“سر نجاح جامعة هارفارد”
تُعَد جامعة هارفاد واحدة من أعرق وأقدم الجامعات الأمريكية، ومن أفضل جامعات العالم؛ حيث تمكنت على مدار أربعة قرون من الارتقاء بأدائها لتصبح من أعظم المؤسسات التعليمية والبحثية على مستوي العالم، بالنظر إلى اكتسابها لمكانة مرموقة وهو بنجاح القائمين على إدارتها في تحقيق التوافق بين مختلف عوامل النجاح من اجتذاب الطلبة المتميزين وأعضاء هيئة تدريس وتطوير الموارد الأكاديمية والمالية غير المتواجدة في أي مؤسسة جامعية أخرى في مختلف أنحاء العالم.
ولكن كيف استطاعت هارفارد أن تعتلي قمة هرم المؤسسات التعليمية والبحثية حول العالم وتحافظ عليه؟
لكي نفهم ظاهرة نجاح هذه المؤسسة الفريدة، دعنا نتحدث عن هذه الدراسة التي يديرها باحثون في كلية هارفارد لإدارة الأعمال. تعتمد الدراسة على آثار التنوع؛ حيث يمكننا أن نتفق جميعًا على أن هناك فوائد أخلاقية لوجود منظمة متنوعة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن التنوع يُحسّن فعليًا ناتج المؤسسة، وبعبارة أخرى كان الباحثون مهتمين بالعلاقة بين المجموعات المهنية والمجموعات الاجتماعية، إذا كان كل فردٍ في المجموعة المهنية الخاصة بك هو أيضًا من نفس المجموعة الاجتماعية، فهل هذه المجموعة المهنية أكثر إنتاجيةً وابداعًا؟
حيث أخذ الباحثون عدة مئات من طلاب كلية إدارة الأعمال وأعطوهم أدوارًا ومهام معينة، حيث توصلوا إلى أفكار لتحسين الإجراءات أو المهام المُسنَدة إليهم، بالإضافة إلى السماح للزملاء بالتعاون من خلال خدمة الرسائل؛ مما أتاح للباحثين قياس مدى نجاح كل مُشاركٍ في إنجاز مهامهم في بيئة واقعية. وبعد ذلك، تَمَّ تقسيم المشاركين إلى نوعين من المجموعات: كانت المجموعة الأولى متجانسة، حيث كان أبيض وأنثى مولودة في الولايات المتحدة، ومجموعة أخري متنوعة من خلفيات عرقية ووطنية مختلفة. أراد الباحثون معرفة ما إذا كانت المجموعات المُتنوعة الأكثر تنوعًا قد توصلت إلى المزيد من الأفكار الابداعية في مهمة إدارة الجودة الشاملة.
في بداية التجربة، تلقى كل مشاركٍ رسالةً من رئيس الشركة، وقد تضمّن الخطاب أحد نوعين من ثقافات الشركة، كانت الأولى ثقافة فردية حيث يعتمد نجاح الشركة على أشخاصٍ يعملون بمفردهم، والثاني هو ثقافة جماعية حيث يعتمد نجاح الشركة على العمل الجماعي. كما أخبر الرئيس المشاركين أن آدائهم سيتم تقييمه إما على أساس مساهمتهم الفردية أو مساهمة مجموعتهم. ما وجده الباحثون أن التنوُّع حسّن من ابداع المشاركبن فقط عندما اشتركت المؤسسة في قيم جماعية؛ كانت المجموعات المتنوعة في الواقع أقل إبداعًا من المجموعات المتجانسة. عندما يعمل كل فرد في مجموعة غير متجانسة نحو نفس الهدف؛ فيساعد التنوع على امتلاك مجموعة أوسع من الأفكار، ولكن عندما يكون لديك مجموعة غير متجانسة تعمل من أجل هدف مختلف، فإن التنوع يضر لأنه لا يعمل.
قال الباحثون: ” قد يكون لدى الأشخاص غير المتشابهين مجموعة متنوعة من الأفكار المطلوبة لتحقيق مستويات عالية من الإبداع، ولكن في ثقافة فردية قد يتم منعهم من مشاركة هذه الأفكار بسبب افتقارهم إلى الثقة في بعضهم البعض، وفي مثل هذه الثقافة تكون مشاركة المعلومات ووجهات النظر الجديدة محفوفة بالمخاطر بسبب احتمالية النبذ الاجتماعي أو التخفيف من الائتمان الفردي لهذه الأفكار أو المعلومات؛ نظرًا لأن الأفكار الابداعية عادةً ما لا تكون شائعة الاستخدام، حيث تُعَد ثقافة إدارة هارفارد هي متنوعة وفردية حيث يكون التنوع أيديولوجيًا؛ مما يدعم النجاح المهني للعلماء والباحثين والطلاب في جامعتها.
دعنا نتفق أن هناك أسبابًا أخرى قد تكون مدخلًا مناسبًا لفهم ظاهرة نجاح هذه المؤسسة الفريدة ومنها:
أنها تضم طلاباً وهيئة تدريس من شتى بقاع الأرض، وعددًا آخر من اتحادات الطلاب والمنظمات الخدمية والثقافية وطلبة ذات خلفيات اقتصادية واجتماعية وطبقية مختلفة؛ لذا تُوفِّر منحًا مالية متعددة للطلاب الفقراء المميزين من داخل وخارج أمريكا، وكذلك الموارد الأكاديمية والعلمية والمالية التي توفرها لطلابها والتي لا يمكن مقارنتها بموارد أي مؤسسة أخري على مستوي العالم، حيث تضم مكتبتها الجامعية التي تتكون من 80 مكتبة فرعية بها 18.9 مليون إصدار علمي، إضافةً إلى ملايين أخرى من الكتب النادرة والمخطوطات والوثائق المُتاحة لمساعدة الطلاب في أبحاثهم.
ومن الأسباب التي تُعَد عاملًا مؤثرًا في تفوق جامعة هارفارد هي فُرص التوظيف التي يَحظي بها خريجوها. تخرَّج حوالي 32 طالبًا من هارفارد أصبحوا فيما بعد رؤساء أو ملوكًا في دولهم، وكذلك تخرًّجت أعدادٌ كبيرة من المفكرين المرموقين والساسة والممثلين والموسيقيين.
كتابة: أحمد خالد
مراجعة: محمود وحيد
تصميم: محمد خالد
تحرير: نهى عمار