الطب

متلازمة ولف-هيرشهورن “Wolf-Hirshhorn syndrome”

الجينات هي المكون الأساسي لنا المسؤول عن صفاتنا جميعها كلون الشعر، العيون وغيرها من الصفات. وهي شيء صغير لا يرى بالعين المجردة ولكنه بالغ الأهمية لتكويننا البشري. فماذا لو حدث خلل فيها؟ الإجابة سهلة، سينتج خلل في الجسم تبعًا لموقع الخلل الجيني، ومن الإصابات التي تحدث في الجينات: خلل في الكروموسوم ٤ متمثل في فقد بعض الجينات منه لينتج لنا متلازمة ولف-هيرشهورن.

 

هي متلازمة نتيجة خلل جيني، تصيب الأجنة عند فقدان جزء من الكروموسوم 4، يحدث هذا خلال انقسام الخلية بشكل طبيعي في التكاثر. وعند فقد أيًا من أجزاء الكروموسوم ٤ فهذا يؤدي بدوره إلى تدمير التطور الطبيعي، مسببًا مظاهر متلازمة ولف-هيرشهورن المتمثلة في تغير معالم الوجه، كل حالة لها تغيرات منفردة بذاتها على قدر ما فقد من الكروموسوم.

 

ومن العجيب أن الأطباء لا يعلمون السبب وراء حدوث هذا الخلل الجيني الذاتي خلال نمو وتطور الطفل، فالكروموسوم المكسور في العادة لا يُورَث سواء من الأب أو الأم على حد سواء، والفقد يحدث مباشرة بعد عملية الإخصاب. يعتقد الأطباء أنه يمكن أن يفقد ثلاث جينات من الكرومسوم ٤ وجميعها مهمة في النمو في المراحل الأولية. وكل جين يُفقَد له علاقة بواحد من الأعراض الأساسية في المتلازمة، فأحدها يسبب تغيرات معالم الوجه والآخر يسبب التشنجات التي في الغالب تصيب كل الأطفال المصابين بمتلازمة ولف-هيرشهورن.

 

في بعض الأحيان تصيب متلازمة ولف-هيرشهورن الأبناء لآباء يمتلكون حالة تسمى الانتقال المتزن وفيها يحدث انتقال القسيمات الجينية من كروموسوم إلى كروموسوم آخر بشكل متزن، حيث لا تظهر الأعراض على الآباء نظرًا لوجود توازن مابين الكروموسومات ولكن عند انتقالها للأبناء تظهر أعراض متلازمة ولف-هيرشهورن. ويمكنك أن تتأكد من إصابتك بحالة الانتقال المتزن عن طريق الاختبارات الجينية.

 

إن أعراض المتلازمة تظهر على أجزاء مختلفة من الجسم، الفيزيائية والعقلية على حد سواء، وأشهر الأعراض تلك التي تظهر في تغير وخلل في معالم الوجه، تأخر النمو، الذكاء المحدود والتشنجات. وهناك بعض المشاكل الأخرى التي قد تصيب الأطفال منها: عيون جاحظة، جفون ساقطة، شفاه مشقوقة، حنك مشقوق، اعوجاج جانبي بالعمود الفقري، انخفاض وزن المولود، صغر حجم الرأس بشكل غير معتاد، مشاكل القلب والكلى أو فشل في النمو كليًا.

 

فكيف يمكننا تشخيص هذه الحالة؟ إن تشخيص المتلازمة يمكن أن يحدث بشكل مبكر في الشهور الثلاث الأولى من الحمل عن طريق الموجات فوق الصوتية أو من خلال فحص الخلايا بالمسح، ولكن الاختبارين عبارة عن مسح فقط، وهي اختبارات غير متخصصة بالمتلازمة، ولكن هناك اختبارًا يمكنه تشخيص الحالة وهو “FISH” وهو يستخدم مادة الفلوروسين، يتم الاختبار بعد ولادة الطفل وهو يظهر النقص الجزئي في الكروموسوم، إذا ثبتت إصابة الطفل بالمتلازمة يطلب بعض الاختبارات التصويرية الأخرى والتي تظهر أماكن النقص في الكروموسوم لتحديد الخلل الجيني ونتائجه، كما أنه على الوالدين إجراء مجموعة من الفحوصات الجينية في حال رغبتهم في إنجاب أطفال آخرين.

 

أما عن العلاج، فلا يوجد علاج محدد للمتلازمة؛ لأن كل حالة هي صورة متفردة بذاتها، لذا فإن العلاج لا يشمل علاج المتلازمة ولكن أعراضها، ويشمل:

-علاجًا فيزيائيًا.
-تدخلًا جراحيًا لعلاج العيوب.
–الدعم المعنوي.
-العلاج بالأدوية.
-الاستشارات الجينية والفحص الجيني.
-تعليمًا خاصًا للحالات.
-التحكم في التشنجات.
صغيرة هي الجينات! ولكنها تشكلنا نحن، فالجينات هي نحن، خللٌ بسيطٌ حتمًا سيضيعنا!

المصدر

 

كتابة: نهاد عادل

مراجعة: عبدالله طاهر

تصميم: عمر حسن

تحرير: يمنى جودي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى