مشاركات حره

مهارات قد تحتاجها خلال العزل (أزمة الكورونا): كيف تشرح لطفلك المفاهيم الصعبة والمعقدة؟

دعني أكون واضحا ومباشرا معك من البداية، في هذا المقال سوف نستعرض سويا أساليب وتكتيكات لشرح أي فكرة تراها صعبة أو معقدة لطفلك، سوف نتحدث عن خطوات عملية مجربة وفعالة، أعدك أنك بعد هذا المقال مع قليل من الجهد من جانبك سوف تستطيع شرح أصعب الأفكار وأعقدها لطفلك.

إذا كنت ترى أن فيزياء أينشتاين أو ميكانيكا الكم أو آلية عمل الصواريخ هي أمور يصعب فهمها وشرحها، فأنصحك بمتابعة القراءة. 

البداية 

يبدأ الأمر عندما يواجه طفلك أمرا صعب عليه فهمه في كتابه المدرسي أو في أي مصدر آخر، فيتوجه إليك وكله أمل في أنك مصباحه المضيء الذي سينير عتمة ممرات عقله المظلمة في وجه ما يراه صعبا، هي مسئولية كبيرة لا شك، فتتناول منه الكتاب مبتسما وواثقا وتشرع في القراءة، بعد لحظات قليلة تبدأ الإبتسامة في الاختفاء تدريجيا؛ فما تقرؤه لم يمر عليك من قبل، يلاحظ طفلك اختلاف تعابير وجهك، فتلاحظ أنت ما لاحظه ذلك الماكر، فترسم على الفور إبتسامة أخرى ولكنها مزيفة تلك المرة، ولكن لسوء حظك فإن طفلك ذكي؛ علم على الفور أنك لا تفهم ما تقرؤه، حسنا… عليك الآن أن تختار بين إختيارين، إما أن تحاول شرح ما تفهمه بلغة معقدة، وهذا لأنك في الأساس لا تفهم جيدا ما تقوله، وإما أن تؤجل الأمر حتى تبحث أنت فيه بدقة وتستطيع وقتها شرحه بطلاقة ووضوح.

حسنا عزيزي الأب عزيزتي الأم، الخيار الثاني يبدو أفضل بشرط، وهو أن تنفذ ما قلته لطفلك، وتعود إليه لشرح ما يراه معقدا، وفي حالة التزامك بهذا الخيار، فدعني أساعدك لتنجز الأمر في أسرع وقت ممكن.

الخطوة الأولى: قم بواجبك

أولا عليك فهم أمرين، الأمر الأول هو فهم طفلك، وأعني بذلك أن تفهم عقليته وأسلوب فهمه للأشياء، وذلك يعتمد على أكثر من عامل مثل:

المرحلة العمرية: يختلف مقدار ما يستطيع الطفل فهمه في الخامسة عما يستطيع فهمه في الثامنة، في سلسلة على اليوتيوب تدعى(مفهوم واحد في خمس مستويات من الصعوبة)(one concept in five levels of difficulty)  يتناول فيها مجموعة من العلماء والفنانين شرح بعض المفاهيم المعقدة من خلال خمس مستويات حسب المرحلة العمرية سواء طفل في الخامسة، أو مراهق، أو طالب، أو خريج، أو زميل في المهنة، وتختلف بالطبع حجم المعلومة وصياغتها لكل مستوى

النمط التعليمي للطفل: هل شخصية طفلك سمعية أم بصرية أم حركية؟ بمعنى: هل يفهم أكثر عند رؤية الصور والفيديوهات؟ أم أنه قد يكتفي بالسرد والشرح الشفوي؟ أم أنه لابد أن يمارس نشاطا أو تجربة عملية يخرج منها بمعنى لما يريد فهمه؟

اهتمامات طفلك: ماذا يحب؟ ماذا يكره؟ في أي شيء يقضي معظم أوقاته؟

من خلال إجابتك لهذه الأسئلة، سوف تستطيع حينها معرفة الطريقة المناسبة لشرح أي فكرة صعبة لطفلك، وسوف تحدد زاوية المعالجة المناسبة التي يستطيع طفلك فهم الفكرة كلها من خلالها، فمثلا لو أردت إقناعه بضرورة غسل أسنانه، قد تكون الزاوية المعتادة للحديث مثل أن تخبره عن ضرورة غسل أسنانه كي لا تسوس ويضطر الذهاب للطبيب وأخذ الحقنة هي زاوية غير مؤثرة، إنما إذا تناولت زاوية أخرى مثل أن تشبه له غسيل الأسنان كأنه حرب على التسوس وترسم له رسمة مصورا فيها  التسوس ككائنات شريرة يحاربها بسلاحه الفرشاة، قد يتحمس طفلك للغسيل إعتقادا منه أنه بطل يحارب الأشرار كما يرى في أفلام الكارتون أو ألعاب الموبايل.  

الأمر الثاني هو فهم الفكرة، لابد أن تفهم أنت الفكرة في البداية قبل الشروع في شرحها لطفلك، حسنا كيف تحقق ذلك الأمر؟ الإجابة بكل بساطة هي أن تتوجه إلى جوجل أو يوتيوب وتبحث عما تريد، ثم  تشاهد غيرك وهو يشرحه، وهدفك هنا ليست مشاهدة أسلوب العرض، إنما فهم الفكرة نفسها كأنك تريد أنت فهمها لذاتك.

أتعتقد الآن أنك قادر على الشرح؟ ربما، ولكنى لا أعتقد، قد تكون فهمت الفكرة ولكنك مازلت غير قادر على شرحها، الأمر يشبه أن أقول لك أن عاصمة دولة فنزويلا هي كاراكاس، ثم أسألك بعد يومين ما هي عاصمة دولة فنزويلا ؟ سوف تتذكر ملامح الإجابة دون تذكر الإجابة نفسها، فتقول مثلا:”حسنا..هي..أتذكر أن بها حرف الكاف مكررا”، ولكني لو سألتك: “هل عاصمة دولة فنزويلا هي كاراكاس؟” ستجيب على الفور بنعم، الأمر هو أنك تستطيع تذكر المعلومة-كما في السؤال الثاني- ولكنك لا تستطيع استرجاعها-كما في السؤال الأول-، فالتذكر أسهل من الاسترجاع، ومهارة الاسترجاع هي مهارة منفصلة لها تكتيكات وأساليب، والحقيقة أن من أفضل هذه الأساليب هو “أسلوب فاينمان”، وهو الأسلوب الذي صاغه عالم الفيزياء الشهير الحائز على جائزة نوبل “ريتشارد فاينمان”.

 أسلوب فاينمان يتكون من أربع مراحل:

المرحلة الأولى: إكتب عنوان ما تريد فهمه، مثل أن تكتب (فكرة عمل الصواريخ).

 المرحلة الثانية: إشرح ما تعرفه عن الموضوع، وذلك يتم عن طريق كتابة كل ما تعرفه على ورقة تحت العنوان، أو أن تتخيل نفسك تشرح لشخص ما.

المرحلة الثالثة: راجع معلوماتك، إبحث عن الفجوات الموجودة في معلوماتك، وحاول سد هذه الفجوات من خلال قراءة الموضوع مرة أخرى أو مشاهدة شرح أحدهم، ثم عاود الشرح مرة أخرى، كرر هذه العملية حتى تجد أن جميع الفجوات قد سدت.

المرحلة الرابعة: اشرح الموضوع لطفلك، وذلك من خلال التكتيكات التي سنتناولها بالشرح لاحقا.

الخطوة الثانية: قم بتهيئة البيئة المحيطة

الآن أعتقد أنك فهمت الموضوع جيدا، وتستطيع التلاعب به كما تريد، واسترجاعه وقتما تشاء.

ولكن لكي تنادي طفلك لكي تبدأ في عملية الشرح عليك أولا أن تهيئ البيئة المحيطة، وذلك تستطيع تحقيقه من خلال أمور مثل:

الابتعاد عن الملهيات: فلا يمكنك شرح فكرة ما لطفلك وتركيزه مشتت بينك وبين التلفاز أو الهاتف المحمول أو صوت مزعج بجانبكم.

إصنع فقاعة ثقافية حول طفلك (Infosphere): إزرع طفلك في بيئة تشجع على الإطلاع والتثقيف المستمر، فاشتر له المجلات العلمية وألعاب الذكاء، شاهدوا سويا البرامج العلمية الترفيهية مثل التي تعرض على قناة ناشونال جيوجرافيك وتناقشوا فيما شاهدتموه، اشترك له في ورش للأعمال إبداعية، وتعلم المهارات المختلفة مثل البرمجة والرسم وغيرهم، كل تلك الأشياء سوف تساهم في توسيع مداركه وسرعة تقبله للفكرة التي تريد شرحها له.

اصنع جوا من الحماس والإثارة أثناء الشرح، إملأ الوقت باللعب والضحك والتفاؤل وإشعاره بالأمان والدفء، ولا تجعل الشرح يتم في جو من الضغط النفسي والجدية التامة حتى لا يملؤه الملل والضيق والرغبة في الانصراف.

الخطوة الثالثة: كيف تشرح فكرتك؟

حسنا…أتينا إلى وقت الجد، لقد فهمت الفكرة، وهيأت الأجواء، بقى أن تعلم الأساليب والتكتيكات التي سوف تستخدمها لشرح الفكرة. 

إذا أردت أن تأكل حوتا، ماذا ستفعل؟

بالتأكيد…

سوف تأكله قطمة قطمة.

ما أردت توضيحه من خلال هذا السؤال هو أن مهما تكن الأفكار كبيرة ومعقدة، فعن طريق تقسيمها لوحدات صغيرة سيسهل عليك ابتلاعها وهضمها أيضا.  

دعنا نتحدث أولا عن أساليب توصيل الفكرة:

سنتحدث في البداية عما يسمى بالأسلوب الحلزوني في التدريس spiral approach 

. والذي طوره عالم النفس جيروم برونر

يعتمد الأسلوب الحلزوني على ثلاثة مبادئ رئيسية:

1- التكرار المتباعد: وهي أن تعود لشرح المبدأ أو الفكرة بشكل دوري على فترات.

2- زيادة العمق: عندما تعود لشرح الفكرة أو المبدأ فعليك أن تزيد من العمق وأن تضيف طبقة أخرى من التعقيد عما وصلت له من قبل.

3- التأكيد على المعرفة السابقة: عندما تعود لشرح الفكرة يجب أن تبني شرحك على ما يعرفه الطفل مسبقا عن الموضوع، وأن تتأكد من أنه يتذكر ما شرح له من قبل.

 يعتمد هذا أسلوب أن تتحدث في فكرة ما بأن ترتقي سلما تلو الآخر حتى تصل للقمة، والقمة هنا هي الفكرة المجردة النهائية، فتتناول في البداية تفاصيل متفرقة كأن تحكي قصصا عدة عن أشخاص مختلفين في ظروف مختلفة وجدوا مبالغ من المال ليست ملكهم، ثم تبدأ تدريجيا في جمع تلك التفاصيل معا، فتوضح أن هناك من تصرف تصرفا حسنا وأرجع المال لأصحابه، وهناك من أخذ المال لنفسه، وأن من أرجع المال جزي خير الجزاء وبورك له في حياته، بينما الآخر لاقى في حياته من المصاعب ما جعله لا يستفيد بهذا المال.

 ثم انزع كل ما هو ممل، وكل ما تراه حشوا، حتى يتبقى لديك فكرة مجردة نهائية وهي هنا صفة الأمانة.

نذهب الأن إلى تكتيكات الشرح التي سوف تستخدمها لتوصيل الفكرة المعقدة داخل عقل طفلك في سهولة ومتعة، وبالطبع التكتيك المستخدم سوف يعتمد على نوع الفكرة، وعمر الطفل، وكذلك اهتماماته أو معرفتك بما يحبه وما يكرهه.  

فيما يلي  احدى عشر تكتيك مقترح، قد تستخدم واحدا أو تستخدمهم كلهم على فترات ومراحل مختلفة، وقد تدمج أثنين أو أكثر حسب العوامل التي ذكرناها سابقا.

لا ينسى أيا منا رحلاته المدرسية التي ذهبها في فترة الدراسة مهما مرت السنين، ومهما تراكمت علينا مسؤوليات الحياة، فإن الانغماس في تجربة تعيشها بكل حواسك تترك لديك خبرات وذكريات لن تنساها قط.

التكتيك الأول: الرحلات الميدانية:

فإذا أردت مثلا التحدث مع طفلك حول الفلك والمجموعات النجمية وحركة الكواكب والقمر، فلا يوجد أنسب من الذهاب إلى إحدى المراصد الفلكية أو القبب السماوية المنتشرة مثل مرصد القطامية الفلكي، أو القيام بما هو أمتع والذهاب في رحلة رصد فلكي لرصد السماء ليلا، وتوجد كثير من المجموعات التي تقوم بمثل هذه الرحلات بشكل دوري مثل الجمعية المصرية لعلوم الفلك. 

التكتيك الثاني: التاريخ: 

لم تصبح الفكرة المعقدة كذلك لأنها في ذاتها معقدة، بل لأننا نتناولها وهي في مرحلة ناضجة أو مرحلة متقدمة من تراكم المعلومات.

فعندما أريد أن أشرح لطفلي فكرة عمل الهاتف المحمول، فمن الأفضل التدرج في السياق التاريخي من أول اختراع الهواتف على يد جراهام بيل حتى الوصول للهاتف المحمول، فبذلك أضع الفكرة في طبقات ومراحل تاريخية مختلفة يظهر من خلالها المجهود البشري المبذول في خروج الفكرة النهائية بهذا الشكل.

إعلم عزيزي المربي أن العلم تراكمي، فلا تجعل هدفك عند شرح أي فكرة أن تشرح الفكرة لذاتها، بل أن توضح كيف وصل العلماء والمكتشفون لتلك الفكرة جيلا بعد جيل، فذلك الأمر هو ما سيبقى في عقل الطفل، وسوف يدفعه بشكل غير مباشر لعملية الاستكشاف هو الآخر، فربما يكون طفلك في يوما ما جزءا من حكاية أب لإبنه.

التكتيك الثالث: الدلالات:   

كان والد ريتشارد فاينمان -عالم الفيزياء الذي ذكرناه من قبل- يقرأ معه في صغره موسوعة بريتانيكا، وعندما كانوا يقرأون مثلا عن الديناصورات أو تحديدا عن البرنتوصور معلومة مثل أن طوله خمس وعشرون قدما ورأسه ست أقدام كان يتوقف عن الشرح ويحاول أن يعطي دلالة لإبنه، فهو يعلم أن الإبن قد لا يدرك ماذا تعنيه هذه الأرقام، فيخبره أن رأسه قد تصل من لشرفتهم، وقد تكسر رأسه زجاج النافذة من كبر حجمها، فإن عملية المقارنة والمباينة مع أشياء أخرى يعرفها الطفل ويألفها تسهل من هضم عقله للمعلومة.

يمكن لموقع مثل:

(http://www.bluebulbprojects.com/MeasureOfThings/default.php)

أن يساعدك في إيجاد أقرب دلالة لشرح أي وحدة قياسية مثل وحدات الطول والعرض والارتفاع والأحجام. 

التكتيك الرابع: الصور والفيديوهات:

 الطفل على فك التعقيد وإزالة إختلاط المعاني.

التكتيك الخامس: القصة:

أكثر ما يحبه البشر هو القصة الممتعة، فأنت مستعد لسماع أحدهم لساعات بشرط أن يقدم لك قصة تشحذ خيالك وتثير عواطفك، وحياتنا هي قصة، وأي فكرة كذلك مهما بلغت من صعوبة تستطيع وضعها داخل قصة، ولا سيما عندما تضع طفلك بطلا لهذه القصة.

فإذا أردت على سبيل المثال أن تشرح لطفلك كيف يدافع جهاز المناعة عن الجسم ضد الأمراض، فيمكنك أن تمنح لطفلك دورا في جهاز المناعة بأن تعطيه دورا كجندي في جيش كرات الدم البيضاء، وكيف سوف يتعامل مع أي ميكروب دخيل، وكيف ينتصر عليه حفاظا على صحة الجسم.

كل ذلك في إطار قصة لها أحداث وأسماء للشخصيات، وأعدك بعد ذلك أن طفلك لن ينسى أبدا ما تعلمه بهذه الطريقة.

تستطيع إضافة لمسة إضافية تعزز من استيعاب الطفل للفكرة، وهي عن طريق إضافة الشعر واللمسة الغنائية للحكي القصصي، فالأشعار والغناء تخلق حالة من المتعة السمعية لدى الطفل، لذلك تجد الطفل معظم وقته ميالا لسماع الأناشيد والأغاني التي تتكرر عشرات المرات يوميا على قنوات الأطفال. 

