هل تعلم حقًا من هو المايسترو؟!
تخيل أنك تجلس أمام شرفة منزلك، وفي يدك كوب من الشاي ترتشف منه، وخطر على بالك سؤال، كيف يمكنني أن أرفع كوب الشاي من الطاولة حتى فمي؟ كيف استطاع عقلي أن يُترجم ما أريده إلى فعلٍ حركي؟
أسئلة كثيرة ومتداخلة، تُدخلك في حيرةٍ لا مخرج منها إلا عن طريقي يا صديق!
-
مما يتكون جسدنا؟
يتكون جسدنا من أجزاء أهمها المايسترو، أو ما يطلق عليه “الدماغ”، وهو محور هذا المقال.
الدماغ عبارة عن كتلة كبيرة من الخلايا العصبية المتصلة ببعضها البعض بكثيرٍ من الطرق، يتكون الدماغ من جزء أمامي وجزء خلفي، وكل جزء يتكون من أجزاء أصغر ومناطق مختلفة لها وظيفة محددة، كل منطقة تتصل بالأخرى، وتنقل لها البيانات. فمثلًا، عند النظر إلى منظر طبيعي أمامك، يبدأ الأمر بتوجيه العينين ناحية المنظر، وعن طريق الشبكية الموجودة في نهاية العين، تتحرك الصورة بشكل مقلوب في شكل نبضات عصبية عن طريق عصب العين، والذي ينقلها إلى مركزين داخل الدماغ، أحدهما يختص برد الفعل، الذي يسمح لك أن تغلق عينيك إذا اقترب شيء منها بشكل كبير وسريع، والآخر يأخذ الصورة، ويفهم ما فيها، تبعًا لما رأيته من أول يومٍ لك على الأرض، فيقول لك: نعم، هذا جبل، وذاك شلال.
دماغك متداخل بشكلٍ لا يمكن تصوره، ويعمل بدقة كبيرة جدًا، هل تعلم أن عقلك يقوم بعمليات حسابية مختلفة؛ ليسمح ليدك التي تحمل كوب الشاي أن تصل إلى فمك لا إلى أنفك، ومن أول مرة؟ حقًا، لن تجد شيء مثل دماغك!
-
كيف يتحكم المايسترو في بقية الأعضاء؟
في الحقيقة، هناك نظام أساسي يتكون من الجهاز العصبي المركزي، المكوَّن من الدماغ بأجزائه، والعصب الشوكي الذي يمتد داخل العمود الفقري، ومنه ينبثق الجهاز العصبي الطرفي؛ الذي يتحكم في كل جزء من جسدك، وأيضًا يرسل كل معلومة تحسها خلايا جسدك من ضغط، وحرارة، وألم إلى الجهاز المركزي، وعلى رأسه الدماغ.
وعن طريق تلك الأجهزة العصبية، يتحكم الدماغ في جنود خارقة يطلق عليها الهرمونات، الهرمونات هي يد الدماغ الخفية التي تتحكم في مستوى كل شيء في جسدك، تتحكم في سعادتك، تتحكم في نسبة الفيتامينات في جسدك، تتحكم حتى في نموك من طفل إلى شاب، وإلى رجل كبير، تُفرَز من الغدد الصماء، وأي اختلال يحدث فيها سيقلب حياتك رأسًا على عقب، توقف عن السؤال عن ماهيتها، لا تنسى أني أخبرتك أن كل ما تحتاجه ستجده عندي وسيأتي ذكره في المقالات القادمة.
-
الماسيترو، وتفاصيله!
لنرجع مرة أخرى إلى محور حديثنا، الدماغ، يزن دماغ الإنسان البالغ 1.2 كيلو إلى 1.4 كيلو، محمي داخل جمجمة تتكون من عظام شديدة الصلابة.
يسبح الدماغ في سائل يطلق عليه السائل النخاعي “CSF”، يمنع هذا السائل أي اهتزاز أو صدمة من الوصول إلى الدماغ. لديك جمجمة، وفيها دماغ صعيف يمكن أن يصيبه أي أذى، وبدونه أنت لست أنت، ولذلك؛ يوجد السائل النخاعي ليحيط بالدماغ من كل جانب وما بين لفافاته، عند تحركك للأمام وتبعًا لقانون القصور الذاتي، يجب أن يرتطم الدماغ في الجزء الخلفي من الجمجمة، ولكن ما يوجد خلفه من سائل يمنعه من أن يصل إلى الجمجمة ويسبح بأمان.
يتجدد السائل النخاعي كل 5-6 ساعات، لماذا؟ لأن الدماغ يصرف جزء كبير من الشوائب التي تصل إليه في السائل النخاعي.
وبما أننا نعلم أن الدماغ هو أهم جزء في جسدك؛ فهو يحتاج إلى حماية وعناية خاصة، لتعلم صديقي القارئ أن الدماغ لا يتغذى إلا على الجلوكوز، فهو الوحيد الذي يمر من ممر خاص يسمح بحماية الدماغ، هل تعلم ما هو هذا الممر أو الحاجز؟ في داخل كل شعيرة دموية توجد خلايا معينة على جدران الشعيرات، له وظيفة خاصة غير موجودة في بقية الجسد، وهي دخول مواد معينة يمكن أن تدخل إلى أي مكان آخر في جسدك إلا الدماغ. حاجز منيع ضد أي عدوى، ولكن مثل أي حاجز، من الممكن أن يحدث شرخ به، وبالتالي إصابة الدماغ.
الدماغ يتحكم في كل شيء، كيف تتحرك، وماذا ترى وتسمع، وحتى شعورك وتفاعلك مع كل أمر يطرأ عليك، وإذا أصيب بأي شيء، وحتى لو انسد شريانٌ صغير، أو بعض الشعيرات، فهذا يعني أنك فقدت بالفعل وظيفة من وظائف جسدك. حتى الآن، كل ما نعلمه عن الدماغ هو القليل، ومازال الكثير لنكتشفه.
الجرعة اليومية من العلوم تتمنى لكم يومًا سعيدًا وعقلًا سليمًا.
كتابة: عمر أحمد سند
تحرير: إسراء وصفي