الأحياء

البعوض والملاريا.. لدغة الموت!

تُعدّ الملاريا مرضًا خطيرًا وشديد الانتشار، وفي بعض الأحيان قاتل، يُسببه طُفيل ينقله نوع مُعين من البعوض يتغذى على دم البشر.
هناك أربعة أنواع من طُفيليات الملاريا تُصيب البشر: المتصورة المنجلية (Plasmodium falciparum)، المتصورة النشيطة (P. vivax)، المتصورة البيضية (P. ovale)، والمتصورة الوبالية (P. Malaria).
ويصل عدد حالات الملاريا عالميًا في عام 2018 -طبقًا لمنظمة الصحة العالمية(WHO)- إلى 228 مليون حالة، وعدد الوفيات إلى 405000 شخص بسبب الملاريا، مُعظمهم من الأطفال في أفريقيا.
تُعدّ أفريقيا من المناطق الموبوءة، وذلك لتوافر البيئة المناسبة لتكاثر أحد النواقل الرئيسية للملاريا.

انتقال الملاريا

يُصاب البشر بالملاريا من خلال التَعرُّض للعض من إناث بعوضة الأنوفليس. يُعتبر بعوض الأنوفليس هو الوحيد القادر على نقل الطُفيل، ويكون عن طريق إصابته عند تغذيه على دم شخص مُصاب، فعندما تلدغ البعوضة شخصًا مُصابًا، تمتص كمية صغيرة من الدم المُحتوي على طُفيليات الملاريا المجهرية.
وبعد ذلك بحوالي أسبوع، تختلط هذه الطفيليات مع لعابها، ويتم حقنها في الشخص الذي يتم لدغه.

يُمكن أيضًا أن تنتقل الملاريا من خلال نقل الدم، زرع الأعضاء، والاستخدام المُشترك للإبر أو الحقن المُلوثة بالدم؛ نظرًا لوجود طُفيل الملاريا في خلايا الدم الحمراء للشخص المُصاب.
كذلك، قد تنتقل الملاريا من الأم إلى طفلها الذي لم يُولد بعد أو أثناء الولادة.

لا تنتقل الملاريا من شخص لآخر مثل الزكام أو الإنفلونزا، ولا يُمكن إصابة الشخص من خلال الاتصال العرضي بالمُصاب، مثل جلوس الفرد بجوار مُصاب الملاريا.

علامات وأعراض الملاريا

تشمل أعراض الملاريا: الحمى والأعراض الشبيهة بالإنفلونزا، بالإضافة إلى القشعريرة، الصداع، آلام العضلات، والإجهاد.
كذلك قد يحدث الغثيان والقيء والإسهال، وقد تُسبب الملاريا فقر الدم واصفرار الجلد والعينين؛ بسبب فقدان خلايا الدم الحمراء.
وفي حالة عدم علاجها سريعًا، يُمكن أن تُصبح العدوى شديدة، وقد تُسبب الفشل الكلوي، الارتباك العقلي، الغيبوبة، وفي النهاية الموت.

بعوض الأنوفليس

يتغذى الذكر على الرحيق والمصادر السُّكرية الأخرى، وتتغذى الإناث أيضًا على مصادر السُّكر؛ للحصول على الطاقة، ولكن تحتاج إلى الدم الغني بالبروتين لوضع البيض.
تضع الإناث البالغة من 50 إلى 200 بيضة في كل وضع للبيض، يُوضع البيض مُباشرة في الماء، ويفقس في غضون 2 إلى 3 أيام.
ويُمكن للإناث البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى شهر، إلا أن مُعظمها لا يعيش أكثر من أسبوع إلى أسبوعين في الطبيعة.

دورة حياة طُفيل الملاريا

عند ابتلاع البعوضة خلايا مشيجية للطُفيل، فإنها تتزاوج في أمعاء البعوض، وتبدأ دورة من النمو والتكاثر.
بعد فترة من 10 إلى 18 يوم، يهاجر الطُفيل إلى لُعاب البعوضة، وعند لدغ إنسان آخر، يتم حقن لُعاب البعوضة المُختلط بالطُفيل داخل الجسم، وتبدأ عندها رحلة الطُفيل داخل جسم الإنسان.

تُهاجم الطُفيليات الكبد عند دخولها جسم الإنسان، وتتكاثر هناك تكاثرًا لاجنسيًا، أي ينتج عن كل طُفيل نسختين مُتماثلتين، ثم تتجه إلى خلايا الدم الحمراء وتتكاثر أيضًا لاجنسيًا، حيث تنمو حاضنات من الطُفيليات في خلايا الدم الحمراء، فتُدمرها وتُطلق الميروزويت التي تُكمل الدورة من خلال مُهاجمة الخلايا الأخرى.
تظهر الأعراض السريرية على المُصاب، عند وجود الطفيليات في مرحلة الدم.

مُكافحة الأنوفليس وظاهرة المُقاومة

يتكاثر أحد النواقل الرئيسية للملاريا على برك المياه التي تتشكل عقب هطول الأمطار، لذا؛ أحد طُرق المُكافحة هو تجفيف هذه البرك، أو استخدام مُبيدات حشرية للقضاء على موائل اليرقات.
تُعتبر هذه التدابير هي الطريقة الرئيسية لقتل البعوض، ومع ذلك، بعد التَعرُّض الطويل للمُبيد الحشري على مدى عدة أجيال، قد يُطور البعوض -مثل بعض الحشرات الأخرى- المُقاومة، وقدرة البقاء على قيد الحياة رغم التَعرُّض للمُبيد.
تم توثيق مُقاومة البعوض لبعض المُبيدات بعد استخدامها بسنوات قليلة، هناك أكثر من 125 نوع من البعوض المُوثق مُقاومته لنوع أو أكثر من المُبيدات الحشرية.
يُمكن أن يُؤدي الاستخدام الرشيد للمُبيدات إلى الحد من المُقاومة، وكذلك التناوب في استخدام فئات مُختلفة من المُبيدات المُستعملة في المُكافحة.
تُعدّ هذه الظاهرة أمرًا ضروريًا لتنبيه برامج المُكافحة؛ لتطوير مُبيدات حشرية أكثر فعالية في القضاء على البعوض.

التشخيص والعلاج

يُعدّ التشخيص السريع والدقيق للملاريا جزءًا من تحديد العلاج المُناسب للأشخاص المُصابين.
يعتمد العلاج على تحديد عدة عوامل، بما في ذلك: شدة المرض، نوع طُفيل الملاريا المُسبب للعدوى، المكان الذي حدثت فيه الإصابة، وتحديد احتمالية مُقاومة الطُفيل لبعض الأدوية المُضادة.
هناك عوامل إضافية تُساعد في تحديد الخيارات المُتوفرة للعلاج مثل: العُمر والوزن والحمل لدى النساء.

إجراءات الحماية الشخصية

إذا كُنتَ مُقيمًا أو ستنتقل إلى مكان تنتشر به الملاريا، يجب عليك اتباع هذه التدابير؛ لتجنب التَعرُّض للدغات البعوض.
وتشمل هذه الإجراءات: ارتداء الملابس ذات الألوان الفاتحة، البناطيل الطويلة، وكذلك القمصان ذات الأكمام الطويلة.
تُعتبر المنازل جيدة البناء والمُزودة بحواجز نافذة، فعالة في منع لدغ البعوض، وقد ساهم ذلك في القضاء على الملاريا في الولايات المُتحدة وأوروبا.
يُمكن استخدام المواد الطاردة للبعوض، وكذلك استخدام الناموسيات المُعالجة بالمُبيدات الحشرية.

المصدر

كتابة: آية أسامة عبدالرحيم
مراجعة: ندي عبدالرحيم
تحرير: أسماء مالك

اظهر المزيد

آية أسامة عبدالرحيم

كاتبة بقسم علم النفس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى