الأحياء

العثور على الرابط المفقود بين الخلايا البسيطة وأشكال الحياة المعقدة

تلك الخلايا التي تحتوي على أنوية “Eucaryotes” تتشابه مع الخلايا البدائية البسيطة “Prokaryotes”، هذا التشابه من الممكن أن يساعد في توضيح ماضيها التطوري الغامض.

حسناً، ربما تمكن العلماء من اكتشاف الحلقة المفقودة بين الخلايا البسيطة والمعقدة، والتي تُشكل جميع الحيوانات والنباتات والفطريات.

ينظر العلماء إلى الكائنات الحية وحيدة الخلية والتي تسمى “Archaea” على أنها تقع في الجدول الزمني التطوري بين البكتيريا البدائية “Bacteria” -تفتقر إلى نواة- والخلايا الأكثر تعقيدًا أو حقيقيات النواة “Eucaryotes”. تتشابه البكتيريا مع Archaea في أنها لا تحمل نواة، لكن الميكروبات عمومًا -مصطلح يطلق على كل ما هو صغير مثل bacteria, fungi, algae, protozoa and archaea وغيرها- تحتوي على إنزيمات الحمض النووي DNA وإنزيمات تكرار الحمض النووي التي تشبه بشكل وثيق تلك الموجودة في حقيقيات النواة.

فيتخيل بعض العلماء أن حقيقيات النواة تطورت قبل حوالي ملياري سنة من هذه الكائنات الوسيطة، ولكن لا تزال التفاصيل المحيطة بهذا الحدث التطوري الرئيسي غامضة جزئيًا، لأن العلماء لم يجدوا سوى القليل من الأدلة على فترة الانتقال بين الخلايا البسيطة والمعقدة، لكن الآن حدد الباحثون جسرًا محتملًا بين بدائيات النوى وحقيقيات النوى وهو تشابه مذهل مرمّز في بروتيناتهم.

في حقيقيات النوى تحمل بعض البروتينات تسلسلات قصيرة تُعرف بإشارات التوطين النووي أو NLS من أجل دخول النواة، حيث ترتبط بروتينات النقل مع NLSs ثم تصطحب جزيء آخر من خلال المسام الموجودة في الغشاء النووي، ففي جوهرها تتصرف NLSs مثل شارة الأمان الخلوية.

فعلى الرغم من أن Archaea تفتقر إلى النواة، فإن بعض البروتينات تحمل شارات تشبه NLS على أي حال، وفقًا للدراسة التي نشرت في 10 سبتمبر في مجلة البيولوجيا الجزيئية والتطور the journal Molecular Biology and Evolution، حيث يشير المؤلفون إلى أن NLSs تسبق أصل النواة وربما تكون بمثابة نقطة انطلاق تطورية مكنت هذه المادة القديمة من التطور تدريجيًا إلى حياة معقدة.

وقال سيرجي ملنيكوف “Sergey Melnikov”، عالم الأحياء التطوري من جامعة ييل والمؤلف المشارك للدراسة: “الطبيعة تميل إلى اختراع ما لديها بالفعل.”

وقال ميلنيكوف لـ Live Science أن شارات NLS تُقدم دليلًا على وجود شكل وسيط بين الخلايا البسيطة والمعقدة، وقال أرافيند أيير “Aravind Iyer”، عالم الأحياء الحسابي الذي يدرس تطور البروتين والجينوم في المركز الوطني للتكنولوجيا الحيوية ولكن لم يشارك في الدراسة الحالية: “هذا فريد من نوعه في الادعاء بأن هذه العناصر موجودة في Archaea، لم يظن أحد أنه ينبغي عليهم البحث عن NLSs في Archaea.”

ولكن ليس الجميع مقتنعين بهذا، حيث قال اثنان من الخبراء لـ Live Science إن NLSs قد لا توضح كيف تطورت الخلايا البسيطة إلى خلايا أكثر تعقيدًا!

التنقيب عن الحفريات الخلوية :
بدلًا من الحفر عبر بقايا هيكلية، ذهب ميلنيكوف إلى البحث عن بروتينات الريبوسوم في الخلايا لتجميع تاريخها التطوري -الريبوسومات هي مصانع خلوية تساعد في تجميع البروتينات-.

فذكر ميلنيكوف: “لا يوجد سوى عدد قليل من الجينات الموجودة في كل مكان”، وهذا يعني أنها موجودة في جميع أشكال الحياة، وأوضح أن حوالي نصف تلك الجينات المحفوظة ترمز إلى بروتينات الريبوسوم، وهي حقيقة تشير إلى أن البروتينات لها تراث تطوري مطول وربما تمتد إلى بداية الحياة نفسها. ففي حقيقيات النوى تدخل بروتينات الريبوسوم إلى النواة ليتم تعديلها، فيستمتعون بسهولة الوصول إلى النواة بفضل NLSs الخاصة بهم.

ومن خلال مقارنة تركيب البروتينات الريبوسومية التي تم أخذ عينات منها من جميع مجالات الحياة الثلاثة -الأثرية Archaea والبكتيريا وEucaryotes- اكتشف ميلنيكوف وزملاؤه أربعة بروتينات أثرية مزودة بشارات أمنية مشابهة لنظرائهم حقيقية النواة، وظهرت تسلسلات تشبه NLS في مجموعات متعددة من Archaea، لذا استنتج الباحثون أن الميزة قد ظهرت في وقت مبكر من تاريخ التطور القديم. على الرغم من ذلك ففي الأثريات Archaea ربما يساعد NLS بشكل أساسي في التعرف بسهولة على الأحماض النووية -التراكيب الأساسية للحمض النووي والحمض النووي الريبوزي-، في حين أن NLSs في حقيقية النواة تخدم هذه الوظيفة إلا أنها معروفة بشكل أفضل بمساعدة البروتينات في النواة.

كما واصل الفريق اختبار ما إذا كانت NLSs قابلة للتبادل وظيفيًا عبر ممالك الحياة، حيث استبدلت شارة حقيقية النواة بأخرى قديمة تحت المجهر الضوئي، ظهر أن NLSs الأثرية تعمل تمامًا مثل NLSs حقيقية النواة ومنحت البروتينات المرتبطة بها الوصول إلى النواة. لكن على الرغم من تقاسم نفس الوظائف قد لا تكون NLSs في حقيقيات النوى والأثرية مرتبطة تطوريًا كما يقول الخبراء.

أيير على سبيل المثال، لا يزال مشكوكاً في النتيجة، حيث تتكون NLSs من خمسة إلى ستة أحماض أمينية فقط، كما وأخبر Live Science أنه بسبب قِصر طولها وبنيتها الكيميائية الخاصة فمن المرجح أن تظهر NLSs في البروتينات بمجرد الفرصة.

بعبارة أخرى، قد تكونت في الأثريات وفي حقيقيات النواة بشكل مستقل وبالتالي لن تكون مرتبطة تطوريًا. وقال أيير إنه سيكون أكثر اقتناعًا إذا كشفت المزيد من الأبحاث NLSs الأثرية في بروتينات إضافية مشابهة للبروتينات التي تدخل النواة في حقيقيات النوى.

كما صرح Buzz Baum، عالم الأحياء الخلوي والتطوري في مختبر MRC لبيولوجيا الخلية الجزيئية في إنجلترا لـ Live Science في رسالة بريد إلكتروني: “في النهاية، يظهر هذا فقط أن هذه التسلسلات (تشبه NLS) من المحتمل أن تسبق النوى.” وأوضح أن الأثريات التي تشترك في العديد من أوجه التشابه الوراثية مع حقيقيات النوى لا تزال تفتقر إلى النوى والعضيات، لذلك من الصعب أن نرى كيف أدت هذه NLSs إلى تطور النوى.

 

المصدر

 

كتابة: مصطفى أحمد

مراجعة: ميار محسن

تحرير: ميرنا عزوز

تصميم: أحمد محمد

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى