التاريخ والأدب

تاريخ قبائل الفودو

تاريخ قبائل الفودو

نشب حريق كبير في روما في عام 64 بعد الميلاد، واستمر لمدة ستة أيام ودمَّر المدينة.
وِفقًا للكاتب «تاسيتوس Tacitus»، أنَّ الإمبراطور «نيرو Nero» شدَّد الذنب، وارتكب أفظع أشكال التعذيب بفئة مكروهة بسبب أفعالهم، تسمى بـ “المسيحيين”، قِيل أنهم ارتكبوا جرائم شنيعة مثل أكل لحوم البشر والتضحية البشرية، وبناءًا على تلك الشائعات في روما، نشأ فهم خاطئ عن القربان المقدَّس.

تظهِر هذه القصة عزيزي القارئ مَدى سهولة إساءة وتزييف الدين، وخاصةً الأديان السرية نسبيًا، ويمكننا رؤية حالة مماثلة لهذا الفهم من دين يُعرف باسم “الفودو” أو “الفودون” وفي السطور التالية سنعرف تاريخ قبائل الفودو.

من هم قبائل الفودو؟


على الرغم من الأصول غير الدقيقة، فإنه من المتفق عليه أنَّ هذا الدين له جذور في غرب إفريقيا، الفودو هي ديانة أفريقية كاريبية نشأت في «هايتي Haiti» -إحدى بلدان البحر الكاريبي-، ولها أتباع في جامايكا وجمهورية الدومينيكان والبرازيل والولايات المُتحِدة وأماكن أخرى.

بالنسبة لفئة كبيرة، عند ذِكر كلمة “الفودو” تأتي بأذهانهم صور لدُمى سحرية ملتصق بها دبابيس؛ لإلحاق الألم بالأعداء وقيامة الموتى مثل «زومبي Zombie».

ظهرت كلمة “زومبي” لأول مرة باللغة الإنجليزية عام 1810م، عندما ذكرها المُؤرِخ «ربورت سوثي Robert Southey» في كتابه “تاريخ البرازيل”.
لكن الكلمة لم تَصِف فقط الوحش الذي على هيئة إنسان الذي يقتل ويمتص دماء البشريين، بل أشارت إلى القوة البشرية.

إلام يشير هذا الدين؟


يشير الفودو إلى مجموعة كاملة من العناصر الثقافية من معتقدات وممارسات شخصية. إذ تتضمن كذلك نظام مفصَّل من الممارسات الطبية الشعبية، ونظام أخلاقي ينتقل عبر الأجيال.
يعبد مؤمنو الفودو العديد من الأرواح تسمى بـ لوا أو إيوا)، كل روح منهم مسؤولة عن جزء معين بالحياة.

جذور الفودو


نشأ الفودو مع العبيد الذين كان لهم تقاليد ومعتقدات في غرب إفريقيا من الكاثوليكية الرومانية، التي فرضها عليهم أسيادهم في عملية تسمَّى «التوفيق بين المُعتقَدات syncretism». إذ جُلِب العبيد الأفارقة إلى الأمريكتين للعمل في المزارع، وجلبوا معهم المؤمنين بالفودو، ثمَّ صدر قانون في عام 1685م بمنع ممارسات الديانات الأفريقية، وطالب جميع الأسياد بتنصير عبيدهم في غضون ثمانية أيام من وصولهم، لكن تغاضت الكنيسة الكاثوليكية عن العبودية كأداة لتحويل الأفارقة إلى مسيحيين.
أجبِر العبيد على الطقوس الكاثوليكية، مما أعطاهم معاني مزدوجة، إذ ارتبطت أرواحهم بالقديسين المسيحيين.

على الرغم من انتهاء العبودية في هايتي في أوائل القرن التاسع عشر. إلا أنَّ أتباع الفودو تعرَّضوا للاضطهاد من قِبَل السلطات، التي لعنت وشيطنت دينهم، إذ ربِطوا بآكلي لحوم البشر والمضحِين بالبشر والسحر والشعوذة والتنجيم الأسود، وغيرها من الفظائع التي نسِبت إلى الفودو، وإلى الآن تستخدم كلمة “الفودو” لوصف شيء غير معروف وغامض.

قِيل أنَّ الفودو مطوَّرة من التقاليد القديمة لعبادة الأسلاف والروحانية. مع ذلك، فإنَّ أشكال الفودو الممارسة حاليًا هي نتيجة واحدة من أكثر الأحداث اللاإنسانية في التاريخ الحديث لتجارة العبيد الأفارقة، التي حدثت بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر.

ممارسات مختلفة


على الرغم من إحضار العبيد الأفارقة إلى هايتي وكذلك نيوأورلينز. في عشرينات القرن الثامن عشر، لكن ممارسات الفودو في كل منطقة مختلفة تمامًا.
الفودو في هايتي قوة دعمت العبيد خلال مشاقهم ومعاناتهم بين عامي 1791م و1804م. بعد سلسلة من ثورات العبيد بهايتي، طُرِد الفرنسيون.

انتشار ممارسات الفودو


فرَّ المستعمرون الذين نجوا إلى نيوأورلينز، وكان بعضهم برِفقة عبيدهم الناطقين بالفرنسية (معتنقي الفودو). بدأ الفودو من هذه الفئة في النمو في نيو أورلينز، وعلى الرغم من ممارسة الفودو في ذلك الجزء من الولايات المتحدة. فإنهم لم يظهروا، وقد تمَّ قمعهم بوحشية في كل مرة ظهروا فيها.
لم يتم تدوين ممارسات الفودو في نيوأورلينز إلا في القرن التاسع عشر.

انتشر الفودو في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا الشمالية والجنوبية كذلك، ثمَّ اُعترِفَ بالفودو رسميًا كدين.
بالرغم من ذلك، لايزال هناك فهم سيئ له، بسبب وسائل الإعلام وأقوالها غير الدقيقة عنه.

بدلًا من تصديق الشائعات، وربط الدين بالزومبي أو الدمَّى. ربما يجب فهمه بشكل كافي، ومعرفة ما المبادئ التوجيهية التي جعلت البعض يؤمن به.

المصادر 1 2 3

كتابة: آية ياسر

مراجعة: نهال المغربي

تدقيق لغوي: محمد بشير

اظهر المزيد

آية ياسر

كاتبة بقسم التاريخ وعلم النفس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى