الفيزياء والفلك

هل السفر بين النجوم مُمكِن حقًا؟

السفر بين النجوم هو حلم كل طفل عمره خمس سنوات، مع مُشاهدتنا لمُسلسلات الخيال العلمي وتَقدُمنا ​​أكثر مع صواريخنا واكتشافات الفضاء، يُطرَح السؤال: هل يُمكِن أنْ نأمل في استعمار النجوم؟
أو باستثناء هذا الحلم البعيد المدى، هل يُمكننا على الأقل إرسال مُستكشفات فضائية إلى الكواكب الغريبة والسماح لهم بإخبارنا بما يرون؟

الحقيقة هي أنَّ السفر بين النجوم والاستكشاف مُمكِن تقنيًا، ولا يُوجَد قانون للفيزياء يمنعه تمامًا، لكن هذا لا يجعل الأمر سهلًا، وهذا بالتأكيد لا يعني أنَّنا سنُحققه في حياتنا، ناهيك عن هذا القرن.
لكن إذا كُنتَ صبورًا بما فيه الكفاية، فقد حققنا بالفعل حالة استكشاف بين النجوم، لديّنا العديد من المَركبات الفضائية في مسارات الهروب، مما يعني أنهم يُغادرون النظام الشمسي ولا يعودون أبدًا، بدأت بعثات ناسا الرائدة وبعثات “Voyagers” وآخرها “آفاق جديدة” رحلاتها الخارجية الطويلة، يُنظَر الآن إلى “Voyagers” خارج النظام الشمسي، كما هو مُحدَد في المنطقة حيث تُفسِح الرياح الشمسية المُنبعثة من الشمس الطريق للجُزيئات الخفية فى المجرة والغبار.

كما أنَّ لديّنا الكثير من المَركبات بين النجوم باستثناء مُشكلة أنهم لا يسيرون بسرعة، يُسافر كل واحد من هذه المُستكشفات بسرعة عشرات الآلاف من الأميال في الساعة مما يبدو سريعًا جدًا، إلا أنهم لا يتجهون في اتجاه أي نجم مُعين، لأن مهماتهم مُصمَمة لاستكشاف كواكب داخل النظام الشمسي، ولكن إذا تمَّ توجيه أي من هذه المَركبات الفضائية إلى أقرب جار لنا “Proxima Centauri” على بُعد 4 سنوات ضوئية، فبالكاد ستصل إليها في حوالي 8000 عام، بحلول الوقت الذي تصل فيه هذه المُستكشفات إلى أي مكان في مُنتصف الطريق، ستكون بطارياتها النووية ميتة لفترة طويلة، وستكون مُجرد قطع عديمة الفائدة من المعادن تطفو عبر الفراغ.

ليس الأمر كما كُنا نعتقد فى صغرنا أنَّ أجدادنا قادرون على إنجاز مثل هذه المآثر والانطلاق العشوائي بين النجوم كما كُنا نتخيل.
لكن لنجعل رحلة الفضاء بين النجوم أكثر منطقية، فإنَّه يجب أنْ يسير المسبار بسرعة كبيرة -على الأقل عُشر سرعة الضوء- وبهذه السرعة يُمكن أنْ تصل المَركبة الفضائية إلى “Proxima Centauri” خلال بضع عقود وتُرسل الصور مرة أُخرى بعد ذلك ببضع سنوات، لكن هل من المُمكن حقًا أنْ يكون الشخص الذي يبدأ المهمة قادرًا على أنْ يُنهيها؟!

يتطلب السير بهذه السرعات كمية هائلة من الطاقة، أحد الخيارات هو احتواء تلك الطاقة على متن المَركبة الفضائية كوقود، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فإنَّ الوقود الإضافي يُضيف كتلة، مما يجعل من الصعب دفعها إلى تلك السرعات.
هناك تصميمات ورسومات لمَركبة فضائية تعمل بالطاقة النووية تُحاول تحقيق ذلك فقط، لكن ما لم نرغب في البدء في بناء آلاف القنابل النووية فقط لوضعها داخل صاروخ، لذا نحتاج إلى طرح أفكار أُخرى، ربما تكون إحدى الأفكار الواعدة هي الحفاظ على مصدر الطاقة للمَركبة الفضائية ثابتًا ونقل تلك الطاقة بطريقة ما إلى المَركبة الفضائية أثناء انتقالها، لكن هناك طريقة واحدة للقيام بذلك هي الليزر، حيث يُعَد الإشعاع جيدًا في نقل الطاقة من مكان إلى آخر، خاصةً عبر مسافات شاسعة من الفضاء، يُمكن للمَركبة الفضائية بعد ذلك التقاط هذه الطاقة ودفع نفسها إلى الأمام.

هذه هي الفكرة الأساسية وراء مشروع “Breakthrough Starshot” الذي يهدف إلى تصميم مَركبة فضائية قادرة على الوصول إلى أقرب النجوم في غضون عقود، في أبسط الخطوط العريضة لهذا المشروع، يُطلق ليزر ضخم بترتيب يصل إلى 100 جيجاوات على مَركبة فضائية تدور حول الأرض، تحتوي المَركبة الفضائية على شراع شمسي كبير عاكس، بشكل لا يُصدَّق يرتد الليزر من هذا الشراع، مما يُعطي قوة دفع للمَركبة الفضائية.
الشيء هو أنَّ ليزر 100 جيجاوات لديّه قوة حقيبة تُحمَل على الظهر فقط، فإذا أردنا إطلاق هذا الليزر على المَركبة الفضائية لمدة 10 دقائق للوصول إلى عُشر سرعة الضوء، لا يُمكن للمَركبة الفضائية أنْ تزن أكثر من جرام -الذى هو كتلة مقطع من ورقة-.

 

المصدر

 

كتابة: رضوى أحمد

مراجعة: هدير فوزي

تحرير: أسماء مالك

تصميم: عاصم عبد المجيد

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى