إذا كنت في علاقة حب مع شخص نرجسي وما زلت متفائلًا من أجل نهاية سعيدة، فهذا ليس خطأك لأنك دائمًا ما تحسن الظن، لكنه ليس تصرفًا حكيمًا.
سأعرض لك المشكلة بشكل بسيط، البشر عادةً ما يكرهون الخسارة، فنحن نميل إلى أن نكون متفائلين عندما يتعلق الأمر بالمستقبل وعندنا قابلية كبيرة لعملية التعزيز، فلا عجب عندما تتورط مع شخص تعرفه أو تشك بأنه نرجسي، فإنك تتعثر بطريقة ما معه على الرغم من أن المغادرة هي الحل الأنسب.
ربما كان إعجابك به بسبب أنه كان جذابًا في البداية وكيف كان يسير نحوك بابتسامة وشعره أمامه، أو كم هي لطيفة وكانت تراعيك في الأسبوع الماضي فقط، وبماذا جعلتك تشعر، كل شيء يجعلك تفكر في تلك اللحظة وفي كل التلاعبات والجد والاضطراب العاطفي وأي شيء آخر يتلاشى من رؤيتك، ولكن فجأة تفكر “ربما سيتغير”، ولكن هل سيتغير فعلًا؟
هل يمكن للنرجسيين أن يصبحوا أكثر التزامًا؟
هذا ما سعى إليه العالمان فينكل وكامبل وفريقهم للتوضيح، لأن الأبحاث تشهد على أن النرجسيين أقل التزامًا بشركائهم من أولئك الذين ليسوا نرجسيين، ويميلون للعب المزيد من الألعاب في العلاقة وهم كذلك غير مخلصين، بعبارة أخرى إذا كان الالتزام هو ما تريده فعليك ألا تحب نرجسي.
ولكن ماذا لو كانت هناك طريقة لتنشيط الالتزام عنده بطريقة ما؟
قد تم تصميم ثلاث دراسات تخص الشخص النرجسي، في التجربة الثانية والتي أجريت مع الأزواج على فترتين متباعدتين مدة كل منهما أربعة أشهر، وطُلب من المشاركين التفكير في السلوكيات التي أثارها شركاؤهم (رعاية، كرم، ود، سخاء، خير، دفء)، ثم سُئلوا إلى متى كانوا يعتقدون أن زواجهم سوف يستمر، وقد أظهر النرجسيون زيادة الالتزام عندهم.
وشملت التجربة الثالثة أيضًا الأزواج، وسعت إلى النظر إلى ديناميكيات العلاقة بعد ستة أشهر من الاختبار الأولي للالتزام، وقام الأزواج بإجراء مناقشة حول تحقيق الأهداف الشخصية والتي تم تصويرها بالفيديو ثم شاهدوا الفيديو بشكل منفصل، وقد قيموا أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم في حين قيس الالتزام بالاتفاق أو عدم الاتفاق على العبارة التالية “خلال هذه المحادثة، شعرت بالالتزام الشديد بعلاقتنا.” المشاركون الذين شعروا بالحب والرعاية خلال المحادثة بشكل أكبر أغلبهم النرجسيون.
هل يمكن إخماد الغرور النرجسي؟
هذا ما تساءل عنه كريستيان جوردان وزملاؤه بما أنه ليس مجرد إحساس عاطفي بالنفس الذي يخلق المشاكل، ولكن تجاهله أو تجاهلها للآخرين. سلسلة من التجارب منها جعل المشاركين يكررون عبارة “أنا شخص عطوف” أو أن يذكر وقتًا عندما كان يعتني فيه بشخص ما قد قللت في الواقع من إحساس النرجسيين بالاستغلال.
هل يمكن للنرجسي أن يصبح أكثر تعاطفاً؟
يُعد افتقار الشخص النرجسي للتعاطف أمرًا أساسيًا لفهم السبب وراء وجود إحساس حقيقي عندما لا يكون “معك”، بدون التعاطف يبقى الشخص مغلفًا إلى حد ما في البلاستيك الصلب غير متأثرًا بمشاعر الآخرين أو محنتهم -حتى يفترض أنهم أغلقوا على الآخرين- على المستوى المعرفي والعاطفي.
تساءلت إيريكا هيبر وزملاؤها عما إذا كان من الممكن دفع شخص نرجسي في اتجاه الاتصال وتحريكه عاطفيًا بمحنة شخص آخر، في تجربتهم الأولى (حيث كان 81% من المشاركين من الإناث) قام المشاركون بقراءة مقالة قصيرة حول امرأة مرت بألم نفسي من علاقة، وتلاعبوا بشدة تفكك العلاقة ومدى سيطرة المرأة على النتيجة، حتى عندما كانت الآثار النفسية شديدة مع شخص خيالي يعاني من الاكتئاب أظهر مقياس التعاطف أن النرجسيين في المجموعة لم يظهروا شعور نحوها. في تجربة ثانية مع عينة أصغر من الإناث تم توجيه المشاركين لمشاهدة فيديو وثائقي مدته 10 دقائق عن العنف المنزلي وطلب منهم أخذ منظور الضحية “تخيل كيف تشعر الفتاة” وطلب منهم أن يشاهدوه كما يشاهدون أي شيء آخر على شاشة التلفزيون، ما وجده الباحثون هو أن التعاطف زاد فعليًا عندما طُلب من النرجسيين أخذ الأمر “شخصيًا”. وبحثت التجربة الثالثة للفريق ما إذا كان النرجسيون قد عايشوا التغيرات الفسيولوجية المصاحبة للتعاطف مثل معدل ضربات القلب المتزايد، وعندما استمعوا إلى وصف خمس دقائق عن الانفصال كانت النتيجة أنهم لا تزداد ضربات قلبهم، ولكن تزداد فقط عندما يُطلب منهم الشعور كأن الأمر يخصهم، فاتضح أن النرجسي منخفض الإثارة العاطفية والتعاطف آليًا وفسيولوجيًا.
يبدو أن هذه الدراسات تُظهر أن التغيير ربما يكون ممكنًا يومًا ما مع تدخلات علاجية مختلفة، بينما يبدأ العلم بالتفهم بمزيد من العمق ما يجعل الفرد نرجسيًا، لكن في الوقت الحالي بالتأكيد أميل إلى إبقاء عيني على الهرب إذا كنت متورطًا مع شخص نرجسي.
فما رأيك أنت؟
كتابة: أميرة يحيي
مراجعة: محمود وحيد
تحرير: ميرنا عزوز
تصميم: أمنية عبد الفتاح