التكتيك السادس: ماذا لو…؟

أستطيع أن أقول عن تجربة شخصية أن تكتيك “ماذا لو؟” هو من أنجح التكتيكات المستخدمة لتثبيت فكرة ما في عقل أحدهم، وذلك عن طريق تخيل عكس الفكرة نفسها، دعني أوضح بمثال: إذا أردت أن أخبر طفل عن أهمية نهر النيل، فبدلا من ذكر أهميته في الشرب والزراعة والنقل وهكذا، فسأثير سؤالا وهو: ماذا لو استيقظنا غدا ولم نجد نهر النيل؟ ماذا سيحدث حينها؟ ستجد وقتها عاصفة من الأفكار تنهار عليك، هنا دورك يكون تغذية النقاش بأفكار لما قد يحدث، معززا بذلك مبدأ السبب والنتيجة بشكل غير مباشر في عقل طفلك، كل هذا ينتج عنه في الأخير معرفة أهمية نهر النيل وذلك من خلال تخيل عدم وجوده، تستطيع استخدام هذا الأسلوب في شرح أي أمر آخر مثل: ماذا لو اختفت الشمس؟ ماذا لو لم يكن هناك فراعنة؟ ماذا لو لم يوجد الأكسجين؟ …..وهكذا.

التكتيك السابع: التشبيهات والأمثلة:   

لم أرد أن أضع هذا التكتيك في البداية؛ ذلك لأنه بديهي وأكثر التكتيكات التي تستخدم في الشرح بوجه عام وللطفل بشكل خاص، وسأوضح فقط نقاط بسيطة يجب مراعاتها عند ممارسة تكتيك التشبيهات والأمثلة:

تأكد أن تحصل على تشبيه لفكرتك مما يعرفه الطفل ومر به من قبل، فلا تكن مثل من فسر الماء بعد الجهد بالماء.

استخدم الإسقاط على الأنشطة اليومية التي تقوم بها مع طفلك، فعندما تقف الأم في المطبخ لإعداد الطعام، فقد تستفيد من عملية طهي الطعام لشرح مبدأ تبخر وتكثيف المياه وتشكل السحب من خلال شرح ذلك على تبخر المياه من الأواني نتيجة الحرارة العالية وتكثيفها على أغطية الأواني ذات الحرارة المنخفضة لتسقط على شكل قطرات تشبه قطرات المطر.

قد يختلط الأمر على البعض، إذ يظنوا أن استخدام الدلالات هو نفس المعنى من استخدام التشبيهات، ولنوضح الفرق دعني أعطي مثالا، فلو أردت أن تحدث طفلك عن حجم الشمس

التكتيك الثامن: المسرحية:

تطوعت في فترة الدراسة الجامعية في أحد الأنشطة التي تهتم بتبسيط المناهج الدراسية للأطفال، وكنت مسئولا عن الجزء العلمي وخصوصا جسم الإنسان؛ نظرا لخلفيتي الدراسية الطبية، ووجدت أن أسلوب المسرحية يعد من أقصر الأساليب لإيصال الأفكار، فمثلا عندما كنت أشرح موضوعا مثل الجهاز التنفسي في جسم الإنسان، فيلعب أحد الأطفال دور غاز الأكسجين الذي يدخل من الباب الذي يمثل الأنف، فيتوجه في ممر يمثل القصبة الهوائية، ويدخل على مجموعة من الأطفال تمثل الرئة، فيحتضنوا ويودعوا رفيق آخر لهم يمثل دور غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يخرج بنفس الطريقة عن طريقة الممر إلى الباب. 

التكتيك التاسع: التجارب العلمية:  

تعد التجارب العلمية المنزلية أحد أهم الأنشطة التي يمكن أن يتشارك فيها الآباء والأبناء، فبجانب المتعة والإثارة الناتجة عن تنفيذ مثل تلك التجارب، فإن لها أثر قوي على العلاقة بين الابن ووالديه، وأثر آخر وهو تعميق المبدأ أو الفكرة العلمية بشكل عملي، بدلا من سردها وحفظها بلا فهم. 

مثال على التجارب العلمية هي تجربة عمل البركان الشهيرة، حيث تجلب نصف زجاجة بلاستيكية ونشكل حولها الصلصال بشكل مخروطي يشبه البركان الحقيقي، ثم يسكب بداخله بعض الخل وأي ملون أحمر للطعام، ثم تضاف لهم ملعقة بيكربونات الصوديوم، فترى تفاعل شبيه بثوران البركان. 

التكتيك العاشر: التلعيب:

يحب البشر الألعاب مهما بلغوا من العمر، فليست كل الألعاب هي ألعاب الهواتف المحمولة أو الحواسب الآلية، إنما محاولتك أثناء قيادة سيارتك المرور سريعا قبل تغير لون إشارة المرور من اللون الأخضر إلى اللون الأحمر هو لعب، أو إختيارك للمشي فوق أحجار الرصيف البيضاء وتخطي السوداء دون ملامستها يعد لعبا أيضا، فيميل جميعنا لمواجهة التحديات والشعور بنشوة الإنتصار.

إنطلاقا من هذه الطبيعة البشرية، فعليك أيها الأب وأيتها الأم أن تجعل شرح الفكرة المستهدفة في شكل لعبة، فمثلا بعد أن تشرح الموضوع لطفلك، اسأله في الموضوع الذي شرحته، وكل إجابة صحيحة يخطو خطوة للأمام، وكل إجابة خاطئة يرجع خطوة للوراء، حتى يصل إلى هدف حددته له مسبقا.

التكتيك الحادي عشر: دمج المعلومات

تكتيك دمج المعلومات هو تكتيك يجعل لكل معلومة عدة أبعاد بدلا من بعد واحد، فإذا أردت أن تخبر طفلك عن إقتصاد دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فلا تكتفي بالتحدث عن الجانب الإقتصادي، بل ادمج معلومات مثل تاريخ الولايات المتحدة، وطبيعة المجتمع هناك، والملامح الجغرافية، والقوة العسكرية وهكذا، فعندها سيشعر الطفل بتكامل المعلومات التي قد يأخذها متفرقة من عدة مصادر، فلا يستطيع وقتها الربط بينهم، وسيجد كل معلومة هي قطعة بازل في صورة كبيرة.

الخطوة الرابعة: بعض التوابل الاضافية:

إليك الآن بعض التوابل الاضافية التي تمنح لشرحك مزيد من التقبل والفهم، فهذه بعض المؤثرات التي سوف تدعم أسلوبك والتكتيك التي أخترته

انتبه للغة جسدك body language:

 تعد لغة الجسد عاملا قويا يساعد على إيصال الفكرة بشكل أفضل، أنصحك بمزيد من القراءة عن لغة الجسد، فلغة جسدك تعبر عن حماسك وتقبلك لسؤال طفلك وترحيبك لمزيد من أسئلته.

حافظ على اتصال العيون eye contact: 

راقب عيون طفلك أثناء شرحك، فمنها ستعرف إن كان يفهمك، أو إنه لا يفهم وخائف من أن يسألك، أو إن كان يصب تركيزه على شيء آخر غير حديثك.  

اضف العاطفة إلى حديثك:

 “مات الملك ثم ماتت الملكة” —  “ماتت الملك ثم ماتت الملكة حزنا عليه”، أغلب الظن أنك ستجد الجملة الثانية أقرب إلى قلبك؛ وذلك لما أضيف لها من عاطفة فجعلها تبدو أكثر حيوية من الجملة الأولى.

استفد من ذلك المبدأ، وقم باضافة عنصر العاطفة إلى كلماتك، فيوجد لدينا جميعا ما يسمى بالخلايا العصبية المرآتية، وتلك الخلايا تعكس مشاعر من أمامك فتجعلك تشاركه نفس الشعور، فاستغلها عند طفلك وحاول أن تنقل إليه مشاعرك نحو الفكرة التي تشرحها.

ضع نفسك مكان طفلك، ولا تضغط عليه، فهو ليس إسفنجة تتشرب ما تسكبه عليها من معلومات من أول وهلة، فاصبر عليه ولا تتعجل.

عرف لطفلك كل شيء تقوله حتى لو بدا لك أنه شيء بديهي لا يحتاج للتوضيح، وتأكد بشكل مستمر من فهمه لما تشرح عن طريق سؤاله.

ختاما، فقد تشعر عزيزي القاريء عزيزتي القارئة أن الموضوع ثقيلا، ولكنه في الحقيقة ليس كذلك، حاول قراءة المقالة مرة أخرى ويفضل أن توجد في عقلك فكرة أو موضوع حقيقي يواجه طفلك، وطبق ما قرأته في السطور السابقة، وأعدك أنك ستدهش بالنتيجة، وتذكر أن شرحك أنت لطفلك يختلف كثيرا عن شرح غيرك له، فأنت تبني ذكرياتكم معا التي ستبقى في عقله ووجدانه مادام حيا.

المصادر 1 2 3 4

كتابة: محمد رضوان

هذا المقال هو ملكية فكرية لصاحبه، ولايمثل ما به من معلومات أو آراء مؤسسة الجرعة اليومية من العلوم.

اظهر المزيد

الجرعة اليومية من العلوم

مؤسسة علمية تطوعية هدفها نشر وتبسيط العلوم، وإثراء المحتوى العربي العلمي عبر الإنترنت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى