التمرين والتركيز

أظهرت الأبحاث مؤخرًا أن فترة قصيرة من التمرين يمكن أن تزيد من تركيزك. سواء كان ذلك خلال فترة الراحة بعد وجبة الغداء، أو في الأيام التي نشعر فيها بالضغط. فإننا جميعًا نكافح للتركيز على ما نقوم به في بعض الأحيان. سواء كان ذلك في العمل أو المدرسة أو المنزل. فما العلاقة بين التمرين والتركيز؟

إن القدرة على التركيز على ما نقوم به ستجعلنا حتمًا أكثر إنتاجية، ولكن قول ذلك غالبًا ما يكون أسهل من فعله.

وبالنسبة للأشخاص الذين يتطلعون إلى تحسين تركيزهم؛ فإن أول ما يُنصح به هو التمارين الرياضية باعتبارها الترياق. ولسبب وجيه؛ حيث تُظهر الأبحاث أن النشاط البدني يمكن أن يحسن التركيز لدى الأشخاص من جميع الأعمار.

ما هو التركيز؟

دعونا أولًا نعرّف “التركيز” على أنه قدرتنا على توجيه جميع حواسنا وتفكيرنا تجاه مهمة ما وتجاهل المشتتات. لذلك، من أجل الحصول على تركيز جيد نحتاج إلى جانبين مهمين للوظيفة المعرفية يعملان في أفضل حالاتهما.

الأول هو الاهتمام المستمر، حيث يمكننا التركيز على أجزاء معينة من المعلومات لفترات طويلة من الزمن. والثانية هي الوظيفة التنفيذية، وهي قدرتنا على التفكير واتخاذ القرارات على مستوى معقد.

ولكن.. ما علاقة التمارين الرياضية بالتركيز؟

وكيف تساعدنا التمارين في تحسين هذه المهارات؟

معظم الأبحاث دارت دراستها حول تأثير التمارين الرياضية على التركيز بين الشباب في المدارس.

من المحتمل أن يكون هذا بسبب التأثير الواضح للتركيز على التحصيل الدراسي. لكن مع إعطاء الأولوية الرئيسية للمدارس لتحسين التحصيل الأكاديمي ونتائج الامتحانات.

أظهرت الأبحاث أن النوبات الحادة من النشاط البدني، مثل المشي أو الجري لها تأثير إيجابي على التركيز لدى الشباب. وقد تبين أن هذا التأثير بعد أشكال مختلفة من النشاط البدني بما في ذلك المشي، والجري، والألعاب الجماعية. لكن هذا التأثير يميل إلى أن يستمر لمدة ساعة واحدة فقط، لذا؛ فإن الفرص المنتظمة للنشاط خلال اليوم الدراسي مهمة.

اكتشاف آخر مثير للاهتمام حقًا؛ إن الشباب الذين يتمتعون بمستويات أعلى من اللياقة البدنية يظهرون تركيزًا فائقًا عند مقارنتهم بالشباب الأقل لياقة.

على سبيل المثال

يُظهر الشباب الذين يتمتعون بلياقة قلبية وتنفسية أعلى أفضل من أولئك الأقل لياقة. لذلك؛ بناءً على الأدلة الحالية يبدو أن النشاط البدني المنتظم مهم جدًا لتحسين التركيز عند الأطفال.

على الرغم من وجود أدلة أقل لدى البالغين، إلا أن الأبحاث لا تزال تظهر أن نوبات النشاط البدني الحادة، مثل المشي لمدة 20 دقيقة، أو الركض، تعزز التركيز لمدة تصل إلى ساعة واحدة بعد ذلك.

كما أظهرت الدراسات أيضًا، أن حصول الأشخاص على فترات راحة لممارسة النشاط البدني أثناء يوم العمل يُحسن التركيز والمزاج، وكلاهما يمكن أن يُحسّن الإنتاجية.

ولقد ثبت أن النشاط البدني والمستويات الأعلى من اللياقة البدنية تفيد أجزاء كثيرة من وظائف المخ، بما في ذلك التركيز لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. ولكن لا يزال لدينا معلومات أقل حول الآليات التي تفسر سبب تحسين النشاط البدني لتركيزنا.
نعتقد أنه يمكن أن يكون سببه آليات نفسية معينة، مثل الشعور بمزيد من اليقظة، والتحسن في الحالة المزاجية بعد النشاط البدني التي تعمل على تحسين التركيز. كما تم اقتراح زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، والتغيرات في أجزاء الدماغ التي يتم تنشيطها أثناء وبعد التمرين.

لكن.. ما هي أنواع التمارين الأفضل؟

الجواب البسيط على هذا السؤال هو أنه يعتمد على الكثير من الأشياء.
حيث تشير بعض الأدلة إلى أن أي تمرين يتطلب اتخاذ القرار، مثل الألعاب الجماعية ككرة القدم والهوكي، قد يكون مفيدًا بشكل خاص للتركيز، نظرًا لحقيقة أن عقلك يشارك أثناء هذه الأنواع من التمارين.

لكن الأبحاث تظهر أيضًا أن أي تمرين قوي أو مرهق للغاية، مثل التدريبات المتقطعة عالية الكثافة، قد يكون له تأثير سلبي على التركيز، نظرًا لحقيقة أنه من الصعب جدًا التركيز.

ومع ذلك، فإن البحث واضح وصريح، وهو أن النوبات القصيرة من النشاط البدني المعتدل تعتبر رائعة في تحسين التركيز بعد التمرين مباشرة. قد يشمل ذلك المشي السريع أو الجري أو حتى جولة ممتعة.

لكن أفضل نوع من النشاط البدني هو الذي تستمتع به، ويمكن دمجه بسهولة في الحياة اليومية. في نهاية المطاف، يحتاج الناس إلى أن يكونوا قادرين على أداء النشاط البدني بانتظام من أجل الحصول على فوائد فورية وطويلة الأجل.

لذلك، إذا كنت تقضي الكثير من الوقت جالسًا على مكتبك أثناء يوم العمل، فستساعدك فترات الراحة المنتظمة في الحفاظ على تركيزك على المهمة التي تقوم بها. حتى مجرد اصطحاب كلبك في نزهة قصيرة، أو الركض إلى المتجر للقيام بمهمة سريعة سيساعدك.

المصدر

كتابة: زهرة عابدين جابر

مراجعة: محمود علام

تحرير: شيماء بكري

تصميم: عمر علي