستمر لفترات طويلة ولا يتحسن مع الوقت، حيث تمتلئ الجيوب الأنفية الصحية (جيوب هوائية صغيرة تقع خلف الجبهة، والأنف، وعظام الوجنتين، وبين العينين، وهي المسؤولة أيضًا عن إفراز المخاط) بالهواء في العادة.

ولكن عند انسدادها وامتلائها بالسوائل، تنمو بداخلها الجراثيم، مما يؤدي إلى تكوُّن المخاط بكمية كبيرة فيسد فتحات الجيوب الأنفية. تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 31 مليون شخص بالولايات المتحدة يصابون بالتهاب الجيوب الأنفية كل عام، وينفق الأمريكيون أكثر من مليار دولار سنويًا على الأدوية الخاصة بعلاجه.

أنواع عدوى الجيوب الأنفية

توجَد ثلاثة أنواع لالتهاب الجيوب الأنفية، وتتشابه تلك الأنواع الثلاثة في الأعراض، ولكنها تختلف في مدة استمرار هذه الأعراض وحِدتها. وهي كما يلي:

1- التهاب الجيوب الأنفية الحاد

يستمر لفترة قصيرة؛ فعند الإصابة بعدوى فيروسية، تظهر على المريض أعراض نزلة البرد العادية، وتستمر هذه الأعراض لمدة أسبوع أو اثنين. أما إذا كانت العدوى بكتيرية، فمن الممكن أن تستمر الأعراض لمدة أربعة أسابيع.

2- التهاب الجيوب الأنفية شبه الحاد

تستمر أعراضه لمدة ثلاثة أشهر، ويحدث نتيجة العدوى البكتيرية أو الحساسية الموسمية.

3- التهاب الجيوب الأنفية المزمن

تستمر أعراضه لأكثر من ثلاثة أشهر، ولكنها تكون أقل حدة من أعراض النوعين السابقين. وقد يحدث نتيجة العدوى البكتيرية، أو بسبب الحساسية المستمرة، أو مشاكل الأنف الهيكلية.

أسباب الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية

هنالك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى انسداد الجيوب الأنفية، ومن ثَمَّ، التهابها. ومنها ما يلي:

1- نزلات البرد وعدوى الجهاز التنفسي العلوي: بسبب تكوُّن المخاط، مما يتيح الفرصة لنمو البكتريا والفيروسات التي تسبب التهاب الجيوب الأنفية.

2- السلائل الأنفية: وهي زوائد صغيرة في بطانة الأنف تحتوي على مخاط.

3- انحراف الحاجز الأنفي (تحوَّل في تجويف الأنف).

4- ضيق فتحات الجيوب الأنفية.

5- الحساسية الموسمية من الممكن أن تسبب التهابًا حادًا للجيوب الأنفية.

6- التدخين بأنواعه (المباشر أو السلبي) أو عدوى الأسنان.

7- التليف الكيسي: وهي حالة مرضية تؤدي إلى تراكم مخاط سميك بالرئتين وبطانات الأغشية المخاطية الأخرى.

8- ضعف جهاز المناعة والحساسية.

أعراض التهاب الجيوب الأنفية

عادة ما يصاحبه التهاب الأنف أيضًا، وتتشابه أعراض التهاب الجيوب الأنفية المزمن والحاد بأعراض نزلات البرد، لذا؛ لا بُدَّ من استمرار هذه الأعراض لأكثر من أسبوع، للتأكد إذا ما كنت تعاني التهابًا بها أم لا. وأهم هذه الأعراض ما يلي:

1- فقدان حاسة الشم.
2- ارتفاع درجة حرارة الجسم (الحمى).
3- سيلان الأنف وانسدادها.
4- صداع مستمر.
5- الشعور العام بالإعياء.
6- كحة.
7- صعوبة التنفس بسبب انسداد الأنف.
8- ألم بالوجه.
9- التنقيط الأنفي الخلفي.
10- التهاب الأنف.
11- تورم والتهاب الأغشية المخاطية المبطنة للأنف وجيوبها.

أعراض التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال

يصعب على الآباء تحديد إذا كان أطفالهم يعانون التهابًا بالجيوب الأنفية أم نزلة برد. لذا؛ في حالة استمرار الأعراض التالية، ففي الغالب يكون التهابًا بالجيوب الأنفية. وتشمل تلك الأعراض:

1- استمرار أعراض نزلة البرد أو الحساسية -لمدة 14 يومًا- وعدم وجود تحسن ملحوظ.
2- استمرار الحمى لمدة 4 أيام (حوالي 39 درجة سيليزية).
3- إفراز مخاط سميك من الأنف ولونه غامق.
4- استمرار الكحة لأكثر من 10 أيام.

كيفية علاج التهاب الجيوب الأنفية

هناك العديد من الطرق لعلاج التهاب الجيوب الأنفية. ومنها:

  • بعض الطرق لتقليل الشعور بضغط الجيوب الأنفية:
    عمل كمادات دافئة على الأنف والجبهة، استخدام بخاخ الأنف -أو المحلول الملحي- لإزالة الاحتقان، أو استنشاق بخار الماء.
  • المضادات الحيوية:
    لا تُستخدَم المضادات الحيوية في علاج جميع أنواع التهاب الجيوب الأنفية، فتوجَد بعض الحالات التي لا تحتاج للمضادات الحيوية. ولكن تُستخدَم المضادات في حالة العدوى البكتيرية، وعادة ما يستمر العلاج من 3 إلى 28 يومًا.

وقد تستمر مدة العلاج لفترة طويلة، وذلك بسبب أن الإمداد الدموي للجيوب الأنفية محدود بسبب وجودها في العمق مع العظام. ويجب عدم تناول المضادات الحيوية إلا في حالة استمرار الأعراض لأكثر من 7 : 10 أيام؛ لأن الإفراط في تناولها يسبب زيادة في مقاومة الجسم للمضادات الحيوية.

  • بخاخات الأنف المزيلة للاحتقان:
    تعمل هذه الأدوية الموضعية على تخفيف تورم والتهاب الممرات الأنفية، مما يسهل تصريف الجيوب الأنفية، كما أن استخدامها لمدة لا تزيد عن ثلاثة إلى أربعة أيام قد يكون مفيدًا. ولكن يجب عدم الإفراط في استخدام بخاخات الأنف الموضعية لأن الإفراط قد يؤدي إلى إعادة انتفاخ الممرات الأنفية فيما يُعرف بظاهرة “الارتداد”.
  • مضادات الهيستامين:
    تعمل على منع الالتهاب الناتج عن رد الفعل التحسسي، وذلك للمساعدة في علاج أعراض الحساسية التي يمكن أن تؤدي إلى تورم ممرات الأنف والجيوب الأنفية.
  • مزيلات احتقان الأنف ومضادات الهيستامين:
    يجب استخدام الأدوية المركبة بحذر وبعد استشارة الطبيب، حيث تحتوي هذه الأدوية على عوامل تجفيف يمكن أن تزيد من كثافة المخاط.
  • الكورتيكوستيرويدات الأنفية الموضعية:
    يجب عليك عدم استخدامها إلا بعد استشارة الطبيب، وتمنع هذه البخاخات التهاب وتورم الممرات الأنفية، وتعالج أيضًا عدوى الجيوب الأنفية، كما أنها فعالة في تقليص السلائل الأنفية، ويمكن استخدامها لفترات طويلة.
  • استخدام أدوية مسكنة للألم:
    الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 6 أشهر يمكن إعطاؤهم الأسيتامينوفين، أما الأطفال بعمر 6 أشهر أو أكبر يمكن إعطاؤهم الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين. لا بُدَّ من تجنب الأسبرين للأطفال لأنه يمكن أن يسبب متلازمة “راي”، وهو مرض نادر ولكنه خطير يؤثر على الكبد والدماغ.
  • الجراحة:
    في حالة عدم وجود أي جدوى من العلاجات الدوائية، قد يكون الخضوع للجراحة هو الحل الأمثل، والتي يُجريها اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة، خاصة في حالة العيوب التشريحية، مثل إزالة الزوائد الانفية وفتح الممرات المغلقة. وتكون جراحة بسيطة، حيث يمكن للمريض العودة إلى منزله في نفس اليوم.

طُرق الوقاية من الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية

وذلك بمحاولة تجنب الأسباب التي تؤدي إلى التهاب الجيوب الأنفية -أو تقليل حدوثها- كما يلي:

1- ينبغي لك تلقِّي جرعة مصل الإنفلونزا الخاصة بك كل عام.
2- تناول الغذاء الصحي مثل الفواكه والخضروات.
3- اغسل يديك باستمرار.
4- توقف عن التدخين، وتجنب الجلوس بجانب المدخنين قدر الإمكان (التدخين السلبي).
5- تجنب التعرض للكيماويات، والملوثات، ومسببات الحساسية.
6- تناول مضادات الهيستامين لعلاج الحساسية ونزلات البرد.
7- تجنب التعرض لمسببات عدوى الجهاز التنفسي.
8- وأخيرًا -عزيزي القارئ- عليك بزيارة الطبيب في أقرب وقت إذا استمرت أعراض البرد العادية لأكثر من 10 أيام مع عدم وجود أي تحسن، أو رجوع الأعراض بعد الشعور بتحسن بسيط واستمرار الحمى لحوالي من 3 : 4 أيام، وذلك لتلقِّي العلاج المناسب، ولتجنُب مضاعفات التهاب الجيوب الأنفية التي قد تحتاج إلى مواصلة العلاج مدى الحياة أو التدخل الجراحي!

المصادر 1 2 3 4

كتابة: رباب جبل
مراجعة: محمد ضياء
تحرير: زياد محمد

اظهر المزيد

رباب جبل

رباب جبل، أخصائية تحاليل طبية وكاتبة محتوى طبي ومترجمة، لدي شغف بالكتابة والبحث واسعى لإثراء المحتوى الطبي العربي بأسلوب سلس وبسيط لمساعدة القارئ للحصول على معلومات طبية من مصدر موثوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى