إعادة تعريف المول
في الكيمياء: المول هو وحدة قياس كمية المادة. إذ أنّ المول جزء من النظام الدولي للوحدات (SI) منذ عام 1971. وكان تعريف المول ينص على أنه كمية المادة التي تحتوي على العديد من العناصر الأساسية (ذرات، جزيئات، أيونات..) الموجودة في 12 جرام من نظير الكربون (C-12).
ولكن، وجد العلماء ضرورة إعادة النَظَر في تعريف مفهوم المول! فحسب التعريف السابق للمول فهو يحتاج إلى تعريف لوحدة الكيلو جرام!
والمادة التي تُعد بمثابة “الكيلوجرام” هي عبارة عن سبيكة أثرية أسطوانية الشكل من البلاتين والإيريديوم مُخَزّنة من قبل المكتب الدولي للأوزان والمقاييس BIPM، ومشكلة هذه القطعة الأثرية أنها غير مستقرة على الأقل على المدى الطويل. وبالتالي تَغَيُّر الكتلة -ولو بصورة بسيطة- سيؤثر على دقة التعريف. (تلك القطعة تسمى Le Grand K)
أوصت الأيوباك IUPAC في بداية عام 2018 بتعريف جديد للمول يستند على عدد محدد من الأشياء الأولية، فأصبح كالتالي: المول هو كمية المادة التي تحتوي على 6.02214076 × 10^23 (عدد أفوجادرو) من الجزيئات أو الذرات أو الأيونات.
هنالك سببٌ آخر لإعادة تعريف المول:
بعد نجاح تعريف المتر عام 1983، والذي يعتمد على سرعة الضوء في الفراغ، قرر المكتب الدولي للأوزان والمقاييس (BIPM) أن هذا هو الوقت المناسب أيضًا لإعادة صياغة تعريفات الوحدات الأساسية السبعة الخاصة بـ النظام الدولي للوحدات SI وإعادة تعريفها بأشياء أكثر استقرارًا والمعروفة لدى العلماء باسم الثوابت الفيزيائية. (تلك الوحدات هي وحدات لـ: الطول – الكتلة – الزمن – شدة التيار – شدة الاستضاءة – درجة الحرارة المطلقة – كمية المادة).
وكان من المتوقع أن تدخل التعريفات الجديدة المُنقّحة حيز التنفيذ في اليوم العالمي للقياس، 20 مايو 2019.
رأْي العلماء الحاليين من التعريف الجديد للمول:
يؤكد التعريف الجديد أن “كمية المادة” أصبحت مُعرّفة بعناصر العد بدلًا من قياس الكتلة، وهذا ما قاله البروفيسور “إيان ميلز Ian Mills” وهو متوافق مع توصيات فريق العمل IUPAC برئاسة البروفسور يورغن ستونر “Jürgen Stohner” للنظر في تعريف المول. فقال أنه يؤيد بشدة جميع التغييرات المقترحة.
علق أيضًا البروفيسور “بيتر أتكينز Peter W. Atkins” الرئيس المؤسس للجنة IUPAC لتعليم الكيمياء، فقال: “لقد كنت دائمًا في حيرة من أمري بشأن الرأي السائد عن المول كونه موضوع صعب ومُعَقد! لقد بدا دائمًا بالنسبة لي أن العديد من المعلمين يخبرون طلابهم أنه مفهوم متطور ومتغيّر. ويتساءل الطلاب بعد ذلك عن سبب كل هذه الضجة، لما قد يتغير المول! متشككين في أن أُسيء فهم المول من قِبَل العلماء، أو لم يُقدَّر قياسه بدقة”.
لذا فالبروفيسور أتكينز مرحب بشدة بالتعريف الجديد، لأنه يقتصر على جوهر معنى المول الواحد. وعلى الرغم من وجود تفاصيل مبهمة في تصميم التعريف الجديد (مثل عدم استيعاب و تخيُل مدى كِبَر عدد أفوجادرو)، فلم يعد هناك أي مبرر لسوء الفهم.”
لذلك، يمكننا أن نقول بأريحية أن المجتمع الكيميائي يدعم هذا التعريف وهذا رأي البروفيسور يورغن ستوهنر، فيعلق قائلًا “إن مهمة إعادة تعريف المول مثال جيد على العمل المثمر والبنّاء الذي قامت به المنظمات الأعضاء الممثلة في CCU والتي أدت إلى هذا القرار التاريخي لاعتماد إعادة تعريف المول الذي طرحته اللجنة الإستشارية لكميات المواد (CCQM) من BIPM.
تمت مناقشة التعديلات الطفيفة للنص خلال الاجتماع الثالث والعشرين للـ CCU في BIPM في سبتمبر 2017، وبالتالي، فقد قيل أنه من المحتمل أن تقبل CGPM هذا التعريف في اجتماعها القادم في نوفمبر 2018 عندما يتم اتخاذ القرار النهائي تجاه تنفيذ SI للتعريفات الجديدة.”
معلومة إثرائية: بناءً على التعريف الجديد فالمول هو عدد أفوجادرو من عدة أشياء صغيرة (كالذرات والأيونات) ولكن هل أطلقت العنان لمخيلتك وحاولت تقدير مدى كِبَر الرقم؟
عدد أفوجادرو كبير جدًا بحيث يصعب تصوّره، قيمته و قراءته بالصورة غير الأسية هو:
602,214,076,000,000,000,000,000
سُتمائة واثنان سكستليون ومئتان وأربعة عشر كوانتليون وستة وسبعون كدريليون
ولكن دعونا نتخيل قيمة عدد أفوجادرو ببعض الأمثلة:
لو كان لدينا مول من الثواني، أي عدد أفوجادرو من الثواني (6.02214076 ×10^23 ثانية) ونحولها للسنوات لكان الناتج 4 ملايين سنة!
مول واحد من الدم يحوي خلايا دم حمراء عددها أكبر من سكان الأرض الموجودين حاليًا!
لو كان لدينا مول واحد (عدد أفوجادرو) من كرة السلة، لكان باستطاعتنا أن نُنشيء منها كوكب جديد بحجم كوكب الأرض!
فـ سبحان مَن خلق وأبدع.
كتابة: نرمين خالد
مراجعة: امنية نبيل
تحرير: اسراء وصفى
تصميم: عاصم عبدالمجيد