أنتَ تمتلك ذاكرة رائعة جدًا، فهي تستقبل كمية كبيرة وغير محدودة من المعلومات، إلا أنَّ عيبها الوحيد أنَّها محدودة بشكل ملحوظ، في الواقع لا تزال عملية استرجاع الذكريات واحدة من أسرار الذاكرة العظيمة.
لماذا تعود إلينا بعض الذكريات بسهولة بينما تظل أخرى مَخفية حتى بعد الجهود المُتكرِرة للعثور عليها؟!
إليكَ بعض الطرق لتسهيل استرجاعها من الذاكرة:
1-زيارة أماكن حدوث الذكريات.
استنادًا إلى الذاكرة يُمكننا العودة إلى المنزل مرة أُخرى، فأماكن ماضينا تُعطينا إشارات فعَّالة لاستعادة الذكريات الشخصية البعيدة، فمن المُمكِن أنْ تُؤدي زيارة الأماكن القديمة إلى استرداد الذكريات التي لمْ يتم استرجاعها من سنوات عديدة بوضوح وتفصيل، واستدعاء ذكريات طويلة كانت طي النسيان، فيُمكِن لمواقع مُعيَّنة استرجاع الذكريات القديمة فورًا وبشكل مُباشِر.
2- النظر في وقت مُعيَّن في حياتك، والتركيز على تجربة واحدة للإدراك الحسي:
رَكِّز على رائحة أو وجه أو أغنية أو إحساس جسدي، فيُمكِن أنْ تُؤدي تلك التجربة الحسية إلى تَجارُب أُخرى مُرتَبِطة بها، مما يكشف في النهاية عن ذاكرة أكثر اكتمالًا، يُمكِنك القيام بذلك عقليًا أو جسديًا.
هل كُنتَ تعيش بالقُرب من مَخبَز وأنتَ طفل؟
اذهب لزيارة أي مَخبَز، واعرف ما إذا كانت الروائح تقودك إلى ذكرياتك القديمة، أَعِد تشغيل أغنية قديمة، قُم بزيارة مَلعَب قديم واسترجع الأحاسيس القديمة.
إذا كانت ذاكرتك فيها شخص مُعيَّن، وتعرف نوع العطر أو الصابون الذي استخدمه ذلك الشخص، فابحث عن هذا العطر أو الصابون وقُم بشمه، وشاهد الصور التي تُثيرها الرائحة في ذهنك.
3- تَتَبَّع المصادر الأصلية لمفاهيمك عن العالم:
تَحدَّث إلى والديّك وأشقائك والأصدقاء القُدامى ومُعلميك السابقين حول مفاهيم ومواقف مُعيَّنة لديّك، أقوالهم يُمكِن أنْ تكشف عن الأحداث التي أدت إلى اكتسابك هذه المفاهيم، حيث يستمر التَعلُم التجريبي عندما تختلط الذكريات المُتكرِرة للأحداث بالمعرفة العامة، فيُؤدي مثلًا الذهاب المُتكرِر إلى المطاعم إلى زيادة فهم المطاعم بشكل عام، حتى أثناء نسيان تفاصيل كل وجبة.
هذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا نمزج أحيانًا بين ما حدث في أوقات مُعيَّنة، فنحن نقوم بتركيب المعلومات من الأحداث المُختلِفة ونضع التفاصيل في حين نكتسب المزيد من المعرفة العامة.
لهذا السبب يبدو أنَّ الأطفال لديّهم ذاكرة أفضل من البالغين، فقد يتذكر الطفل الصغير بوضوح أحداث مُحدَدة أثناء التسوق للملابس بعد ظُهر أحد الأيام، لأنَّ ذلك الطفل ربما يكون قد ذهب للتَسوق مرات قليلة، أما الكِبار فقد ذهبوا للتَسوق مئات المرات، فعلى الرغم من أنَّ الطفل لديّه ذاكرة أكثر وضوحًا في فترة ما بعد الظهيرة، إلا أن الشخص البالغ لديّه ذاكرة أغنَى وأكمَل لمتاجر الملابس بشكل عام، هذه هي العملية المُعتادَة للتَعلُم، ولكن يُمكِن عكس هذه العملية من خلال تحديد مَوقِع الأحداث التي تمَّ دمجها في المعرفة العامة، فيُمكِن للتَحدُّث مع الأشخاص -الذين كانوا المصادر الأصلية لمفاهيمنا ومواقفنا العامة- أنْ يتسبب في تَدفُق الذكريات العامة في ذاكرتنا، بهذه الطريقة يُمكِننا استعادة ذكريات الأحداث الناشئة.
4- عند استعادتك للذكرى المطلوبة، قُم بتسجيلها:
تحتوي الذاكرة طويلة المَدى على مجموعة واسعة من أحداث ماضينا، فنحن نسير مع رائحة مألوفة لم نشمها منذ سنوات والذكرى القديمة تعود فجأة، أثناء قراءة كتاب تتطفل ذكرى مُميَّزة في وعيك غير مُرتَبِطة بما تقرأه.
فمن المُهم مُلاحَظة هذه الذكريات غير الطوعية، لأنها ربما تُحاول إخبارك بشيء مُهم.
ويُمكِن ذلك عن طريق تدوين الذاكرة كتابة، أو تصوير شيء له صِلة، فمن الصعب العثور على الذكريات الصعبة كتلك مرة أُخرى، فقد أصبحت مسارات الاسترجاع الخاصة بهم مُتضَخِمة، ولا يُمكِن الوصول إليها مُجدَدًا مهما كانت حية عند عودتها، فمن المُحتَمَل أنْ تنساها مرة أُخرى، في هذه الحالة تكون الذاكرة الخارجية كالكتابة أكثر موثوقية من الذاكرة الداخلية.
إذا كُنتَ تُكافح من أجل تَذكُر شيء من ماضيك، خُذ قسطًا من الراحة ولا تستسلم، الذكرى موجودة في مكان ما داخل عقلك، أنتَ فقط تحتاج إلى العثور على مسار الاسترداد الصحيح.
كتابة: أميرة يحيي
مراجعة: محمود وحيد
تحرير: أسماء مالك
تصميم: أمنية عبد الفتاح