الأحياء

كيف يمكن أن يؤثر النوع والعمر على احتمالية إصابتنا بالجائحة؟

هل نحن واحد؟

أنعيش جميعًا بظروف متساوية؟ وهل مواجهتنا للأخطار على القدر نفسه من التحدي؟ هل يمكن أن تشكل الاختلافات الجنسية أفضلية في بعض الأوقات؟
فمثلًا، مرض مثل فرط كوليسترول الدم (Hypercholesterolemia)، نجد كون الشخص ذكرًا من أحد عوامل الخطر في إصابته! على عكس الإناث؛ فهن أقل عُرضة بسبب دور يقوم به هرمون الإستروجين (Estrogen) في زيادة مستوى البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL)، وتقليل نسبة البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL).

إذًا، فالنوع يمثل عاملًا ربما بالإيجاب أو بالسلب، ومع الأحداث الحالية وانتشار الجائحة، كيف يمكن أن يؤثر هذا على مدى تعرضك للإصابة بهذا الفيروس؟!

كيف يُشكل النوع والسن عامل في إصابتك بالفيروس sars-cov 2؟

تبعًا لإحصائيات أُجريت في عدة دول مثل الصين، وكوريا الجنوبية، وإيطاليا، والفلبين، واليابان، وُجد من بين الحالات الإيجابية المؤكد إصابتها بمرض الجائحة Covid-19 ارتفاع معدل الإصابة بين الذكور وكبار السن.

ربما تتسائل، ما السبب الذي يمكن أن يؤثر على هذا التنوع في المعدّلات؟! ولكن بداية، لنعرف أكثر عن هذا المرض.

مرضCovid-19 يسببه فيروس sars-cov 2، يتميز هذا الفيروس بوجود تركيب بروتيني سطحي (Spike protein).
وهو المسئول عن الارتباط بمستقبلات إنزيم محول للأنجيوتنسين 2(Angiotensin-converting enzyme 2 // ACE2) في الجسم، ويبدأ انتقال الحمض النووي الريبوزي الخاص بالفيروس إلى داخل الخلية ليتكاثر وينتشر، ويصاحبه زيادة في معدلات خلايا الدم البيضاء وبروتينات السيتوكين (Cytokines) التي تقوم بدور رئيسي في تنظيم الالتهابات المناعية وتكوين الدم.

والآن.. لنعد إلى السبب في اختلاف تلك المعدلات!

ألقِ نظرة دقيقة إلى سر هذا الاختلاف الخارجي بيننا، إنها الصبغيات أو الكروموسومات (Chromosomes)، ودقق معي فيها أكثر إلى الأطراف حيث يوجد التيلومير (telomere)، لك أن تتخيل أن الأمر يتوقف على طول هذا الطرف (telomere)! فقصره يزيد من فرصة إصابتك بالفيروس، والذي يظهر عند كبار السن والذكور بشكل أكبر.

• عن التيلومير (telomere)

يوجد عند نهاية الكروموسوم، وهو جزيء غير مشفر لا يُترجم أثناء عملية نسخ الحمض النووي، يحدد نهاية كل كروموسوم أثناء انقسام الخلايا ويمنع التصاق نهايات الكروموسومات ببعضها، يتكون من 5 : 8 نيكلوتيدات من التسلسل المتكرر TTAAGGG، وفي كل مرة يتم فيها انقسام الكروموسوم يقل طول هذا التيلومير تبعًا لبعض النظريات، وهذا ما يُفسر الشيخوخة.
بمعنى آخر، كلما قصر هذا الطرف، كلما قلت قدرة الكروموسومات على الانقسام، وعندما ينتهي أو يقل بدرجة كبيرة، تتوقف قدرة الكروموسومات على الانقسام، مما يؤدي إلى موت الخلايا، ولكن ليس الأمر مأساويًا فقط؛ فهو يلعب دور مهم في حمايتك من الإصابة بالسرطان، فمن المعروف أن السرطان هو إنتاج غير محدود من الخلايا، وهذا الذي يعاكسه التيلومير. ولكن مع ذلك، فإن قصر هذا الطرف يؤثر على الجهاز المناعي؛ وهذا هو لُب حديثنا!

• تغير طول التيلومير (telomere) أثناء العدوى الفيروسية

بمقارنة الأصحاء مع مرضى Covid-19 ممن يعانون من متلازمة ضيق التنفس الحادة Acute Respiratory Distress Syndrome (ARDS)، التي يصاحبها نقص في الأكسجين (Hypoxia)، وفشل أجهزة مختلفة في الجسم؛ مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات، لوحظ قصر طول التيلومير بين المرضى عن الأصحاء، ولأن الجسم يحتاج كميات أكبر من الخلايا المناعية كالبائية والتائية أثناء العدوى.
ومما سبق، فإن قصر طول التيلومير سيؤثر على معدل إنتاج تلك الخلايا.

يمكننا القول أن كون الشخص ذكرًا أو أكبر في السن يُعد من أحد عوامل الخطر، حيث يؤثر على طول التيلومير، وبالتالي على قدرة إنتاج بعض الخلايا المناعية أثناء العدوى.

على كلٍ، ما زالت الأبحاث جارية، وإلى أن نصل إلى تفاصيل واضحة، حافظ على التباعد الاجتماعي، والتزم بإجراءات الوقاية.

المصادر: 1, 2, 3

كتابة: رؤى غريب مغربي

مراجعة: ميار محمد

تدقيق لغوي: زينب علاء الدين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى