الكيمياء

كروموسوم X منفردًا ربما يمدك بصحة أكثر!

وجد بحث جديد عن الفئران تفسيرًا محتملًا لسبب كون أمراض المناعة الذاتية أكثر شيوعًا في الإناث، ويرجع هذا السبب لوجود كروموسوم X الإضافي.
من بين الحيوانات تميل الإناث عمومًا إلى امتلاك أجهزة مناعة أقوى، في حين أن هذا يمكن أن يساعدهم على التعامل بشكل أفضل مع اللقاحات والالتهابات، إلا أن ذلك قد يسبب استجابة مناعية مفرطة النشاط، وهذا يعني أن الإناث أكثر عرضة للأمراض المناعية.
في الواقع تزيد احتمالية إصابة النساء بمرض التصلب المتعدد (MS) مرتين أو ثلاث مرات، ويزيد احتمال الإصابة بالذئبة السوداء بمعدل تسع مرات.

لماذا لا يزال هذا التناقض لغزًا؟
الاختلافات البيولوجية الواضحة بين الجنسين عادة ما تتلخص في الهرمونات أو الكروموسومات أو مزيج من الاثنين معًا، ولكن في حين تم استكشاف دور هرمون التستوستيرون والإستروجين والبروجستيرون في المناعة الذاتية بشكل جيد إلا أن الجزء الذي تلعبه كروموسومات X وY ما زال غامضًا.
وهنا يجب الأخذ في الاعتبار أن كروموسومات X تحمل العديد من الجينات المرتبطة بالجهاز المناعي، وأن للإناث اثنين منهم: واحد من الأم والآخر من الأب، وفي المقارنة فلدى الذكور كروموسوم X واحد فقط من والدتهما.

استنادًا إلى عملهم في نماذج الفئران، يعتقد باحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) أن كروموسوم X الإضافي الذي تكتسبه الإناث من الأب يقدم مساهمة كبيرة في قضايا المناعة الذاتية، ونظرًا لأن الإناث تحتوي على اثنين من الكروموسومات X فيجب الموازنة بين الكروموسومين من خلال آلية تُدعى “X inactivation “، وهذه الآلية لها نفس استخدام الحمض النووي DNA حيث إنه منع كتلة التعبير عن جينات معينة.
توجد الغالبية العظمى من الجينات غير الفعالة على كروموسوم X غير النشط، وفي البشر يمكن أن يتسلل حوالي 15 بالمائة من الجينات مما يؤدي إلى تعبير أعلى عن جينات X في الإناث (XX) مقارنةً بالذكور (XY).

هناك أيضًا سبب وجيه للاعتقاد بأن إخماد بعض جينات X قد يقلل من التعبير العام لبعض الصفات، بما في ذلك تلك التي تضمن الأداء السلس لجهاز المناعة.
وجد الباحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس مجموعة من خمسة جينات مرتبطة بالجهاز المناعي في كروموسوم X والتي يتم التعبير عنها أكثر في ذكور الفئران، وعند تحليل كيفية التعبير عن الجينات المرتبطة بالجهاز المناعي في الذكور والإناث، وجد الباحثون بعد ذلك أن كروموسوم X الذي انتهى به نشاط الفئران عند الإناث يميل إلى أن يأتي من الأب وذلك بدلًا من أن يتم إيقافه بشكل عشوائي.
وهذا بدوره يوحي بأن الكروموسومات X التي تنتقل من الأب إلى الابنة لديها مستويات أعلى من عدم فعالية الكروموسوم X، والتي في حالة الجهاز المناعي يمكن أن يحدث لديها خلل في التعبير عن جينات معينة، وربما تشجع على زيادة الاستجابة المؤيدة للالتهابات عند الإناث.

تشير الدراسات الحديثة على الفئران والبشر إلى أن جينات X الإضافية قد تمنح الإناث ميزة مناعية، لكنها بالتأكيد سلاح ذو حدين.

وكتب الباحثون “فرضيتنا الشاملة هي أن الاختلافات الجنسية في الجهاز المناعي ترجع إلى التوازن بين البصمة الوراثية لجينات X التي لا تفلت من تأثير X المعطل وتأثير جرعات X لجينات X التي تنجو من تثبيط X.”
بمعنى آخر، يمكن أن يؤدي الاختلاف في تعطيل X بين فئران الذكور والإناث إلى لعب دور في جعل أجهزة المناعة تعمل بشكل مختلف.
سواء كان هذا هو الحال في البشر أم لا فسيكون من الصعب إثباته، لا سيما بالنظر إلى العدد الهائل من الجينات المرتبطة بالمناعة وعلاقتها المعقدة بالهرمونات.

ومع ذلك فقد أظهرت دراسات أخرى أجريت على الكروموسومات البشرية بالفعل نتائج تشير إلى شيء مماثل، في عام 2016 اكتشف الباحثون أنه في الإناث يكون تعطيل X غير مكتمل في خلايا T والخلايا B في الجهاز المناعي، وقد يلعب هذا دورًا في أمراض المناعة الذاتية.
تقول أخصائية الأعصاب روندا فوسكوهل “Rhonda Voskuhl”: “إذا تمكنت من العثور على المنظمات المثيلة التي تستهدف هذه الاختلافات، فقد تتمكن من تقليل الاستجابات المناعية للإناث لعلاج أمراض المناعة الذاتية.”

إذا ما نظرنا إلى الجنس باعتباره متغيرًا بيولوجيًا في الأمراض، فقد يؤدي ذلك إلى استراتيجيات علاجية جديدة.
ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث قبل أن تتمكن الإناث من إلقاء اللوم على آبائهن فيما يتعلق بقضايا المناعة الذاتية، ولكن يبدو بالتأكيد كما لو أن هناك شيئًا ما يحدث مع كروموسوم الأب.

 

المصدر

 

كتابة: دينا عادل

مراجعة: احمد علاء

تحرير: ميرنا عزوز

تصميم: عاصم عبدالمجيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى