السكر بين الإدمان والعبودية (اليوم الدولي لإلغاء الرق 2 ديسمبر)
كان السكر سابقًا سلعة غالية متاحة للأثرياء والملوك فقط. وبحلول عام 1800 تزامنًا مع ظهور مستعمرات السكر الأوروبية في الأمريكتين، أصبح ضرورة يومية وأحد ضروريات الحياة حتى بالنسبة لأفقر العاملين. وهكذا استمر حتى منتصف القرن العشرين جزءًا لا يتجزأ من حياة الملايين، ومكونًا حيويًا في مجموعة واسعة من الطعام والشراب.
السكر في القرن 21:
عندما يُذكر السكر اليوم في وسائل الإعلام، يتم تصويره على أنه تهديد للصحة والمساهم الرئيسي ليس فقط في حالة تدهور الصحة الفردية بل أيضًا سبب وباء السمنة العالمي. نتيجة لذلك، أصبح السكر مصدر قلق كبير للحكومات والمنظمات الصحية الدولية.
لكن كل هذه التعميمات قد تغيرت بشكل كبير للغاية على مدى الجيل الماضي، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الأطعمة السريعة الحديثة والمشروبات الغازية، والتي يكون معظمها مُحلاة بالسكر،والذي يعتبر مصدره ليس من سكر القصب ولكن من محليات الذرة أو الكيميائية.
يُنتج اليوم السكر في البرازيل أكثر من أي مكان آخر في العالم، وعلى الرغم من المفارقات، فإن ذلك المحصول لم ينمُ أبداً في أمريكا، بينما شق قصب السكر -والذي موطنه جنوب شرق آسيا- طريقه إلى العالم الجديد مع كريستوفر كولومبوس خلال رحلته إلى جمهورية الدومينيكان عام 1492، حيث نما بشكل جيد في البيئة الاستوائية.
بداية استعباد الأفارقة:
بحلول عام 1600، تم شحن أكثر من 200.000 من الأفارقة المستعبدين إلى البرازيل. ما إن احتل البرتغاليون أنغولا عام 1575، حتى بدأوا بتطوير تجارة الرقيق الخاصة بهم من لواندا. ولا يمكن لأحد في ذلك الوقت توقع النتيجة المذهلة، فقد تطورت هذه التجارة المبكرة من الجنوب الأطلسي إلى هجرة جبرية ضخمة من الأفارقة. وأخيرًا، كان على 2.8 مليون أفريقي مغادرة لواندا كعبيد متجهين إلى الأمريكتين، إلى البرازيل بأغلبية ساحقة.
وعندما استقر الأوروبيون والأمريكيون وتحكموا في العالم الأوسع خلال القرن التاسع عشر، نقلوا زراعة السكر التجارية إلى مواقع جديدة: إلى الجزر في المحيط الهندي وأفريقيا وإندونيسيا وجزر المحيط الهادئ وأستراليا.
ولكن أينما تم زرع السكر، واجه مزارعو السكر المحليون مشاكل في العمل الشاق ووجدوا الحل في العمالة المستوردة والمستأجرة. من منطقة إلى أخرى -من البرازيل إلى هاواي- أصبحت مزرعة السكر موطنًا للأجانب أي الأشخاص الذين تم إرغامهم بالقوة وشحنهم مسافات شاسعة للقيام بالعمل الشاق والمكثف في مزارع السكر.
نتائج العبودية البشعة في مزارع السكر:
أثبتت مزارع السكر قيمتها الإقتصادية الضخمة لأصحابها والمستثمرين. ولكن كان هناك ثمن يجب دفعه لتطوير مزرعة السكر. فقد تضررت البيئات الطبيعية بشكل كبير بسبب تطور السكر، وفي الأربعينات من القرن السابع عشر (1640) من بربادوس (دولة جزيرة في جزر الأنتيل الصغرى) وحتى منطقة ايفرجلادز (جزء من فلوريدا الأمريكية) كان الضرر البيئي الناجم عن مزارع السكر هائلاً، ويجري الآن الاعتراف به بالكامل.
ومن جهة أخرى فإن التكلفة البشرية لزراعة السكر هي الأكثر وضوحًا ودرامية. إنها في أوضح صورها في القوى العاملة، بدءًا من عصابات العبيد الأولى في البرازيل في القرن السادس عشر وحتى العمال الهنود الموجودين في جزر فيجي أو سكان جزر بحر الجنوب (كانوا يعيشون في الجزر الموجودة في غرب المحيط الهادئ والتي يتجاوز عددها 80 جزيرة) الذين تم نقلهم إلى أستراليا في أواخر القرن التاسع عشر.
لقد كانت زراعة قصب السكر عملًا قاسيًا، وكان عمل العبيد والعمال المُهجّرين هم الذين حولوا السكر من مادة فاخرة إلى سلعة أساسية.
في غضون قرنين من الزمان -ما بين 1700 و 1900 تقريبًا- أصبح السكر عنصرًا غذائيًا أساسيًا لجميع أنواع البشر حول العالم. وكان أكثر من 10 ملايين أفريقي قد نُقلوا بالقهر إلى العالم الجديد وتم توزيعهم على مزارع السكر في البرازيل ومنطقة البحر الكاريبي.
المصادر 1
2: Walvin, James. Sugar: The World Corrupted: from Slavery to Obesity. Pegasus Books, 2018, p7,p26
كتابة: حمَاد بن عيسى
مراجعة: عبد الستار نور الدين
تحرير: شدوى محمود
تصميم: أسامة الشيمي