كثيرًا ما تصادفنا عبارات مثل (النوم الكثير دليل على الذكاء، النوم الكثير دليل على الفتاة الجميلة ذات البشرة الصحية) على صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع المختلفة، وغيرها الكثير والكثير من الأقاويل، لكن هل تساءلت يومًا عن إذا ما كانت صحيحة، خاطئة أم خاطئة مبنية على أساس من الصحة!
إن للنوم مراحل عديدة، ومن ضمن تلك المراحل مرحلة النوم العميق، حيث وجد الباحثون خلال تلك المرحلة أن الموجات البطيئة للخلايا العصبية تقوم بصنع ما يشبه غرفة للسائل الدماغي الشوكي لتساعده على الحركة من وإلى الدماغ، والتي بدورها يُعتقد أنها تساهم في إزالة فضلات الأيض “تلك الفضلات تحوي نوع من البروتينات التي وجدت بكميات غير عادية في أدمغة الأشخاص المصابون بالخرف”. وقد جاء ذلك على لسان لورا لويس Luara Lewis (أستاذ مساعد في قسم الهندسة البيولوجية الطبية بجامعة بوستن) ومن ناحية أخري أكدت لوييس أن التقرير الذي نشر في (Nov. 1 issue (of Science لا يُثبت أن النوم العميق يمنع حدوث الخرف والأمراض الأخرى، وأضافت أن الهدف من البحث هو معرفة لما النوم القليل مرتبط بالحالات المزمنة بداية من الخرف، أمراض القلب والإحباط.
قام الباحثون بمراقبة وفحص 11 من البالغين الأصحاء دون استخدام أى وسائل تستدعي الدخول للجسم كأشعة الرنين المغناطيسي MRI لتصوير حركة السائل الدماغي الشوكي CSF أثناء النوم، أو جهاز رسم المخ الكهربائي لتتبع كهربية خلايا المخ.
تتمثل عملية النوم في مرحلتين، أولهما دورة حركة العين السريعة “REM” والثانية حركة العين غير السريعة “Non-REM”. خلال مرحلة “REM” يزيد معدل التنفس ومعدل نبضات القلب، كما يرى الأشخاص أحلامًا قوية، أما في مرحلة “Non-REM” أو التي تسمى بمرحلة الموجات البطيئة أو النوم العميق فإن معدل ضربات القلب يكون منخفضًا بجانب انخفاض سريان الدم، وقد وجد الباحثون أن النوم العميق قد يساعد في تأصيل الذاكرة كما يسمح للمخ بالتعافي من العمل اليومي الروتيني.
وقد وجد فريق دكتورة لويس أن مع كل نبضة من الموجات البطيئة للمشاركين في البحث في مرحلة النوم العميق، تُتبع بذبذبات في حجم وسريان الدم والذي بدوره يسمح للسائل الدماغي الشوكي بأن يسري إلى تجاويف تجميع السائل في منتصف الدماغ؛ وبناءًا على مدى معرفة الباحثين بدور السائل الدماغي الشوكي ونشاطه فقد ربطوا بين الموجات البطيئة أثناء النوم العميق والتخلص من الفضلات الناتجة عن نشاط المخ خلال اليوم.
وتوضح هذه الدراسة لما النوم مهم في الحفاظ على المخ والأعصاب، وقد قالت لويس: “على الفرد أن يفكر في النوم كشيء رئيسي للحفاظ على صحة الدماغ والمخ”.
وأُجريت أبحاث أخرى توافقت آراؤها مع نتيجة الدراسة التي أجرتها دكتورة لويس وفريقها، حيث أوضحت أن الخلل في عدد ساعات النوم يدفع لترسيب بروتينات غير مرغوب فيها تؤدي للعديد من الأمراض.
من هنا نرى أن لكل شيء حدود ومعايير، فالنوم إن قلت فترته يخل بعمل المخ والعكس، فلنعطِ كل ذي حق حقه.
كتابة: نهاد عادل
مراجعة: محمد خالد
تحرير: شدوى محمود
تصميم: عاصم عبد المجيد
