الفلسفة

هل حصولك على درجة علمية في الفلسفة أمر مفيد لك؟

أحيانا على سبيل المزاح نسمع عبارات مثل:
– خريج هندسة يسألونك “كيف يعمل هذا؟”
– خريج تجارة/محاسبة يسألونك “كم تكلفة ذلك؟”
– خريج فلسفة يسألونك بتهكم “هل حقا الإنسان أصله سمكة؟” وفي أحيان أخرى ينعتوك بالثرثرة واللامعنى.
الواقع -في الغرب- أن للفلسفة شأن عظيم جدا في نواحٍ عدة، وهناك الكثير من الأدلة حول قيمة وفائدة الفلسفة وأهميتها “كدرجة علمية”، فهي ليست فقط تُعِدٌ دارسيها للعمل بمجال الفلسفة أو استكمال مشوارهم إلى الدراسات العليا، لكن أيضا خريجي الفلسفة هم الأفضل أداءاً في اختباريّ The LAST & GRE (وهما اختباران لتقييم قدرات الخريجين الراغبين في استكمال الدراسات العليا خاصة في الولايات المتحدة).

كما يمكن لخريجي الفلسفة ودارسيها استكمال الدراسات العليا في أي مجال علمي “كالطب مثلا” فأحد الطلاب -على سبيل المثال- بعد أن ينهي درجة البكالريوس في الفلسفة سيستعد لاستكمال مراحل الماجستير والدكتوراه في كلية الطب!
لكن ماذا عن خريجي الفلسفة أولئك الذين لا يرغبون في استكمال دراستهم ويريدون التوجه والبدء في العمل مباشرةً بعد التخرج؟ هؤلاء لهم حظ كريم أيضا فمن المدهش أن تعرف أن متوسط المرتبات المتوقع حصول خريجي الفلسفة عليها في بعض الدول قد يبدأ من 49000 دولار.

خريجو الفلسفة أيضا يتعادلون مع دارسي الرياضيات من حيث متوسط الدخل في العمل، وهذا ليس مدهشًا لنا “كمتخصصين في الفلسفة” فدراسة الفلسفة تعني دراسة الفكر النقدي، والامتياز في التحليل الموضوعي، والتفكير المنطقي، والكتابة الإبداعية، والتواصل الشفهي والمكتوب، والتحليل السليم للأمور والأحداث والمواقف نظرا لسلامة المنطق ووضوح التفكير. كما يتمتعون بقدرات ومهارات خاصة في حل المشكلات والأداء الأمثل في العمل والحياة.

هذا عن التقييم المادي لقيمة الفلسفة لكن توجد مبادئ أخرى لقيمة الفلسفة وفائدتها، فـ Tom V. Morris وهو فيلسوف مشهور يتحدث عن طبيعة النجاح الحقيقي وكثير من الأفكار الفعالة للعديد من العملاء، فيقول أن خريجي الفلسفة يُحدِثون تأثير حقيقي وملحوظ في مجال الأعمال وإدارة الأعمال بطرق وأشكال ناجحة ومبتكرة، فعلى سبيل المثال لدى شركة “جوجل” فيلسوف ومدير في مجال الهندسة بالإضافة إلى أن مؤسسي “LinkedIn and Flickr ” ينسبون نجاحهم لدراسة الفلسفة.
ولا نبالغ بإضافة القيمة العملية للفلسفة وفوائد ممارستها في الحياة، فدارسي الفلسفة يتم تجهيزهم كي يكرسوا حياتهم للحقيقة بحثاً وعملاً وفكراً، فأي دارس للفلسفة لابد له أن يلقي بالا لأمور تغيب بالفعل عن أذهان الكثير كالحق والخير والجمال، فبتلك الأفكار المثمرة والنباءة لا يتمكنون فقط من إحداث تغير إيجابي في حياتهم، بل في عملهم ومجتمعهم وربما العالم كله.
لذا إن كان ابنك أو ابنتك قد عادوا إليك بخبر تخصصهم في دراسة الفلسفة أو التحاقهم بقسم الفلسفة لا تتهكم ولا تشعرهم بانعدام قيمتها، فبدراستهم للفلسفة قد يجيبون على أسئلة ويتوصلون لحلول أكبر وأهم بكثير من كون الإنسان أصله سمكة أم شمبانزي، فسيصبحون قادرين على العيش والعمل على نحو أفضل من الكثير، وهذه هي مهمة التربية والتعليم في أسمى أهدافها.

بغض النظر عن كون الفلسفة مجال تخصصك أو ستعمل بها أم لا، وبغض النظر أيضا عن كونها في عالمنا العربي شيء مُهمش ويدعو البعض للتهكم، إلا أنك كمحب للفسفة وكشخص شغوف بها ولا تتوقف عن طرق أبوابها فلن تبخل عليك بحكمتها، ولابد أن تنالك منها حكمة تنير حياتك وحياة من حولك، ليس ذلك تمجيداً في الفلسفة ولكن النور دائما محله العقل والفلسفة هي مصنع العقول.

المصدر 

 

كتابة: آيات أحمد

تصميم: نهى عبدالمحسن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى