علم النفس

الوهم السمعي وغموض الدماغ

صديقي, في بادئ الأمر انني أشعر حقًا بالملل وأعلم بالطبع إنني سأجد من يشاركني هذا الشعور أليس كذلك؟
فما إذا اقترحت عليك أن نحطم هذا الملل ونلعب سويًا لعبة هي في الواقع أشبه باللغز؟ اذا كنت موافق فدعني أخبرك أنه لا بأس ولا داعى للقلق ففي النهاية حتمًا سأخبرك بسر هذا اللغز، ولبدء اللعبة عليك اتباع بعض الأوامر لإتمام المهمة بنجاح:

(1)قم بسماع التسجيل الصوتي.

(2)ضع الكلمة التي سمعتها سواء كانت “ياني” أو “لوريل” في تعليق.

(3)اقرأ هذا المقال جيدًا لتعلم التفسير.

حسنًا اذا ما قمت باتباع هذه الأوامر فسيكن لك السبق والفضول الأكبر لمعرفة التفسير ومحور الحديث يتمركز على الوهم السمعي، وهو ما يخلق سلسلة حماسية يلتف حولها بنى البشر في شكل يبدو مُقسم الى جزأين اعتمادًا على سماعهم “يانى” او “لوريل” عند الاستماع إلى التسجيل الصوتي، من الممكن أن تظنني أمزح معك إذا سمعت أحدًا ولم تسمع الآخر، وستكن مقتنعًا أن المقطع الصوتي لا يمكن أن يكون سوى إحدى الكلمتين فقط وهو “يانى” على سبيل المثال، لذلك طلبت من الجميع فى أحد أوامر اللعبة وضع تعليقًا بما سمع حتى تكتشف بنفسك طبيعة اختلاف سماع التسجيل الصوتي من شخص لأخر.

استأذنكم جميعًا الآن في البدء في التفسير بشكل علمي أكثر، صرح “أندرو أوكسنهام” – أستاذ علم النفس والأذن والحنجرة بجامعة “مينيسوتا” – أن الأمر يتعلق فيما يُسمى الوهم والذى ربما يكون وهم بصرى وسنضرب مثال سويًا على هذا وربما يكون سمعي كما أجريته بنفسك شخصيًا عندما قمنا بإجراء اللعبة في البداية، وللتبسيط أكثر إذا كنت من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي فقبل بضعة أيام، ظهرت صورة لثوب البعض أقسم على رؤيته بأنه ثوب أسود وأزرق وقال آخرون إن اللون أبيض وذهبي، وهنا يتضح جليًا الوهم البصري إذ رأى الناس الألوان المختلفة بسبب الافتراضات التي صنعها الدماغ حول إضاءة الثوب تحت ظروف إضاءة مختلفة، أما عن هذا الوهم الأخير الذى أطلقنا عليه من ذي قبل “وهم سمعي” على الرغم من أنه يستند إلى الإدراك السمعي وليس الرؤية إلا أنه من المحتمل أيضًا أن يتلخص في غموض الدماغ والافتراضات التي تصنعها.

وتُعد إحدى الأفكار المقترحة لتفسير ما حدث هي أنه إذا كان هناك أي غموض حول الصوت أو الكلمة، فإن الدماغ سوف يقفل على كلمة واحدة أو صوت واحد دون الاخر، هذا وقال” ديفيد ألايس” من جامعة “سيدني” لصحيفة “غارديان”: إن الدماغ يُمسك بتفسير إدراكي واحد، ومن المفترض أن يكون صوت “ياني / لوريل”، ولأن دماغك يلعب دوًرا حيويًا هنا، فاذًا هي الفيصل في توقعاتك حول ما ستسمعه، وأضاف “ألايس” الذي يدرس الإدراك السمعي البصري أن كل هذا يسلط الضوء على مدى أهمية الدماغ كمترجم نشط للمدخلات الحسية، وبالتالي فإن العالم الخارجي أقل موضوعية مما نعتقد.

كما قال “لارس ريك”- عالم الأعصاب المعرفي في جامعة “ماستريخت” بهولندا – أن التفسير الأخر لما حدث بعد أن ذكرنا الاشارات السمعية الحيوية الى دماغك، هو أن أذنيك تلعب دورًا في تفسير “يانى/لوريل” حيث أن كل صوت يتكون من عدة ترددات، وتلك التي تُنشئ “ياني” أعلى من مثيلتها الخاصة بـ “لوريل”، هذا بالإضافة إلى أن شكل أذنك وعمرك يُمكن أن يلعب دورًا أيضًا، اذ اتضح أنه مع تقدم الأشخاص في السن يبدأون في فقد قدرتهم على سماع الأصوات الأعلى لذا قد يكونوا أكثر عرضةً لسماع “لوريل”.

المصدر

 

كتابة: سارة صلاح

– هذا المقال في إطار مسابقة الجرعة اليومية من العلوم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى