الفلسفة

لماذا تعد “المادية” مذهب خاطئ؟

أولا: ما هو المذهب المادي؟
هو باختصار مذهب فلسفي يدعي أن كل ما هو “مادي” محسوس وملموس يعد حقيقة وواقع، أما خلاف ذلك فهو مجرد وهم زائف لا وجود له، لذلك فأصحاب هذا المذهب لا يؤمنون بفكرة الغيبيات والآلهة والملائكة والشياطين وكل ما هو غير مرئي أو مادي.

ثانيا: لماذا يعد مذهب خاطئ من وجهة نظر الكثير من الفلاسفة والمفكرين؟
يرى بعض الفلاسفة أن استخدام كلمة مادي بشكل مطلق، والإيمان بكل ما هو مادي بشكل مطلق يُعتبر قصور في التفكير، خاصة أن أصحاب هذا المذهب حينما أرادوا تحديد موقفهم من العقل هل هو مادي أم غير مادي كانت إجابتهم أن العقل “مادي” أي أن العقل شيء ملموس ومحسوس ولا يستدل على وجوده كما هو معروف منطقيا، وبناءا على وجهة النظر هذه خالفهم الكثير من الفلاسفة ومنهم من رأى أن إطلاق لفظ مادي على العقل يُعد بمثابة إساءة للغة وللعقل معًا.
فهل العقل بكل محتوياته ونشاطاته “الوعي والأفكار والمشاعر والاعتقادات والتوقعات والإدراك والتنبؤ والتحليل إلخ..” هل كل هذا مادي بحت؟ إذا فأين مادته؟ أين يمكن أن نجد مادة الأفكار ومادة الشعور؟

هنا نجد أن الماديين لا يملكون شرحا حقيقيا أو جوابا مباشرا على تلك الأسئلة، فهم لا يمكنهم تقديم دليل مادي على وجود الوعي كمادة مثلا، لكن في مثل هذه المناقشات يقولون أننا يمكننا التأكيد على أن عملية التفكير أو الوعي ما هي إلا عملية تنشأ تلقائيا نتيجة عدة تفاعلات “مادية” في المخ، كما ذكر عالم سلوك الحيوان وعالم الأحياء التطوري “ريشتارد دوكينز” ذلك في كتابه “موت الإله” أن الأفكار والمشاعر البشرية ما هي إلا شيء ينبثق من عدة تفاعلات مادية في المخ.
فالماديون ليس لديهم أي تفسير مادي واضح على نواتج العقل غير ما يعلمه الجميع أن هناك عدة تفاعلات بالمخ ينشأ عنها شعور ما أو تؤثر في الوعي والإدراك.

وهنا تأتي النقطة الأغرب في الموضوع، وهي أن الماديين قد أعرضوا عن كل ما هو غير مادي كل ما لا يمكن الإحساس به أو رؤيته أو لمسه أي ما لا يمكن البرهنة عليه ماديا، وفي الوقت نفسه لا يملكون القدرة على البرهنة المادية على صحة مذهبهم. فهم كأصحاب الديانات فى هذه النقطة ليس لديهم دليل مادي لكن الفرق أن أصحاب الديانات متسقون مع أنفسهم.
وبالحديث عن المذهب المادي جدير بنا أن نشير سريعا للمذهب المثالي أو الروحاني، وهو مخالف تماما لمبدأ المذهب المادي، حيث يؤمن أصحاب هذا المذهب أن هناك “واقع حقيقي” لا يمكن رؤيته بالحواس الخارجية للإنسان، وعدم البرهنة عليه ماديا لا يعني عدم وجوده لإنه من الممكن أن يستدل عليه كل صاحب عقل سليم، وهذا لا يقتصر فقط على فكرة الإله أو الغيبيات بل يتضمن كل ما هو معنوي وروحي.

بالنهاية يبدو أن الخلاف سيظل قائما بين أصحاب المذهب المادي وأصحاب المذهب المثالي أو الروحي، فالأمر قائم على حرية الاعتقاد والتفكير، ولكن على الإنسان قبل أن يحدد مذهبه أن يحدد مبدأه، هل يريد الحقيقة أيا كانت أم يريد حقيقة لا تخالف هواه؟

المصادر 1 2 

 

كتابة: آيات أحمد

تصميم: عمر حسن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى