الأحياء

اكتشاف مركب للتحكم في الساعة البيولوجية باستخدام الضوء

هل سبق لك أن تساءلت عن سبب عدم شعورك بالتعب حتى وقت متأخر من الليل، بينما زوجتك وأولادك نائمون في تمام الساعة 10 مساءًا، ويستيقظون تلقائيًا في تمام الساعة 6 صباحًا؟

دعنا نخبرك أن السبب في ذلك هي الساعة البيولوجية. لدى كل واحد منَّا ساعة بيولوجية داخلية، وهي التي تنظم الأنشطة الداخلية والخارجية لجسمنا على مدار 24 ساعة. كما يمكن أن تتأثر هذه الساعة البيولوجية بعدة عوامل مختلفة، كالتعرض لأشعة الشمس أو الضوء الكهربائي، وتوجد في جميع أجهزة الجسم تقريبًا، مثل الدماغ والقلب والكبد.

كيف تعمل هذه الساعات البيولوجية؟

يُعتقد أن ما لا يقل عن 15 جينًا يشكلون عقارب الساعة البيولوجية، ويمكن أن تؤدي الاختلافات الوراثية الطبيعية في هذه الجينات إلى اختلافات عميقة في الساعات البيولوجية اليومية من شخص لآخر، فهذا هو السبب في أن بعض الناس صباحية كالطيور في الوقت المبكر، وأخرى ليلية كالبوم في أواخر الليل، فالساعات البيولوجية هي التي تخبرنا متى نشعر بالنعاس ومتى نستيقظ. ولكننا لم نستطع التحكم في ساعتنا البيولوجية هذه سابقًا حتى توصلنا اليوم إلى اكتشاف مركب للتحكم فيها باستخدام الضوء.

وجد الباحثون -في المعهد الياباني للجزيئات الحيوية التحويلية (ITbM) بجامعة ناغويا وجامعة جرونينجن الهولنديتين، وزملائهم- طريقة جديدة لتنظيم الساعات البيولوجية اليومية للخلايا. ويمكن أن تؤدي الدراسات الإضافية عنها إلى علاجات لمجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك اضطرابات النوم.

يوضح “تسويوشي هيروتا – Tsuyoshi Hirota”، عالم الكيمياء الحيوية في (ITBM)، والذي قاد البحث مع الكيميائي “بن فيرينجا – Ben Feringa” بجامعة جرونينجن، قائلًا: “نحن نقدم نهجًا جديدًا للتحكم الدقيق في وظيفة الساعة البيولوجية باستخدام الضوء. كما تتحكم الساعة البيولوجية في إيقاعات فسيولوجيتنا اليومية،
حيث يرتبط اختلال وظائف بعض الأعضاء بالعديد من الأمراض، مثل: اضطرابات النوم، وأمراض التمثيل الغذائي، والسرطان”.

وهناك طريقة جديدة للتحكم في الساعة البيولوجية يمكن أن تكشف عن آليات الساعة الجزيئية، وتشكل أساسًا لعلاج الأمراض المتعلقة بالساعة اليومية. تضمن نهج الباحثين التحكم في جزيء يسمى (Longdaysin)، ووجدوا أنه ينظم الساعة البيولوجية الخلوية كالتالي: يرتبط جزيء (Longdaysin) بإنزيم يسمى (CKI) فيثبط نشاطه، ويطيل من الوقت اللازم للساعة البيولوجية؛ للذهاب خلال دورة النوم والاستيقاظ.

وللسيطرة على هذه العملية، قام الفريق بإضافة مركب كيميائي يسمى “مجموعة الحماية القابلة للإزالة بواسطة الضوء (PPG)” لجزيء (Longdaysin). وتحت الظروف المظلمة، منع مركب (PPG) جزيء (Longdaysin) من الارتباط بإنزيم (CKI). ثم عندما تعرض المركب للأشعة فوق البنفسجية أو البنفسجية، تم إطلاق جزيء (Longdaysin)، مما مكَّن مركب (PPG) من الارتباط بإنزيم (CKI) وتثبيطه. وقد كانت تلك العملية ناجحة في الخلايا البشرية، وأنسجة الفأر، وفي يرقات الزرد (سمك صغير مخطط).

يمكن أن يؤدي هذا المستوى -من التحكم في نشاط جزيء (Longdaysin) مع الضوء- إلى تطوير علاجات لضبط فترة الساعة البيولوجية للأشخاص الذين يعانون من حالة تسمى (مرحلة النوم العائلي المتقدمة)، حيث تؤدي الطفرات الوراثية المرتبطة بإنزيم (CKI) إلى حدوث هذه الحالة، مما يؤدي إلى شعور الشخص بالنعاس بشكل غير طبيعي في وقت مبكر جدًا من المساء، وهكذا يذهب للنوم مبكراً، ويستيقظ وينشط بشكل مبكر جدًا في الصباح.

يقول الباحثون أن دراستهم يمكن أن تساعد أيضًا في إجراء مزيد من الاستنتاجات في تنظيم الساعة البيولوجية في الثدييات، وتحديد العلاقة بين اضطراب الساعة البيولوجية وتطور الأمراض، والبحث عن علاجات تستخدم التنظيم المعتمد على الضوء لعلاج الأمراض المرتبطة بالساعة البيولوجية.

ويخطط الفريق بعد ذلك لمعالجة الساعات البيولوجية الخلوية ضمن تجمعات الخلايا، واستكشاف كيفية تواصل الساعات البيولوجية اليومية في الخلايا الفردية مع بعضها البعض.

 

المصدر

 

كتابة: ميار محسن

مراجعة: مصطفى احمد

تحرير: زياد محمد

تصميم: امنية عبدالفتاح

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى