يستطيع الأخطبوط اتخاذ القرارات بأذرعه!
المخ هو ملك الجسم، أداة التفكير الحكيمة والمسئولة عن اتخاذ القرارات بحق كل أعضاء الجسم، وغالبًا ما يوجد الجهاز العصبي المركزي كاملًا بالمخ، وهذا ما يجعله قادرًا على اتخاذ القرارات وإعطاء الإشارات. هذا هو المألوف لأغلب الفقاريات، لكن عندما نأتي لحالة نادرة مثل الأخطبوط حيث تطورت أذرع الأخطبوط بشكل مختلف، فسيكون الوضع مختلف، وذلك لأن الجهاز العصبي المركزي لا يتركز في الدماغ مثل الفقاريات، بل أن ثُلثي الخلايا العصبية تنتشر في أنحاء الجسم، مما يتيح إمكانية اتخاذ القرار دون تدخل من الدماغ، لذلك قد يكون ذكاء الأخطبوط من نوع خاص، وهذا قد ترك علامات استفهام أمام الكثير من الأسئلة، مثل كيف يعمل نظام عصبي موزع خاصة عندما يحاول القيام بشيء معقد؟ مثل التنقل في المياه والعثور على الطعام في قاع المحيط، وهناك الكثير من الأسئلة المفتوحة حول كيفية اتصال هذه العقد في الجهاز العصبي مع بعضها البعض.
وقد أُجري بحث على الأخطبوطات الحية العملاقة في المحيط الهادي “Enteroctopus dofleini” والأخطبوط الأحمر في شرق المحيط الهادي “Octopus rubescens”، وكلاهما ينحدران من شمال المحيط الهادي. تحتوي هذه الأخطبوطات على حوالي 500 مليون خلية عصبية، يوجد حوالي 350 مليون منها على الأذرع، مرتبة في مجموعات تسمى العقد “ganglia”، مما يساعد الأخطبوط بالتفاعل بشكل أسرع مع العوامل الخارجية.
وقد تبين أن الخلايا العصبية في أذرع الأخطبوط تكون حلقة ترسل من خلالها الإشارات العصبية لبعضها دون أن يدرك الدماغ. في حين أن الدماغ ليس متأكدًا تمامًا من مكان وجود الأذرع، فإن الأذرع تعرف مكان بعضها البعض وهذا يسمح للأسلحة بالتنسيق أثناء أعمال مثل الزحف إلى الحركة.
وأثناء البحث، أعطى الباحثون للأخطبوط مجموعة متنوعة من الأشياء، مثل المكعبات أو المواد الصلبة، أو الطعام، لتحديد كيفية تدفق المعلومات عبر نظام الأخطبوط العصبي أثناء بحثه عن الطعام أو استكشافه، اعتمادًا على كيفية عمل الأذرع إما بشكل متزامن أو بشكل فوري، بسبب سيطرة جزء واحد مركزي، مما يشير إلى اتخاذ قرار مستقل. ووجدوا أنه عندما يحصل الأخطبوط على معلومات حسية أو حركية من بيئتهم، يمكن للخلايا العصبية الموجودة في الذراع تحليلها وبدء العمل دون اللجوء للدماغ.
الآن يعمل العلماء على فهم كيفية قدرة أذرع الأخطبوط على جمع تلك المعلومات وتكوين قرار مستقل عن الدماغ، وما يزيد الأمر إثارة هو قدرتها على الاستجابة لأى مؤثر أو منبه خارجي حتى بعد فصلهم عن جسم الأخطبوط الميت. إنه حقًا لأمر محير! وحاليًا يعمل الباحثون على استكشاف هذا الكائن المحير.
كتابة: آلاء عمارة
مراجعة: أحمد علاء
تحرير: إسراء وصفي
تصميم: أمنية عبدالفتاح