ما هو الضوء؟
ربما سمعت يومًا أن الضوء عبارة عن موجة كهرومغناطيسية، أو أنه يتكون من “فوتونات”. لكن ماذا يعني كل هذا؟ وما هو الضوء حقًا؟ لقد واجه العديد من الباحثين على مر العصور تحدي اكتشاف “ما هو الضوء؟”.
إن فكرة البحث عن ضوء قديمة جدًا وترجع إلى القرنين الخامس والثالث قبل الميلاد، حيث أسس الفلاسفة الثلاثة الكبار في اليونان القديمة سقراط وأفلاطون وأرسطو تخصصات علم الفلك والبيولوجيا والرياضيات والسياسة والفلسفة وما إلى ذلك، ثم لخص إقليدس المعرفة الأساسية للبصريات مثل الانعكاس، الانتشار، والرؤية في كتاب بعنوان “البصريات”. هذه المفاهيم عن الضوء التي نشأت في عصر اليونان القديمة قامت بتأثيرٍ كبير حتى ظهور نيوتن في أواخر القرن السابع عشر.
هناك فكرتان تأتيان من القرن السابع عشر، حيث كان يعتقد العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن “Isaac Newton” أن الضوء مصنوع من جسيمات صغيرة (أطلق عليها كريات) تنبعث من الأجسام الساخنة (مثل الشمس أو النار). بينما كان معاصره الفيزيائي الهولندي كريستيان هيغنز “Christiaan Huygens” يعتقد أن الضوء نوعٌ من الموجات التي تهتز صعودًا وهبوطًا مع تقدمها، ومع ذلك لم يكن أيٌ منهما لديه مفهوم ما هو الضوء حقًا، لم يكن لدى نيوتن فكرة عن الكريات أو تكوينها، ولم يكن لدى هيغنز فكرة عن “أمواج الضوء”.
ثم بعد ذلك بأكثر من مائة عام قام العالم الإنجليزي توماس يونج “Thom Young” بتجربته الشهيرة “تجربة الشق المزدوج”، والتي أوضح فيها أنه عندما يتم تسليط الضوء الصادر من مصدر الضوء على فتحتين يمكن ملاحظة هامش التداخل على شاشة تبعد مسافة مناسبة (تجربة يونغ) وتدعو نظريته إلى أن الضوء يتصرف مثل الموجة، ولكن ما هي تلك الموجة؟
كانت الخطوات الأولى في طريق فهمنا عن ماهية الضوء عندما اكتشف العالم الهولندي هانز كريستيان أورستد “Hans Christian Ørsted” أن الكهرباء والمغناطيسية مرتبطة ببعضها، أي أن أي حقل كهربائي متغير يخلق مجالًا مغناطيسيًا، ثم بعد إحدى عشرة سنة، اكتشف العالم الإنجليزي مايكل فاراداي “Michael Faraday” العكس، حيث أوضح أن المجال المغناطيسي المتغير يخلق أيضًا مجالًا كهربائيًا، ولكن كان عالم الفيزياء الأسكتلندي جيمس كليرك ماكسويل ” James Clerk Maxwell” الذي جمع هذه الأفكار حول الكهرباء والمغناطيسية معًا إلى نظرية واحدة متماسكة وهي “الكهرومغناطيسية” لشرح جوهر الضوء، وكانت نتيجة أبحاثه حقل كهرومغناطيسي مستدام ذاتيًا، يُكرر باستمرار، ويسافر بسرعة هائلة.
هذا هو الضوء، حقل كهربائي مربوط بحقلٍ مغناطيسي، يطير عبر الفضاء، ويمكنك التفكير في الحقلين كشركاء في الرقص، ملفوفين في حضنٍ أبدي. أما مسألة ما إذا كان الضوء هو جسيم أو موجة لم يتم حلها بالكامل بعد.
هنا جاء العالم ماكس بلانك من خلال تفسيره لإشعاع الجسم الأسود بنظرية الكم، والذي يقترح أن طاقة الضوء ليست مستمرة كالموجة ولكنها عبارة عن قطع “كمات” أو “quantam”. وهذا يعني أن الضوء جسيم وليس موجة تمامًا كما قال نيوتن منذ البداية! وهذا يُرجعنا إلى المعضلة الأولى، الضوء موجة أم جسيم؟ وكيف له أن يتصرف بكلا صفات الموجات والجسيمات معًا؟
حتى الآن كانت الكلمات الأخيرة للعالم ألبرت أينشتاين “Albert Einstein” من خلال تفسيره للظاهرة الكهروضوئية، حيث لم يُنكر العالم أينشتاين كون الضوء موجة ولكنه أضاف إليه خصائصًا أخرى توضح كيفية تصرف الضوء كجسيم. لكن لم يتوقع أحد أن يكون للضوء كلا الصفتين، وسميت بالازدواجية “ازدواجية الموجة والجسيم” وكيف يمكن للضوء أن يتصرف كموجة وجسيم معًا. ومن هنا نعود للسؤال الذي نطرحه منذ البداية، ما هو الضوء؟
كتابة: زهرة صابر
مراجعة: نهاد حمدي
تصميم: نهى عبدالمحسن
تحرير: زينب أحمد