الأحياء

الأخطبوط والحبار حيوانات أكثر غرابة مما كنا نتخيل!

عندما اعتقدنا أن الأخطبوط ليس حيوانًا عجيبًا، ثبت علميًا أنه غريب وعجيب! حيث أنه يتطور بشكل مختلف عن كل الكائنات الحية الأخرى الموجودة على الكوكب.

  حيث اكتشف العلماء في أبريل الماضي أن الأخطبوطات، وكذلك الحبار، يعدلون تسلسلات من الحمض النووي الريبوزي RNA الخاص بهم بشكل روتيني للتكيف مع البيئة، وهذا غريب لأنه ليس ما يحدث في عمليات التكيف في الكائنات عديدة الخلايا، لأنه عندما يتغير كائن حي يبدأ أي تغيير في الحمض النووي بطفرة جينية ثم يتم ترجمة هذه التغيرات الجينية بفعل الصبغي الجزيئي للحمض النووي. فلو اعتبرت أن تعليمات الحمض النووي الريبوزي وصفة طعام، وأن الحمض النووي الريبوزي شيف ينظم طهي كل خلية في المطبخ وينتج البروتينات الضرورية التي يحافظ على بقاء الكائن، لكن الحمض النووي الريبوزي لا ينفذ كل التعليمات بشكل أعمى فأحيانا يرتجل مع بعض المكونات ويغير بروتيناتها في عملية نادرة تسمى تحرير RNA، فتتغير طريقة عمل البروتينات، مما يسمح للكائن بتحسين معلوماته الوراثية دون التعرض للطفرات جينية، ولكنهم لا يُفضلون هذه الطريقة لأنها فوضوية وتسبب مشاكل، ولكن رأسيات الأرجل تقوم بها.

 وفي عام 2015، اكتشف الباحثون أن الحبار الشائع قد عدل أكثر من 60% من الحمض النووي الريبوزي في نظامه العصبي، وقد غيرت تلك التعديلات جوهريًا فسيولوجيا الدماغ، ومن المفترض أن تتكيف مع ظروف درجات الحرارة المختلفة في المحيط.

 ثم عاد الفريق عام 2017 باكتشاف أكثر إثارة، وهو نوعان من الأخطبوط وحبار واحد يقومان بنفس الشيء على أساس منتظم. وللقيام بمقارنات تطورية، نظروا أيضًا إلى حيوان النوتيلوس البحري ونقوش ببطن أرجله، ووجدوا أن براعة تعديل RNA لديهم مفتقدة.

  وقال جوشوا روزنثال من مختبر الأحياء البحرية في الولايات المتحدة: “هذا يبين أن المستويات المرتفعة لتحرير RNA ليست في الرخويات بشكل عام؛ فإنه اختراع لرأسيات الأرجل اللولبية” وأضاف: “هناك شيء مختلف بشكل أساسي في هذه الأرجل”. فهذه الحيوانات ليست فقط بارعة في تحديد RNA حسب الحاجة، بل وجد الفريق أن هذه القدرة جاءت بمقايضة تطورية متميزة، مما يميزها عن بقية عالم الحيوان.

 من حيث تطور الجينوم العادي (الذي يستخدم الطفرات الجينية)، كانت كوليويدز coleoids -الأخطبوطات والحبار- تتطور حقًا، ولكن ببطء شديد. ادعى الباحثون أن هذه كانت تضحية ضرورية. لأنها وجدت آلية تساعد على البقاء على قيد الحياة فاستمرت في استخدامها. وقال روزنثال أيضاً: “الاستنتاج هنا هو أنه من أجل الحفاظ على هذه المرونة في تحرير RNA، كان على الكوليويدز التخلي عن القدرة على التطور في المناطق المحيطة”.

 سيقوم الفريق بتطوير نماذج وراثية من رأسيات الأرجل كي يتمكنوا من تتبع كيف ومتى يبدأ تحرير هذا RNA كخطوة مستقبلية. وقال روزنثال: “يمكن أن تكون الآلية بسيطة مثل التغيرات في درجات الحرارة أو معقدة مثل التجربة، وهي شكل من أشكال الذاكرة”. وقد نشرت هذه النتائج في صحيفة “Cell”.

المصدر 

 

كتابة: ميار محسن

مراجعة: أحمد علاء 

تحرير: أحمد عبدالستار 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى